صنعاء – تسارعت وتيرة الانهيارات في صفوف ميليشيا الحوثي في العديد من جبهات القتال من شرق اليمن إلى غربه إلى شماله مبرزة حالة غير مسبوقة من الارتباك والتخبط سببها كثرة الخسائر البشرية والمادية التي لحقت بالجماعة المتمرّدة، وفقدانها أعدادا هامّة من كبار قادتها الميدانيين، في ظلّ ضيق هامش المناورة السياسية والعسكرية أمامها بعد أن فقدت ظهيرا مهمّا لها في صراعها الدامي ممثّلا بحزب الرئيس السابق علي عبدالله صالح والقوات الموالية له.
وتؤشّر انهيارات الحوثي من جهة مقابلة على تقدّم كبير في جهود تحرير اليمن عن طريق الخيار العسكري الذي تلوح علامات كثيرة على أنّ التحالف العربي القائد لتلك الجهود قد اتّخذ قراره الحاسم بشأنه، بعد أن انسدت بشكل كامل سبل الحلّ السياسي مع انعدام الطرف المحاور الذي يمكن اتخاذه شريكا في مثل ذلك الحلّ.
وفي محافظة الجوف حققت قوات الجيش الوطني مدعومة من قبل التحالف العربي المزيد من الانتصارات مع تحرير أجزاء واسعة من مديرية خب والشعف أكبر مديريات المحافظة، حيث تم تحرير منطقة اليتمة على الحدود السعودية واكتملت السيطرة على الخط الدولي الرابط بين محافظتي الجوف وصعدة معقل الميليشيات الحوثية، كما تقدم الجيش إلى سلسلة جبال حام في مديرية الزاهر والتي تشرف على ثلاث مديريات مازالت تحت سيطرة الميليشيا.
وفي محافظة البيضاء جنوبي صنعاء أحرز الجيش الوطني والمقاومة الشعبية العديد من الانتصارات في مديريتي نعمان وناطع وتقدما باتجاه مديرية الملاجم التي تشرف على الخط الرئيسي الرابط بين العاصمة ومركز محافظة البيضاء.
وفي المنطقة الواقعة بين محافظتي لحج وتعز في جبهة طور الباحة، تمكّن الجيش الوطني من استعادة مواقع هامة من بينها مفرق وادي شعب وسوق الخميس ووادي صبيح وجبل موجب.
كما تمكنت قوات الجيش الوطني من الاستيلاء على مخازن أسلحة وعتاد حوثية من بينها عربات مدرعة في جبهتي الساحل الغربي ونهم، الأمر الذي يؤكد ضعف القيادة والسيطرة لدى الميليشيات الحوثية في ظل مصرع العشرات من كبار قادتها الميدانيين.
هامش المناورة ضاق على الحوثيين بفشلهم في احتواء قادة حزب المؤتمر وإقناعهم بالعودة إلى الشراكة الصورية معهم
ويرى مراقبون يمنيون في إقدام الحوثيين في الآونة الأخيرة على القيام بمغامرات عسكرية كما حدث في مدينة الخوخة التي هاجمتها الميليشيات بالعشرات من الانتحاريين ولجوء بعض عناصر الجماعة إلى قتل نفسها قبل أسرها، دلائل على حالة التخبط واليأس التي تعيشها الميليشيات.
ونقلت وسائل إعلام يمنية عن رئيس هيئة الأركان العامة بالجيش اليمني، طاهر العقيلي، تأكيده على جهوزية قوات الجيش الوطني لمواصلة عملياتها العسكرية وتقدمها باتجاه العاصمة صنعاء.
ونقلت وكالة الأنباء اليمنية “سبأ” عن العقيلي قوله في اتصال هاتفي مع الرئيس عبدربه منصور هادي “إن بشائر النصر تلوح في الأفق، وأن الميليشيا الانقلابية تجر أذيال الخيبة والهزيمة وتتكبد خسائر كبيرة في الأرواح والمعدات”.
وأرجع المحلل السياسي اليمني فارس البيل في تصريح لـ”العرب” سبب الانهيار المتسارع الذي تشهده جبهات الحوثي إلى انكشاف الغطاء السياسي عن الحوثيين وفقدانهم لعوامل القوة السياسية واللوجستية والعسكرية التي كانت تسندهم من المؤتمر الشعبي العام وتوسع دائرة السخط عليهم وخوف الوجاهات القبلية من انقلاب الحوثيين عليها.
وفي تطور سياسي يهدف إلى ملء الفراغ الذي خلّفه فضّ الحوثيين للشراكة مع حزب المؤتمر وقتل الرئيس السابق علي عبدالله صالح وعدد من قيادات الحزب، أصدرت الجماعة الحوثية، الاثنين، العشرات من القرارات تضمنت تعيين وزراء ومحافظين وقادة لأجهزة المخابرات، أطاحت في مجملها بمن تبقى من عناصر حزب المؤتمر الشعبي العام. كما شملت القرارات تعيين محافظين بشكل صوري في مناطق خاضعة لسيطرة الشرعية بهدف رفع معنويات الموالين للانقلاب.
وجاءت هذه القرارات وفقا لمصادر سياسية عقب فشل الحوثيين في احتواء حزب المؤتمر وإقناع قادته بالعودة إلى الشراكة الصورية، وهو ما دفع الحوثيين إلى المضي قدما في اتجاه مواجهة التحديات الداخلية والخارجية بشكل منفرد.
العرب اللندنية