استكملت روسيا تعزيز قدراتها الدفاعية في شبه جزيرة القرم، إذ نشرت كتيبة ثانية من أنظمة صواريخ أرض– جوّ من طراز «أس-400»، وُضعت في حال «جاهزية قتالية»، مستبقةً بدء الولايات المتحدة تنفيذ قرارها تزويد أوكرانيا «أسلحة متطورة».
تزامن ذلك مع نشر صحيفة «هافينغتون بوست» مسوّدة وثيقة مسرّبة ترجّح مواصلة إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترامب تطوير أسلحة نووية جديدة، وتترك الباب مفتوحاً أمام إمكان رد ذري على أي هجمات ضخمة غير نووية. وكان الرئيس السابق باراك أوباما أعلن نيته الحدّ من دور تلك الأسلحة، في آخر مرة صيغت فيها وثيقة عام 2010. لكن مسوّدة الوثيقة التي أعدّتها إدارة ترامب رأت ثبوت عدم صحة افتراضات عهد أوباما بوجود عالم تقلّ فيه أهمية الأسلحة النووية، مبدية تقبلاً أكبر لفكرة استخدام أسلحة نووية، بصفتها قوة ردع للخصوم. كما أيّدت تحديثاً باهظ التكلفة لترسانتها القديمة، يُقدّر بـ1.2 تريليون دولار في العقود الثلاثة المقبلة. ونبّهت المسوّدة إلى أن روسيا والصين تحدّثان ترسانتيهما من الأسلحة النووية، محذرة من أن استفزازات كوريا الشمالية النووية «تهدد السلام الإقليمي والعالمي».
إلى ذلك، شارك قائد الجيش الرابع الروسي قائد الدفاع الجوي فيكتور سيفوستيانوف في مراسم نُظمت للمناسبة في قاعدة سيفاستوبول الروسية في شبه الجزيرة أمس. وأعلن الجنرال الروسي دخول الكتيبة الثانية من الصواريخ المتطورة «الخدمة الميدانية»، بعدما كانت موسكو نشرت مجموعة أولى من «أس-400» قرب ميناء فيدوسيا في القرم ربيع العام الماضي.
وأشار سيفوستيانوف إلى أن أنظمة الدفاع الجوية الروسية باتت «مكتملة، وتؤمّن قدرات دفاعية تغطي كل أراضي شبه الجزيرة، وتعزّز الدفاع عن المناطق الغربية الجنوبية من روسيا»، مضيفاً أن «قدرات الدفاع الروسية المتكاملة في القرم باتت مزودة تقنيات عسكرية حديثة لا مثيل لها».
وفي حين وفرت الكتيبة الأولى من «أس400» حماية للشاطئ الشرقي لشبه الجزيرة الذي يربطها مع روسيا، نشرت الكتيبة الثانية قرب سيفاستوبول (جنوب غرب) ما منحها أهمية كبرى لحماية القاعدة العسكرية من هجمات أوكرانية محتملة.
ونقلت وكالة أنباء «إنترفاكس» عن سيفوستيانوف أن «أنظمة الدفاع الجوي الجديدة وضعت في حال جاهزية قتالية ويمكن أن تتحول إلى وضع قتال في أقل من خمس دقائق».
وتزامن تسريع المرحلة الثانية من نشر الصواريخ الروسية في القرم، مع تصاعد التوتر مع الغرب، خصوصاً مع الولايات المتحدة التي أعلنت أخيراً، توجهها إلى تزويد أوكرانيا أسلحة «فتاكة»، بعدما امتنعت لسنوات عن اتخاذ قرار مماثل. وحذرت موسكو من أن حصول الجيش الأوكراني على مضادات جوية فعالة وتقنيات دفاعية مضادة للدبابات ستكون له عواقب وخيمة، لجهة أنه «يشجع كييف على إعادة إشعال الجبهات في شرق البلاد الهادئة نسبياً خلال الشهور الأخيرة».
وتعد أنظمة «أس-400» الأحدث من نوعها لدى روسيا، وهي قادرة على إسقاط أهداف محمولة جواً على مسافة 400 كيلومتر ومواجهة صواريخ باليستية على مسافة 60 كيلومتراً.
في غضون ذلك، نقلت وكالة «تاس» الروسية للأنباء عن نائب وزير الخارجية الروسي سيرغي ريابكوف وصفه جولة جديدة من العقوبات المتوقع أن تفرضها الولايات المتحدة على موسكو بأنها محاولة للتأثير في الشؤون الداخلية الروسية قبل انتخابات الرئاسة المرتقبة في 18 آذار (مارس) المقبل.
ويتوقع أن تفرض واشنطن عقوبات جديدة على روسيا ربما بحلول أوائل شباط (فبراير) المقبل، بسبب تدخلها المزعوم في الانتخابات الرئاسية الأميركية في 2016. ونفت روسيا ذلك مراراً.
وقال ريابكوف لـ «تاس»، إن موسكو تتوقع أن تتقدم الولايات المتحدة بتقريرين مناهضين لروسيا في شأن العقوبات. ورجّح أن يزيد أحدهما عدد المسؤولين والشركات الروسية في لائحة العقوبات، فيما سيتناول التقرير الآخر في شكل تحليلي هل أن تلك العقوبات أثبتت فاعليتها. وقال: «نرى ذلك بصفته محاولة أخرى للتأثير في وضعنا الداخلي، خصوصاً قبل الانتخابات الرئاسية».