بعد سلسلة من التصريحات التي أعلن فيها تأييده ترشح عبد الفتاح السيسي لفترة رئاسية ثانية أعلن رئيس حزب الوفد المصري السيد البدوي ترشحه للانتخابات، الأمر الذي ربطه مراقبون بخلو الساحة من أي مرشح في انتخابات تبدو نتائجها معروفة قبل أن تبدأ.
ومن المتوقع أن يعلن حزب الوفد اليوم السبت رسميا ترشيح البدوي بعد الاجتماع المقرر للهيئة العليا للحزب، وذلك بعد سلسلة اجتماعات طارئة أجريت في اليومين الماضيين كان مهندسها عضو الهيئة العليا بهاء الدين أبو شقة الذي يتولى ابنه محمد موقع الممثل القانوني والمتحدث الرسمي باسم حملة السيسي لانتخابات الرئاسة.
وكان حزب الوفد قد أعلن في بيان في 12 يناير/كانون الثاني الجاري أنه لن يكون له مرشحا في الانتخابات الرئاسية المزمعة إقامتها نهاية مارس/آذار المقبل، وأكد تأييده ترشح السيسي لولاية ثانية.
وقال الحزب “لأننا نعرف من هو الرئيس عبد الفتاح السيسي وما يملكه من إرادة وعزيمة فإنه الوحيد القادر على تحقيق إنجاز ظل المصريون يحلمون به لأكثر من ستين عاما، وذلك في دورته الرئاسية الثانية، وهو إقامة نظام ديمقراطي سليم وحقيقي”.
مرشح يؤيد منافسه
كما أن البدوي نفسه أعلن في مرات عدة تأييده السيسي، وتأكيده عدم وجود مرشح قادر على منافسته، حيث قال في مقابلة مع صحيفة الشروق قبل أيام “الانتخابات ديمقراطية جدا، لكن السيسي حينجح (..) وليس عيبا أن يكون مرشحا وحيدا”.
وقبل أيام ظهر البدوي في مقابلة تلفزيونية أعلن فيها تأييده ترشح السيسي لولاية ثانية، ووصفه بأنه “طوق النجاة لمصر”.
وفي نوفمبر/تشرين الثاني الماضي أعلن في مقابلة تلفزيونية أيضا أن حزب الوفد لا يملك مرشحا ينافس السيسي، وتابع “من خبرتي السياسية أقول إنه لا يوجد هناك من يستطيع منافسة الرئيس عبد الفتاح السيسي في الانتخابات القادمة، ولو كان لدينا منافس له لرشحناه”.
بل إن وسائل إعلام مصرية تحدثت عن أن البدوي قام بعمل توكيل للسيسي في دائرة الشهر العقاري كواحد من عشرات الآلاف الذين قاموا بهذه الخطوة خلال الأيام القليلة الماضية.
الكومبارس
وتتناقض هذه التصريحات والمواقف من حزب الوفد ورئيسه مع إعلان ترشيح البدوي، ولا سيما أنه جاء بعد يوم واحد من إعلان المرشح خالد علي انسحابه من السباق الانتخابي، وبعد أن تمكن السيسي من إبعاد كل من الفريق سامي عنان، والفريق أحمد شفيق عن الترشح عبر سجن الأول، ووضع الثاني تحت إقامة إجبارية بعد محاولة احتجازه في دولة الإمارات.
ووصف سياسيون ومحللون ترشح البدوي بأنه بمثابة “كومبارس” أو “دوبلير”، معتبرين أن السيسي بحاجة إلى مرشح ينافسه شكليا، حيث انتقد الرئيس السابق لوكالة الطاقة الذرية محمد البرادعي “استئجار دوبلير” لمحاولة إقناع الجمهور بأنه يشارك في مشهد ديمقراطي.
واللافت أن قياديا بارزا في حزب الوفد أكد أن تغير موقف الحزب جاء لإنقاذ شكل العملية الانتخابية، فقد قال عضو الهيئة العليا للحزب ياسر الهضيبي لإحدى القنوات المصرية أمس الجمعة إن قرار ترشيح البدوي جاء “لأنه لا يوجد مرشح غير السيد الرئيس”.
وقال الهضيبي “سبق أن قررت الهيئة العليا في اجتماع قبل أسبوعين دعم الرئيس السيسي، حيث صوت أربعون لصالح القرار مقابل رفض أربعة”.
وأضاف “الذي تغير هو أن هناك متغيرات خارجية وإقليمية وداخلية متعلقة بالعملية الانتخابية، وأنه لا يوجد مرشح غير السيد الرئيس، مما يجعل من يكيدون المكائد للشعب المصري والثورة المصرية يشككون بشرعية السيد الرئيس، وهذا أمر لا يروق لحزب الوفد الذي يمثل الضمير الوطني المصري”.
وسبق إعلان البدوي ترشحه للانتخابات أن غرد سياسيون وإعلاميون معروفون بقربهم من السيسي وعلاقاتهم بأجهزة أمنية مصرية في صيغة بدت موحدة تطالب حزب الوفد بالدفع بمرشح ينافس في الانتخابات بعد إعلان خالد علي انسحابه من سباق الانتخابات.
لكن طريق البدوي نحو الدخول في سباق الرئاسة قد تواجهه عقبات قانونية، ولا سيما أنه محكوم بالسجن في عدد من القضايا بشكل قطعي، إضافة إلى تلويح أعضاء وقياديين في الحزب ومحامين بأنهم سيتجهون للطعن في ترشحه للانتخابات في حال أقدم على هذه الخطوة.
غير أن نشطاء مصريين عبر منصات التواصل اعتبروا أن أحكام السجن ربما استخدمت في تهديد البدوي بتفعيلها في حال لم يقبل المنافسة الشكلية مع السيسي، في حين عبر آخرون عما وصفوه بـ”حزنهم” للمشهد الذي انتهى إليه حزب الوفد الذي قالوا إنه قاد مصر في واحدة من أهم مراحلها التاريخية جعلت مؤرخين يطلقون عليه وصف “بيت الأمة” لينتهي به المشهد -بحسب هؤلاء- ليكون رئيسه مجرد “محلل” لزواج السيسي من الرئاسة، على حد وصفهم.
ويبدو أن مشهد تنصيب السيسي -الذي يرى سياسيون أنه بات مسألة وقت- يلخص المشهد السياسي لدى نظام لم يكتف بقتل وسجن معارضيه بل انتقل إلى منع منافسته من العسكر أنفسهم لتصل أزمته حد البحث عن منافس يخسر أمام “السيد الرئيس” في انتخابات مارس/آذار القادم.
المصدر : الجزيرة + وكالات,مواقع التواصل الإجتماعي,الإعلام المصري