حضّ الرئيس الروسي فلاديمير بوتين مواطنيه على الاقتداء بـ «براعة الأجداد الذين دافعوا عن ستالينغراد» خلال الحرب العالمية الثانية، والتخلّي عن «التردد وعدم الاكتراث»، مشدداً على أهمية الصدق من أجل «التوصّل إلى الأهداف المحددة».
أتى ذلك أثناء إحياء روسيا للمرة الأولى، الذكرى الـ75 لنصرها في معركة ستالينغراد، بعد نحو سنة على توقيع بوتين مرسوماً للاحتفال بهذه الذكرى، في معركة يرى بعضهم أنها غيّرت مسار الحرب ومهّدت لهزيمة الجيش النازي وتقدُّم الجيش الأحمر نحو مناطق أخرى في روسيا وأوكرانيا، وصولاً إلى برلين في أيار (مايو) 1945. وحاصرت القوات النازية ستالينغراد 900 يوم، واستمرت معركتها نحو 200 يوم، تكبّد خلالها السوفيات والنازيون حوالى 3 ملايين عسكري، بين قتيل وجريح، في معركة وُصفت بأنها الأكثر دموية في تاريخ الحرب، ودمّرت غالبية مرافق المدينة ومبانيها. وفي 2 شباط (فبراير) 1943، استسلمت قوات الماريشال الألماني فريدريش فون باولوس، علماً أن هذا الاستسلام كان الأول للجيش النازي منذ بداية الحرب.
وأشاد بوتين بـ «أضخم معركة في الحرب العالمية الثانية، انتصر فيها جيشنا وشعبنا»، وأضاف أمام محاربين قدامى: «هنا برهن شعبنا عن شيمة لا تتزعزع. من هناك انطلقت الطريق التي أفضت إلى إنزال هزيمة ماحقة بالعدو». واعتبر أن «المدافعين عن ستالينغراد تركوا لنا إرثاً عظيماً: حب الوطن، عزيمة الذود عن مصالحه واستقلاله والتصدي بما لدينا من قوة في وجه شتى المحن». وتابع: «سنخطو إلى أمام فقط، وسنقود أجيالاً جديدة، نقدّم لها التقاليد العظيمة لشعبنا العظيم». وحضّ مواطنيه على الاقتداء بـ «براعة الأجداد الذين دافعوا عن ستالينغراد».
وعمّت الاحتفالات غالبية المدن الروسية أمس، في «يوم مجد الحرب»، وشهدت أضخمها مدينة فولغوغراد، علماً ان اسم ستالينغراد أُطلق عليها بين عامَي 1925 و1961، نسبة إلى الزعيم السوفياتي الراحل جوزف ستالين. ومنذ العام 2013، تستعيد المدينة اسم ستالينغراد 6 مرات في السنة، خصوصاً في 2 شباط، ذكرى النصر في معركة ستالينغراد، وفي 9 أيار حين تحتفل روسيا بالنصر على ألمانيا النازية.
ونُظم في المدينة عرض عسكري ضخم، شارك فيه 1500 جندي، بزيّ عسكري حديث أو يعود إلى فترة الحرب، وحضره حوالى 30 ألف شخص. وعرض الجيش الروسي أحدث أسلحته الصاروخية، مثل «أس-400» وصواريخ «إسكندر»، فيما تقدّمت العرض دبابة من طراز «تي-34» التي كان لها دور حاسم في الحرب العالمية الثانية. كما شهد الحضور عرضاً جوياً لأحدث المقاتلات.
ووصف بوتين في أكثر من مناسبة انهيار الاتحاد السوفياتي بحدث درامي كان الأكثر تأثيراً في حياته. واستخدم شعارات الشيوعيين في حملاته الانتخابية السابقة. وعلى رغم تبنّيه سياسة اقتصادية جديدة، إلا أنه حافظ على معظم الدعم الاجتماعي الذي كان يُقدّم للمواطنين في الحقبة السوفياتية. ويحظى بوتين بثقة أكثر من ثلثَي الشعب الروسي، بعدما اتبع سياسة تجمع بين تجارب القياصرة، من دون توجيه انتقادات إلى النظام الشيوعي الشمولي، وتعزيز علاقاته مع الكنيسة الروسية الأرثوذكسية. وبمزيج من شعارات متباينة، وغياب واضح لمعارضة جدية، يُرجّح أن يفوز بوتين بولاية رابعة، في انتخابات الرئاسة المرتقبة في 18 آذار (مارس) المقبل.
سامر إلياس
صحيفة الحياة اللندنية