خلص تقدير موقف للمركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات إلى أنه يُتوقع أن تستمر إسرائيل في الاعتداء على الأراضي السورية وفق الخطوط الحمراء التي وضعتها وطورتها، غير أنه لا يُتوقع أن تقدم على شن حرب شاملة على الوجود الإيراني بسوريا، إلا في حال حصول تغير جذري في المعطيات القائمة.
وقد أصبح خطاب تل أبيب للتصدي للوجود الإيراني بسوريا يحل تدريجيا في العام 2017 محل مواجهة البرنامج النووي الإيراني الذي كان سائدًا في العقدين الماضيين، وإن لم يستبدله نهائيا.
مرامي إيران
وترى القيادة الإسرائيلية أن إيران لا تسعى عبر وجودها العسكري في سوريا للحفاظ على النظام السوري فقط، بل أيضا لتحقيق أهداف أخرى، من بينها الحفاظ على المليشيات الأجنبية التابعة لها هناك، وتعزيز المليشيات السورية التي تأتمر بأمرها.
وهذا السعي الإيراني مرتبط -وفق الرؤية الإسرائيلية- برغبة طهران في التوفر على إمكانية فتح جبهة ضد إسرائيل من الجنوب السوري، إضافة إلى الجنوب اللبناني، عند الحاجة إلى ذلك في حال تعرضها لهجوم أميركي إسرائيلي.
ويقول قادة إسرائيل إن وجود إيران العسكري في سوريا يسهل نقل السلاح -ولا سيما المتطور منه- إلى حزب الله فيلبنان، ويسهل أيضا إقامة تواصل إقليمي بري بين إيران ولبنان مرورا بالعراق وسوريا، مما يمكّن طهران من تحريك قوات عسكرية ونقل أسلحة متطورة إلى سوريا ولبنان.
فشل إسرائيلي
ويشير تقدير الموقف إلى أن التصعيد الكلامي والميداني لإسرائيل تجاه وجود إيران في سوريا يأتي نتيجة فشل تل أبيب في التأثير على اتفاقات مناطق خفض التصعيد بسوريا، وفشلها أيضا في إقامة منطقة عازلة تحت نفوذها في الجنوب السوري على طول الحدود مع هضبة الجولان المحتلة.
كما أن إسرائيل فشلت في إقناع واشنطن وروسيا بالحد من الوجود العسكري الإيراني في سوريا، ولم تحقق مطلبها بإبعاد القوات الإيرانية والمليشيات الموالية لها 60 كلم عن الجولان، فبقيت تلك المليشيات على مسافة 6 كلم من شمال الهضبة المحتلة، ونحو 20 إلى 30 كلم من وسط وجنوب الجولان.
ونتيجة لهذا الفشل في مستوياته المذكورة، رسم إسرائيل خطوطا حمراء للنظام السوري وإيران، وشمل ذلك منع استخدام الأراضي السورية لنقل أسلحة متطورة إلى حزب الله مثل منظومات الدفاع الجوي المتطورة، وصواريخ أرض-أرض البعيدة المدى، وصواريخ أرض-بحر، وطائرات مسيرة.
ومنذ عامين، أضافت تل أبيب إلى هذه الخطوط الحمراء حظر وجود قوات عسكرية تابعة لإيران ولحزب الله ولمليشيات إيران الأخرى في جنوبي سوريا قرب الجولان.
وبناء على هذه الخطوط الحمراء الإسرائيلية، شنت تل أبيب منذ بداية عام 2012 أكثر من 140 هجوما جويا على أهداف سورية، لكنها لم توجه ضربات تستهدف شل قدرة نظام بشار الأسد على مواصلة دوره في الحرب السورية
التنسيق مع روسيا
ومنذ التدخل الروسي العسكري المباشر في سوريا نهاية سبتمبر/أيلول 2015، حرصت تل أبيب وموسكو على التنسيق الدائم بينهما بشأن دور إسرائيل في سوريا. وقد أقرت روسيا “بحق” إسرائيل في قصف أهداف عسكرية داخل سوريا وفق الخطوط الحمراء الإسرائيلية المعلنة. كما شمل التنسيق الحرص على تجنب أي صدام بين الطائرات الإسرائيلية ومنظومات الدفاع الجوي الروسي المقامة هناك.
ورغم عقد نتنياهو سبعة لقاءات مع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين منذ التدخل العسكري الروسي في سوريا، فإن تل أبيب لم تقنع موسكو بالحد من الوجود العسكري الإيراني في سوريا، إذ لا يُتوقع أن تعالج روسيا طلب إسرائيل بشأن الوجود العسكري الإيراني قبل انتهاء الحرب السورية نهائيا، فموسكو بحاجة إلى هذا الوجود لحماية نظام الأسد واستعادة نفوذه في مختلف أنحاء سوريا.
الجزيرة