تصاعدت أمس حدة التوتر بين الإدارة الأميركية والفلسطينيين، مع إصرار الرئيس دونالد ترامب على تحدي التنديد والرفض العربيين والدوليين، في شأن قراره الاعتراف بالقدس «عاصمة لإسرائيل» ونقل السفارة الأميركية إليها، الأمر الذي توقع مسؤول أميركي أن يتم في أيار (مايو) المقبل. ويأتي ذلك غداة تأكيد السفيرة الأميركية في الأمم المتحدة نيكي هايلي أن خطة السلام التي تعدها بلادها «ستنجز قريباً».
ودافع ترامب مجدداً خلال مؤتمر للمحافظين أمس، عن نقل السفارة، واصفاً إياه بـ «الأمر الصواب الذي يجب القيام به». وقال إن دولاً أجنبية مارست عليه ضغوطاً لعدم نقل السفارة، وناشدته عدم القيام بذلك. ولفت إلى أن الحملة ضد نقل السفارة كانت «لا تصدق»، إلا أنه في نهاية المطاف قامت إدارته بـ «الأمر الصواب».
وسارعت تل أبيب إلى الترحيب بنقل السفارة الأميركية في أيار، فيما حذرت السلطة الفلسطينية من «مناخات سلبية» تقوّض «السلام والاستقرار في المنطقة».
وكان مايك بنس نائب الرئيس الأميركي، أعلن في خطاب ألقاه أمام الكنيست الإسرائيلي على هامش زيارته الشهر الماضي، أن بلاده ستنقل سفارتها إلى القدس قبل نهاية العام المقبل، لكن المسؤول الأميركي أبلغ وكالة «رويترز» أمس، أن من المتوقع أن تفتح سفارة الولايات المتحدة في القدس أبوابها في أيار المقبل. ونقلت وسائل إعلام عبرية عن مسؤولين في تل أبيب، أن نقل السفارة سيتزامن مع الذكرى السبعين لإعلان قيام دولة إسرائيل واعتراف الولايات المتحدة بها.
وهنأ وزير المواصلات والاستخبارات يسرائيل كاتس الرئيس الأميركي على قراره. وأعرب كاتس على حسابه في «تويتر» عن امتنانه للإدارة الأميركية، قائلاً إن هذه الخطوة «العادلة والصحيحة» ستكون أفضل هدية للإسرائيليين، فيما قال مصدر في الحكومة الإسرائيلية إن رئيس الوزراء بنيامين نتانياهو على اتصال مع الحكومة الأميركية وسيرد إذا صدر إعلان أميركي رسمي في شأن النقل السفارة.
وقال أمين سر اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير صائب عريقات، اختيار ذكرى النكبة تاريخاً لتنفيذ القرار الأميركي «إمعان في تدمير خيار الدولتين، إضافة إلى استفزاز مشاعر العرب والمسلمين»
وشدد الناطق باسم الرئاسة الفلسطينية نبيل أبو ردينة على أن أي «خطوة أحادية الجانب لا تساهم في تحقيق السلام ولا تعطي شرعية لأحد». وحذر من أن أي خطوات لا تنسجم مع الشرعية الدولية، «ستعرقل أي جهد لتحقيق تسوية في المنطقة، وستخلق مناخات سلبية وضارة». وقال إن «تحقيق السلام الشامل والعادل، يقوم على الالتزام بقرارات الشرعية الدولية، وعلى الأسس التي قامت عليها العملية السلمية وفق مبدأ حل الدولتين لإقامة الدولة الفلسطينية المستقلة وعاصمتها القدس الشرقية على حدود 1967». وزاد: «خطاب الرئيس (محمود عباس) أمام مجلس الأمن الدولي قبل أيّام المستند إلى الشرعية الدولية، هو مفتاح السلام الجدي والوحيد لتحقيق السلام والاستقرار في المنطقة والعالم».
وكانت وكالة «أسوشييتد برس» نقلت عن أربعة مسؤولين في الإدارة الأميركية قولهم، إن البيت الأبيض ينظر إلى مبادرة من شيلدون أديلسون رجل الأعمال الأميركي- اليهودي الأصل المنتمي إلى الحزب الجمهوري، لتمويل المرحلة الأخيرة من أعمال بناء مقر السفارة الجديد في القدس. وأوضح المسؤولون أن البيت الأبيض يدرس شرعية قبول مساهمات من جانب رجل الأعمال لتغطية جزء من تكلفة البناء.
ويأتي ذلك غداة تأكيد هايلي، أن خطة السلام التي تعدها بلادها «اكتملت تقريباً»، بعدما كُشف النقاب عن طلب مبعوث الرئيس الأميركي دونالد ترامب، صهره جاريد كوشنر وموفده إلى الشرق الأوسط جيسون غرينبلات، «دعم» الأمم المتحدة الخطة.
وقالت هايلي رداً على أسئلة في شأن الخطة في معهد السياسات في «جامعة شيكاغو»: «أعتقد أننا في طور إنجازها». وفي ما بدا محاولة لنفي الاتهامات الفلسطينية بأن الخطة منحازة إلى إسرائيل، أكدت هايلي أن «الطرفين (الفلسطيني والإسرائيلي) لن يُعجبا بها، لكن أياً منهما لن يرفضها»، وأشارت إلى أنها «مجرد صيغة لبدء الحديث». وكررت دفاعها عن اعتراف إدارة ترامب بالقدس «عاصمة لإسرائيل»، ولفتت إلى أن «الكونغرس صوت بحماسة» على هذا الأمر. وأضافت أن عدداً من الوزراء «كافحوا وهم خائفون من أن تطبق السماء على الأرض» إذا صدر إعلان من هذا النوع. وزادت أن «السماء ما زالت في مكانها».