ويلاحظ أن الشركات الأوروبية قررت الانسحاب من طهران حتى قبل بدء الحظر، وهو ما يشير بوضوح إلى أنها تتخوف من أميركا أكثر من دولها ويؤكد في ذات الوقت، أن جل أوراق الضغط المالي والتجاري بيد أميركا.
ويتوقع خبراء أوروبيون أن هنالك احتمالا ألا تتمكن المجموعة التي تحولت عملياً من (مجموعة السبع) إلىمجموعة (6 زائد واحد)، من صياغة بيان ختامي في هذه الدورة. وتضم المجموعة كلا من فرنسا وبريطانيا وألمانيا واليابان إيطاليا، وكندا التي تقف في صف واحد ضد سياسات ترامب وأميركا.
وبات البون شاسعاً بين واشنطن وكبار شركاء النظام الرأسمالي الديمقراطي. ومنذ صعود ترامب للسلطة تحول الخلاف إلى نقاط جوهرية حيث أصبح خلافاً استراتيجياً، بين إدارة أميركية لا تؤمن بحرية التجارة والانفتاح الاقتصادي والكتل التجارية وقوانين منظمة التجارة العالمية، ودول تؤمن بعكس ذلك.
ويرى ترامب بضرورة إعادة التفاوض التجاري من جديد بين بلاده وشركاءها التجاريين على أساس (ثنائي وليس متعددا)، وبالتالي تشعب الخلاف بين واشنطن وعواصم المال في البلدان الرأسمالية ليشمل عدة قضايا.
لكن أهم ما طفح منها حتى الآن الرسوم الجمركية التمييزية التي فرضتها أميركا على بعض السلع وبحجة الاضرار بالأمن القومي، وانسحاب ترامب من الاتفاق الإيراني وتهديده بفرض إجراءات حظر أكثر تشدداً من السابق على إيران.
وبالتالي، فإن أميركا تملك القدرة عملياً على التحكم في الشركات الأوروبية واليابانية والكندية، أكثر من دولها. وذلك ببساطة، فإن الشركات العالمية الكبرى التي ترفض الانصياع لهيمنة واشنطن، ستجد نفسها خارج السوق الأميركي الضخم الذي يقدر حجمه الاستهلاكي بأكثر من 11 ترليون دولار سنوياً، كما ستجد نفسها كذلك خارج شبكة التحويلات المالية “سويفت”، وربما يحظر عليها التعامل بالدولار.
من هذا المنطلق يملك ترامب جميع أوراق اللعبة المالية والتجارية، مقارنة بشركائه في التجارة في أوروبا وآسيا.
ويقدر حجم الاقتصاد الأميركي بحوالى 19 ترليون دولار، وهو يساوي تقريباً حجم اقتصاديات باقي مجموعة السبع.
وسط هذا الخلاف العميق، رجحت مصادر أن تطرح فرنسا وكندا سيناريوهات جديدة، منها تحول المجموعة إلى “6+1” بسبب مواقف ترامب المغايرة للدول الست.
وتعترف الدول الأعضاء في مجموعة السبع الكبرى بأنها عاجزة عن تغيير موقف ترامب أو تليينه، سواء تعلق الأمر باتفاق باريس للمناخ أو بالاتفاق النووي الإيراني، أو الرسوم الجمركية، رغم الحديث المتواصل عن حماية المصالح التجارية الذي يتكرر في بروكسل.
وحسب وكالة فرانس برس، أعلن الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، ورئيس الوزراء الكندي جاستن ترودو خلال لقائهما في أتاوا الكندية الأربعاء، أنهما ليسا مستعدين “للقبول بكل شيء من أجل أن يصدر بيان مشترك” مع الولايات المتحدة عن قمة مجموعة الدول الصناعية السبع الكبرى التي تلتئم في كيبيك يومي الجمعة والسبت.
من جانبه، قال كبير المستشارين الاقتصاديين للبيت الأبيض، لاري كودلو، إن سياسة الولايات المتحدة، تتحدد وفقا للمصلحة القومية وليس حسب قواعد منظمة التجارة العالمية. جاء ذلك خلال تعليقه على فرض إدارة ترامب، رسوماً جمركية على واردات البلاد من الفولاذ.
وقال كودلو: “الولايات المتحدة مرتبطة بمصالحها القومية أكثر من أي شيء آخر”. وأضاف المستشار، خلال مؤتمر صحافي في واشنطن قبل يومين من انطلاق أعمال قمة مجموعة السبع في كيبيك، أن “المنظمات الدولية المتعددة الأطراف لن تملي السياسة الأميركية. أعتقد أن الرئيس كان شديد الوضوح في هذه المسألة”.
ومقابل الإصرار الأميركي على الرسوم والسياسات الحمائية، أعطى أعضاء الاتحاد الأوروبي دعماً واسعاً لخطة المفوضية الأوروبية لفرض رسوم جمركية على صادرات أميركية بقيمة 2.8 مليار يورو (3.3 مليارات دولار) رداً على ما تراه إجراء غير قانوني من قبل واشنطن.
من جانبها ردت كندا بفرض رسوم جمركية انتقامية على ما تصل قيمته إلى 16.6 مليار دولار كندي (12.8 مليار دولار) من الصلب والألمنيوم الأميركي وكذا قائمة متنوعة من المنتجات الأميركية الأخرى.