الغامض حيا وميتا.. هل قتل عمر سليمان بسوريا؟

الغامض حيا وميتا.. هل قتل عمر سليمان بسوريا؟

جدد  اللواء المتقاعد من المخابرات الحربية المصرية محمود زاهر الجدل حول ملابسات مقتل المدير السابق للمخابراتعمر سليمان، مشيرا إلى أنه قتل في تفجير الخلية الأمنية في دمشق عام 2012  حينما كان يحضر اجتماعا أمنيا “دوليا” على مستوى عال، وهي رواية تجد مبرراتها في الظروف الملتبسة لوفاة سليمان.

زهران، الذي قال إنه خدم مع اللواء سليمان عندما كان رئيس أركان اللواء 116 وفي أماكن أخرى،  أكد أن الراحل “استشهد” ومعه مجموعة ضخمة من مسؤولي مخابرات العديد من الدول، وحدثت خيانة داخل المركز حصل خلالها التفجير.

وكان تفجير الخلية الأمنية -الذي تبنته المعارضة السورية المسلحة- قد حصل داخل مبنى الأمن القومي في دمشق في 18 يوليو/تموز 2012، وقتل فيها وزير الدفاع داود راجحة ونائبه العماد آصف شوكت ومدير مكتب الأمن القومي هشام بختيار ورئيس خلية الأزمة العماد حسن تركماني، بينما نجا وزير الداخلية اللواء محمد الشعار.

اجتماع مصيري
ويؤكد  زاهر أن الكثيرين نصحوه بعدم  التطرق لهذه الواقعة، ولكنه أصر على الحديث، لافتا إلى أن اللواء سليمان -الذي أصبح رئيسا لجهاز المخابرات عام 1991- كان في ذلك الاجتماع لوضع خطط للمنطقة لو تمت ما شهدت ما تشهده الآن”، حسب  تعبيره

ويدور الحديث منذ عام 2012 عن تصفية سليمان، وتفيد الرواية الرسمية بوفاته في 19 يوليو/تموز 2012 -بعد يوم من تفجير دمشق- في مستشفى كليفلاند بالولايات المتحدة أثناء خضوعه لعملية جراحية بالقلب، بعد معاناته من اضطرابات في الصمام وتدهور صحته المفاجئ.

وكانت مصادر مختلفة غير رسمية قد أشارت منذ عام 2012 إلى مقتل سليمان في تفجير دمشق. وأكد المعارض السوري البارز هيثم المالح يوم 4 ديسمبر/كانون الأول أنه يمتلك معلومات تفيد بإصابة اللواء عمر سليمان إصابة بالغة في تفجير الخلية الأمنية في دمشق، وأنه نقل على وجه السرعة إلى الولايات المتحدة حيث توفي هناك.

وأشار المالح  إلى أن سليمان حضر الاجتماع -الذي كان آنذاك من أجل بحث ملف الأسلحة الكيميائية في سوريا- بتكليف مباشر من حاكم دبي، وضم مسؤولي أجهزة استخبارات من عدة دول منها تركيا والولايات المتحدة وإسرائيل.

وأكد  المعارض السوري أن الصورة التي تناقلتها بعض مواقع التواصل الاجتماعي لجثة اللواء عمر سليمان وهي شبه متفحمة صحيحة.

النهايات الغامضة
ويوصف عمر سليمان -الذي ولد عام 1934 لعائلة ميسورة في قنا وانضم للقوات المسلحة عام 1954- بأنه “عيون وآذان مبارك” و”رجل الظل” و”حقيبة الأسرار”، حيث تولى منصب مدير المخابرات العامة، وأدار ملفات حساسة للسياسة الخارجية المصرية في عهده، وأعلن تنحيه عن السلطة في 11 فبراير/شباط 2011 إثر ثورة 25 يناير.

واستلم  سليمان “مهمات خاصة”، بينها ملف النزاع الإسرائيلي الفلسطيني، حيث رعى العديد من الاتفاقات بين الجانبين، كما لعب دورا مهما في وقف إطلاق النار بين إسرائيل وحركة المقاومة الإسلامية (حماس) إثر الحرب الإسرائيلية على غزة عام 2009.

وإذا كانت فرضية مقتل سليمان في تفجيردمشق تجد مسوغاتها في إعلان وفاته بعد يوم من تفجير دمشق الغامض بدوره ومع خبر مقتل بن عوزيز شامير قائد جهاز المعلومات الخارجية في جهاز الشاباك الاستخباري الإسرائيلي فيالنمسا، فإن الحديث المتواتر عن تصفيته في دمشق أو الولايات المتحدة تجد مبرراتها في دور الرجل ووزنه، وعلاقته بالولايات المتحدة وإسرائيل، وعيونه وآذانه التي لم تغفل ملفا من ملفات الداخل والخارج.

وكان رئيس مصلحة الطب الشرعى المصري سابقا الدكتور فخري صالح أكد بدوره أن هناك شبهات ودلائل على مقتل اللواء عمر سليمان، وشبهات بتورط إسرائيل. وأكد أن سليمان كان رجلا رياضيا، وأن نتيجة التقارير الطبية حول مقتله لا تتناسب مع حالته الصحيه ونشاطه المعروف.

وتشير التقديرات إلى أن عمر سليمان كان بحكم عمله وعلاقاته أكبر مخزن معلومات عن أسرار التعاون الاستخباري الأميركي المصري، كان بعضه بعلم القيادة المصرية، بينما كانت أنشطة أخرى في الخفاء.

وكما في إزاحة  الكثير من السياسيين ورجال المخابرات -ربما أبرزهم رجل الأعمال المصري أشرف مروان الذي قيل إنه انتحر في ظروف غامضة بـلندن وتؤكد الموساد أنه كان عميلا لها بينما تؤكد القاهرة أنه كان عميلا مزدوجا- يفترض أنه باختفاء اللواء سليمان تجفف أهم روافد المعلومات عن حقبة مهمة كان فيها حامل مفاتيح دولة مبارك السرية والعلنية و”شاهد ملك” على “تصرفات” وتحولات و”صفقات” في مصر والمنطقة.

زهير حمداني

الجزيرة