شهد الأردن خلال الأيام الماضية احتجاجات شعبية في العاصمة عمان ومحافظات أخرى على مشروع قانون ينص على زيادة الاقتطاعات الضريبية من مداخيل المواطنين أدت إلى استقالة حكومة الدكتور هاني الملقي وتكليف الدكتور عمر الرزاز بتشكيل حكومة جديدة، الذي يُوصَف بالنَّزاهة ونظافَة اليَد، والعُمق الأكاديمي والخِبرة الإداريّة.وبهذه الإستقالة يؤكد الملك عبدالله الثاني ابن الحسين عدم قبوله باستمرار معاناة أبناء شعبه، مشيرًا إلى أن الاحتجاجات الشعبية الأخيرة جعلته يشعر بالسعادة. وأعرب الملك خلال لقائه في قصر الحسينية اليوم الاثنين، عددا من مدراء الإعلام الرسمي ورؤساء تحرير صحف يومية ونقيب الصحفيين وكتّابا صحفيين، عن تقديره لحجم الضغوطات المعيشية التي تواجه المواطن.وقال” تعلمت من سيدنا، الله يرحمه، أن أكون إلى جانب أولادي وبناتي وأخواني المواطنين الأردنيين”. وأضاف ” ما رأيته خلال الأيام الماضية يجعلني أشعر بالسعادة وأتشرف بأنني أردني”. وأكد الملك عبدالله الثاني وقوفه دائما وأبدا إلى جانب شعبه، “المواطن معه كل الحق، ولن أقبل أن يعاني الأردنيون”.وعبر “عن فخره بما شاهده من تعبير حضاري من الشباب الأردني في الأيام الماضية، والتي تعكس حرصهم على تحقيق مستقبل أفضل لهم، وقال جلالته “كل الأردنيين يعملون من أجل مستقبل أفضل لوطنهم وكيف نمضي إلى الأمام بثقة وعزيمة”.
وهذا الموقف الملكي السامي بنُصرة الشعب، ليس بالغريب ، فدائماً نجد الملك عبدالله الثاني نصيراً للشعب، لأنه يأبى أن يكون الشعب مقهوراً أو مظلوماً. لأن الملك الإنسان عبدالله الثاني، يعلم أنَّ شعبه شعب أبيٌّ وشامخ، يصبر حتى يكِلُّ الصبر من صبره، لأنَّ الشعب صادق الانتماء للأردن الغالي، وصادق الولاء للعرش الهاشمي، وإذا كان للشعب صرخة، فإن جلالته يبادر فوراً بإنصاف الشعب. من هنا، نجد العلاقة الوطيدة بين الشعب والملك الإنسان عبدالله الثاني بن الحسين المعظم، علاقة وولاء وطاعة، علاقة حب وعشق، علاقة حميمة، علاقة أسرة هاشمية واحدة.
ونظرًا للمكانة الاستراتيجية التي تتميز بها المملكة الأردنية الهاشمية ولمعالجة الأزمة الاقتصادية في المملكة، وأن استقرارها السياسي والأمني ينعكس بشكل كبير على دول الجوار العربي وخاصة الخليجي، أجرى الملك سلمان بن عبدالعزيز اتصالات مع الملك عبدالله الثاني وأمير الكويت الشيخ صباح الأحمد الجابر الصباح وولي عهد أبوظبي الشيخ محمد بن زايد آل نهيان. دعاهم لعقد اجتماع رباعي في مكة المكرمة يضم السعودية والإمارات والكويت والأردن لبحث سبل دعم الأردن للخروج من الأزمة الاقتصادية التي يمر بها. وربّما للمَرّة الأُولى منذ تَولِّي الملك عبدالله الثاني العَرش خَلفًا لوالده الراحل عام 1999، يذهب إلى الحجاز ومدينة مكّة المكرمة دُرّتها من مَوقِعٍ قويٍّ مَدعومًا بإرادةٍ شعبيّةٍ وبإدارةٍ مُتميِّزةٍ للأزمة نَجحَت في امتصاص الجُزء الأكبَر من احتقانٍ داخليٍّ كان من المُمكن أن يُؤدِّي انفجاره على المِنطَقةِ بأسْرِها.
عقدت القمة وانتهت بتقديم حزمة مساعدات تصل قيمتها 2.5 مليار دولار تتوزع على أربعة بنود، هي وديعة في البنك المركزي الأردني، مع تقديم ضمانات إلى البنك الدولي لمصلحة الأردن، وتقديم دعم سنوي لميزانية الحكومة لمدة خمس سنوات، إضافة إلى تمويل صناديق التنمية لمشاريع إنمائية. وفي ختام القمة، قال جلالة الملك عبد الله الثاني، اليوم الاثنين، إن اجتماع مكة المكرمة هو تجسيد حقيقي للإخاء والتضامن العربي. وجاء ذلك في تغريدة كتبها جلالته عبر صفحته على تويتر وتاليا نصها:”نقدر عاليا الموقف المشرف للأشقاء في المملكة العربية السعودية والكويت والإمارات، وعلى رأسها المبادرة الطيبة من أخي الملك سلمان بن عبدالعزيز تجاه وطننا في ظل التحديات التي تواجهه. اجتماع مكة المكرمة هو تجسيد حقيقي للإخاء والتضامن العربي. حفظ الله الأمة العربية وحفظ الأردن العزيز”.
يمكن القول أن تجاوب الملك عبدالله الثاني مع احتجاجات السلمية لأبناء وطنه كان قد قدّم الخير الكثير لوطنه، كما قدم ذلك الخير لدول الجوار، فليس قدرة كل ملك أو رئيس استيعاب اللحظة التاريخية وتقييمها بشكل صحيح، فلم يتعالى الملك عبدالله الثاني عن مطالب مواطنيه في تلك اللحظة التاريخية بل استجاب لها وذلك نابع من حس المسؤولية الذي يمتلكه، فهو لم يتجاوز على تلك المطالب كما فعل غيره من الحكام العرب، إذ كان قمعهم هو الرد على مطالبهم الساعية إلى التغيير، وكانت النتيجة التي يعرفها الجميع.
خلاصة القول إن استجابة الملك عبدالله الثاني الثاني لمطالب مواطنيه في التغيير إذ تؤكد هذه المناسبة دلالات الانسجام والتوافق الوطني وتلاحم القيادة مع الشعب نحو تعزيز المنجزات والبناء، وتشكل هذه الاستجابة الأردن نموذجاً للدولة القوية الراسخة، وترسيخ مبادئ الديمقراطية والحرية وصون حقوق الإنسان وتعزيز الحوار وقبول الآخر وإرساء مبادئ سيادة القانون. ففي عهد الملك عبدالله الثاني عبر الأردن محطات مهمة ، حملت في طياتها الكثير من التحديات التي واجهها الأردنيون بعزيمة وتصميم وإرادة، وحمل كل عام في عهده هدفاً وطنياً مستنداً إلى مطالب الشعب والقائد في تعزيز الأمن والاستقرار والحرية والازدهار في وطن لم يتخل يوماً عن ثوابت عقيدته وقناعاته ومبادئه.
وحدة الدراسات العربية
مركز الروابط للبحوث والدراسات الاستراتيجية