يخفي ضبط النفس الذي تبديه الصين حيال نيران الحرب التجارية الأميركية، التي ستدخل مرحلة جديدة هذه الليلة بتطبيق رسوم جديدة عليها، حجم ترسانة الردع التي تملكها للرد على السياسات التجارية الخطيرة لإدارة الرئيس دونالد ترامب.
ولا تزال بكين تفضل شراء المزيد من الوقت قبل الدخول في معركة يعرف الجميع أن لا رابح فيها. وقد أعلنت وزارة المالية الصينية أمس أنها لن تبادر بتطبيق رسوم جمركية مضادة في خلافها التجاري مع واشنطن.
وذكرت الوزارة في بيان أنها لن تطبق رسومها على سلع أميركية، والمنتظر أن تسري في السادس من يوليو، قبل أن تفرض الولايات المتحدة رسومها على سلع صينية.
وبعد أسابيع من التوترات والمفاوضات غير المثمرة، من المتوقع أن تفرض واشنطن رسوما على منتجات صينية تبلغ قيمتها 34 مليون دولار اعتبارا من السادس من يوليو.
هناك إجماع على أن الصين والولايات المتحدة تملكان ترسانتي ردع تجارية يمكن أن تدمر اقتصادي البلدين والاقتصاد العالمي إذا نشبت بينهما حرب تجارية مفتوحة، ولذلك لا تزال الحرب تقتصر على مناوشات محدودة، لكنها تنذر بالتفاقم.
ولا تقتصر المناوشات على البلدين، فالاتحاد الأوروبي أيضا طرف في مناوشات تجارية مع الولايات المتحدة، وقد تفاقمت بدرجة غير مسبوقة مع تلويح ترامب بفرض رسوم على واردات السيارات الأميركية.
40 دولة تعبر عن قلقها ومعارضتها لخطط الرئيس الأميركي فرض رسوم على واردات السيارات
ولا تخلو العلاقات الصينية الأوروبية من التوترات لكنها محدودة، ويبدو أن الصين بدأت تضغط على الأوروبيين لإقامة تحالف لمواجهة السياسات الحمائية الأميركية،
وكشف مسؤولون أوروبيون أمس خلال اجتماعات بين الجانبين في بروكسل أن رئيس الوزراء ليو هي اقترح إقامة تحالف بين القوتين الاقتصاديتين وعرض فتح المزيد من قطاعات السوق الصيني أمام الأوروبيين كبادرة حسن نية.
وأضافوا أن أحد المقترحات أن تشرع الصين والاتحاد الأوروبي في تحرك مشترك ضد واشنطن في منظمة التجارة العالمية.
لكن مسؤولين ودبلوماسيين أوروبيين أكدوا أن أكبر تكتل تجاري في العالم، رفض فكرة التحالف مع بكين ضد واشنطن قبيل قمة صينية أوروبية في بكين منتصف هذا الشهر.
وبدأت الصين البحث عن بدائل مع الارتفاع الكبير المرتقب في أسعار السلع المصنّعة في الولايات المتحدة تحسبا لحرب تجارية قد تندلع بين بكين وواشنطن الجمعة.
وتعهدت الصين بالرد عبر فرض ضريبة على الحدود بنسبة 25 بالمئة على مئات الواردات الأميركية بما فيها الكرز وحبوب الصويا والسيارات والويسكي وهو ما سيقلل من تنافسية المنتجات أميركية المصدر.
وبينما ركزت اللائحة الأميركية على منتجات التكنولوجيا في تحرك يهدف جزئيا إلى تحويل سلاسل الإمداد بعيدا عن الصين، ردت بكين باستهداف المنتجات الزراعية الأميركية التي لها حساسية سياسية لأنها تضر بولايات أميركية مؤيدة لترامب والحزب الجمهوري مع اقتراب الانتخابات النصفية الأميركية.
في هذه الأثناء حذرت المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل أمس من احتمال تحول النزاع التجاري الحالي مع الولايات المتحدة إلى حرب تجارية، وقالت أمام البرلمان الألماني “الأمر يستحق بذل كل جهد لإنهاء ذلك النزاع”.
وتزامن ذلك مع إعلان أكثر من 40 دولة بينهم الصين واليابان والاتحاد الأوروبي، عن قلقهم من احتمال فرض واشنطن رسوما جمركية إضافية على واردات السيارات.
وقال مسؤول حضر الاجتماع إن اليابان حذرت من أنّ مثل تلك الإجراءات قد تدفع إلى سلسلة من الإجراءات المضادة ينتج عنها في النهاية انهيار النظام التجاري المتعدد الأطراف الذي يستند إلى قواعد.
وأشار إلى أن التحرك الأميركي قد يتسبب في أضرار بالغة للسوق الدولية ويهدد نظام منظمة التجارة العالمية بالنظر إلى أهمية السيارات للتجارة العالمية.
وحذر الاتحاد الأوروبي من أن فرض رسوم أميركية على واردات السيارات ومكوناتها يضر بصناعة السيارات في الولايات المتحدة نفسها وأنه من المرجح أن يقود إلى إجراءات مضادة من قبل شركائها على صادرات أميركية بقيمة 294 مليار دولار.
وعبّرت الصين وكندا وسويسرا والنرويج وتركيا وكوستاريكا وهونغ كونغ وفنزويلا وسنغافورة والبرازيل وكوريا الجنوبية والمكسيك وقطر وتايلاند والهند عن المخاوف ذاتها. وقالت جيمعها إن الرسوم الجمركية الأميركية لا تتسق مع قواعد منظمة التجارة العالمية.
ويبدو أن القلق الذي ينتاب الأوساط التجارية الأميركية سيكون هو العامل الحاسم في مواجهة سياسات ترامب أكثر من انتقادات ومواقف الدول الأخرى.
فقد هاجم السناتور رون وايدن السياسات التجارية للإدارة الأميركية، وقال إن مزارعين لديهم 1.5 مليون صندوق من الكرز الجاهز للتصدير إلى الصين قدموا إليه مذعورين.
العرب اللندنية