تُثار تساؤلاتٌ كثيرة اليوم حول الشعار الذي كان يرفعه الرئيس الأميركي، دونالد ترامب، خلال حملته الانتخابية، والذي بناء عليه وصل إلى سدة الرئاسة، بعدما استقطب ناخبين يمينيين عديدين، عبر مقولة “لنجعل أميركا عظيمة مجدداً” Let’s make America great again. غير أن الممارسات اللاحقة التي قام بها ترامب بعد انتخابه، وصولاً إلى قمته أخيرا مع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، بدأت تثير الشكوك عما إذا ما كان ترامب يقصد أميركا أو روسيا في حملته الانتخابية، خصوصاً بعدما سلم للاتحاد الروسي مفاتيح الملفات الكبرى في العالم، ودخل في حروبٍ مع العالم، ليس من شأنها إلا تقوية موقف موسكو ومكانتها في العالم.
ليس الأمر حكراً على القمة في هلسنكي أخيرا، والتي انضم فيها ترامب إلى نظيره الروسي في مهاجمة المؤسسات الأميركية، وفي مقدمتها الاستخبارات التي تحقق في التدخل الروسي في الانتخابات التي أوصلت ترامب، فالأخيرة ليست إلا جزءاً من حلقة أوسع تصب كلها في خدمة موسكو، إذ دأب ترامب على زلات اللسان التي تكشف عن خبايا ما يفكّر فيه، قبل أن يعود إلى محاولة احتواء تصريحاته، وهو ما يقوم به اليوم، من دون أن ينجح حتى الآن في ظل الحملة الكبيرة التي تشنها قيادات في الحزب الجمهوري ضد الرئيس الأميركي، وتطالب بالكشف عن حقيقة ما دار في القمة التي جمعته مع نظيره الروسي.
وبانتظار الكشف عن خبايا القمة، والذي قد يستغرق وقتاً طويلاً، يمكن القيام بعملية إحصاء سريع لإمعان الرئيس الأميركي في إضعاف حلفاء الولايات المتحدة على الساحة العالمية لحساب روسيا، وذلك حتى بعيداً عن منطقة الشرق الأوسط عموماً، وسورية خصوصاً. يمكن البدء من الحرب التجارية التي شنها ترامب على الاتحاد الأوروبي، والتي لا تزال تداعياتها قائمة، والانتقال إلى محاولاته إضعاف حلف شمال الأطلسي، والذي قام أساساً لمواجهة نفوذ الاتحاد السوفييتي المتمدّد أوروبياً. أصرّ ترامب على استحداث خلافات في قمة الحلف أخيرا، متذرعاً في قضية المساهمات المالية، والتي لم تشكل، في السابق، أي معضلة بالنسبة للإدارة الأميركية. انتهت القمة إلى لا اتفاق، أو محاولة حصر للأضرار، غير أنها تركت الحلف متخبطاً ومفتوحاً على مستقبل مجهول. والمفارقة أن هذا حدث مباشرةً قبل لقاء ترامب وبوتين في هلسنكي، وهو ما أظهر أن الرئيس الأميركي حمل معه هدية ثمينة إلى الرئيس الروسي، هي دق إسفين في تركيبة الحلف الأطلسي، والذي لا تزال موسكو تضعه في حساباتها السياسية، خصوصاً في محاولاتها التمدّد أوروبياً، بداية من أوكرانيا.
بين إضعاف “الأطلسي” والمواجهة التجارية مع أوروبا في الملف التجاري، إضافة إلى الاتفاق النووي الإيراني، يبدو الرئيس الأميركي ممعناً في التخلص من حلفاء الولايات المتحدة والدخول في تحالفاتٍ جديدة، وهو ما يمكن النظر إليه في تقاربه مع زعيم كوريا الشمالية، كيم جونغ أون. وحتى في ما يخص العلاقة مع إيران والاتفاق معها، تبدو الولايات المتحدة راغبة في اتفاقٍ خاص، لا تكون الدول الأوروبية جزءاً منه، وهو ما أوضحه ترامب في تغريدةٍ دعا فيها الزعماء في الجمهورية الإسلامية إلى التفاوض المباشر على اتفاقٍ جديدٍ في حال أرادوا الهرب من العقوبات، في إشارةٍ ضمنيةٍ إلى أن مفاوضاتهم مع الدول الأوروبية لن تكون ذات جدوى. ولم يكتف بذلك، بل يعمد إلى تحريض الدول الأوروبية على بعضها، كنصيحته رئيسة الوزراء البريطانية، تيريزا ماي، بمقاضاة الاتحاد الأوروبي على خلفية “بريكست”.
هذه عينة سريعة من إجراءات الرئيس الأميركي في ما يخص السياسة الخارجية، والتي تصب في مصلحة روسيا، وتؤكد ما ذهب إليه المشككون في أن شعار ترامب الحقيقي ليس لنجعل أميركا عظيمة مجدّداً، بل المقصود هو روسيا.
ليس الأمر حكراً على القمة في هلسنكي أخيرا، والتي انضم فيها ترامب إلى نظيره الروسي في مهاجمة المؤسسات الأميركية، وفي مقدمتها الاستخبارات التي تحقق في التدخل الروسي في الانتخابات التي أوصلت ترامب، فالأخيرة ليست إلا جزءاً من حلقة أوسع تصب كلها في خدمة موسكو، إذ دأب ترامب على زلات اللسان التي تكشف عن خبايا ما يفكّر فيه، قبل أن يعود إلى محاولة احتواء تصريحاته، وهو ما يقوم به اليوم، من دون أن ينجح حتى الآن في ظل الحملة الكبيرة التي تشنها قيادات في الحزب الجمهوري ضد الرئيس الأميركي، وتطالب بالكشف عن حقيقة ما دار في القمة التي جمعته مع نظيره الروسي.
وبانتظار الكشف عن خبايا القمة، والذي قد يستغرق وقتاً طويلاً، يمكن القيام بعملية إحصاء سريع لإمعان الرئيس الأميركي في إضعاف حلفاء الولايات المتحدة على الساحة العالمية لحساب روسيا، وذلك حتى بعيداً عن منطقة الشرق الأوسط عموماً، وسورية خصوصاً. يمكن البدء من الحرب التجارية التي شنها ترامب على الاتحاد الأوروبي، والتي لا تزال تداعياتها قائمة، والانتقال إلى محاولاته إضعاف حلف شمال الأطلسي، والذي قام أساساً لمواجهة نفوذ الاتحاد السوفييتي المتمدّد أوروبياً. أصرّ ترامب على استحداث خلافات في قمة الحلف أخيرا، متذرعاً في قضية المساهمات المالية، والتي لم تشكل، في السابق، أي معضلة بالنسبة للإدارة الأميركية. انتهت القمة إلى لا اتفاق، أو محاولة حصر للأضرار، غير أنها تركت الحلف متخبطاً ومفتوحاً على مستقبل مجهول. والمفارقة أن هذا حدث مباشرةً قبل لقاء ترامب وبوتين في هلسنكي، وهو ما أظهر أن الرئيس الأميركي حمل معه هدية ثمينة إلى الرئيس الروسي، هي دق إسفين في تركيبة الحلف الأطلسي، والذي لا تزال موسكو تضعه في حساباتها السياسية، خصوصاً في محاولاتها التمدّد أوروبياً، بداية من أوكرانيا.
بين إضعاف “الأطلسي” والمواجهة التجارية مع أوروبا في الملف التجاري، إضافة إلى الاتفاق النووي الإيراني، يبدو الرئيس الأميركي ممعناً في التخلص من حلفاء الولايات المتحدة والدخول في تحالفاتٍ جديدة، وهو ما يمكن النظر إليه في تقاربه مع زعيم كوريا الشمالية، كيم جونغ أون. وحتى في ما يخص العلاقة مع إيران والاتفاق معها، تبدو الولايات المتحدة راغبة في اتفاقٍ خاص، لا تكون الدول الأوروبية جزءاً منه، وهو ما أوضحه ترامب في تغريدةٍ دعا فيها الزعماء في الجمهورية الإسلامية إلى التفاوض المباشر على اتفاقٍ جديدٍ في حال أرادوا الهرب من العقوبات، في إشارةٍ ضمنيةٍ إلى أن مفاوضاتهم مع الدول الأوروبية لن تكون ذات جدوى. ولم يكتف بذلك، بل يعمد إلى تحريض الدول الأوروبية على بعضها، كنصيحته رئيسة الوزراء البريطانية، تيريزا ماي، بمقاضاة الاتحاد الأوروبي على خلفية “بريكست”.
هذه عينة سريعة من إجراءات الرئيس الأميركي في ما يخص السياسة الخارجية، والتي تصب في مصلحة روسيا، وتؤكد ما ذهب إليه المشككون في أن شعار ترامب الحقيقي ليس لنجعل أميركا عظيمة مجدّداً، بل المقصود هو روسيا.
حسام كنفاني
العربي الجديد