تربط الولايات المتحدة بشكل متزايد استراتيجيتها في سوريا بموقفها من إيران، وقد حذّر وزير الخارجية الأميركي مايك بومبيو الأربعاء بأنّ واشنطن لن تقدم أي مساهمة في تمويل إعادة إعمار سوريا طالما أنّ هناك قوات إيرانية أو مدعومة من إيران في هذا البلد.
ويعكس هذا الموقف لأول مرة بوضوح سياسة واشنطن الجديدة حيال سوريا بعدما وردت مؤشرات إليها في تصريحات صدرت عن عدد من المسؤولين خلال الأسابيع الماضية.
وقال بومبيو في خطاب أمام المعهد اليهودي للأمن القومي الأميركي “اليوم، النزاع في سوريا بات عند منعطف”.
وتابع أنّ نظام الرئيس السوري بشار الأسد “عزّز سيطرته” على الأرض “بفضل روسيا وإيران”، في حين أنّ تنظيم داعش و”على الرغم من أنه لم يتمّ القضاء عليه بعد بالكامل، إلّا أنه بات ضعيفًا”.
وأوضح أنّ هذا “الوضع الجديد يتطلّب إعادة تقييم لمهمّة أميركا في سوريا” مؤكدا أنه إن كانت هزيمة تنظيم داعش هي الهدف الأوّل، فهي “ليست هدفنا الوحيد”.
وأشار الوزير إلى أنّ إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترامب تُريد حلاً سياسيًا وسلميًا بعد سبع سنوات من النزاع، كما وتريد “أن تخرج القوات الإيرانية أو المدعومة إيرانيًا من سوريا”.
وتقتصر مهمة الجنود الأميركيين الألفين المنتشرين في شرق سوريا بحسب التبرير الرسمي على مكافحة تنظيم داعش. ومع الهزائم الميدانية المتتالية التي مني التنظيم بها وخسارته أبرز معاقله في سوريا، أعلن الرئيس دونالد ترامب في الربيع أنه يعتزم سحب القوات الأميركية من هذا البلد، وهو الذي يرفض العمليات الخارجية الطويلة والمكلفة.
غير أن مستشاريه العسكريين والدبلوماسيين وحلفاء واشنطن الأوروبيين أقنعوه بعد ذلك بأن الوقت ما زال مبكرا للانسحاب من سوريا.
واشنطن تشترط خروج القوات الإيرانية لإعادة إعمار سوريا
ونقل مصدر دبلوماسي أن ترامب بات يقول لمحاوريه الدوليين إنه “باق بسبب إيران”. ويؤكد بومبيو بحسب المصدر ذاته أنه بالرغم من “الصعوبات القانونية” على خلفية تحفظ الكونغرس الأميركي حين تعمد الإدارة بشكل أحادي إلى توسيع الدوافع خلف تدخلاتها العسكرية، فإن الولايات المتحدة “ستجد وسيلة للبقاء”.
وكان مستشار الأمن القومي في البيت الأبيض جون بولتون المعروف بتشدده حيال إيران، حذر في سبتمبر “لن نغادر سوريا طالما بقيت هناك قوات إيرانية خارج الحدود الإيرانية .. وهذا يشمل الجماعات والميليشيات المرتبطة بإيران”.
وعمدت الدبلوماسية الأميركية بعد ذلك إلى تلطيف النبرة وأوضح الموفد الخاص للملف السوري جيمس جيفري أن هناك “طرق عدّة للوجود على الأرض” سواء دبلوماسيا أو من خلال حلفاء.
غير أنه كان من الواضح رغم خفض حدة الخطاب أن الوجود الأميركي على ارتباط بالنفوذ الإيراني “المزعزع للاستقرار” في المنطقة بحسب واشنطن، وقد جعلت إدارة ترامب من التصدي له أولويتها الأولى في الشرق الأوسط.
وهذا ما أكده بومبيو مرة جديدة الأربعاء، وقال “لقد كُنّا واضحين: إذا لم تضمن سوريا الانسحاب الكامل للقوّات المدعومة إيرانيًا، فهي لن تحصل على دولار واحد من الولايات المتحدة لإعادة الإعمار”.
ورأى أن ذلك يتوقف بالمقام الأول على دمشق، إذ يشكك الغربيون في أن يكون الروس يملكون وحدهم الوسائل لدفع إيران إلى الخروج من سوريا.
وكانت شروط الأميركيين والأوروبيين للمساهمة في عملية إعادة الإعمار الهائلة في سوريا، تقتصر حتى الآن على إيجاد تسوية سياسية للنزاع برعاية الأمم المتحدة، وهي آلية متعثرة تماما في الوقت الحاضر.
وقال دبلوماسي غربي مؤخرا “لدينا ورقتا ضغط في سوريا” هما “وجودنا على الأرض” و”كون دمشق وروسيا بحاجة إلى أموال دولية من أجل إعادة الإعمار”.
ومع هذا التطور الجديد، تعتزم واشنطن استخدام هاتين الورقتين للضغط على النظام السوري وروسيا وإيران في آن.
العرب