الأسد في ورطة: ولكن تحرك داعش من الشرق ربما يضر بالمتمردين في الشمال

الأسد في ورطة: ولكن تحرك داعش من الشرق ربما يضر بالمتمردين في الشمال

شهرين من النجاح وانتكاستان في أرض المعركة ضد الرئيس السوري المحاصر بشار الأسد – واحدة في الشرق على يد داعش, والأخرى في الشمال على يد قوة جديدة من المتمردين تتضمن جبهة النصرة التابعة للقاعدة التي تلعب دورا قياديا. الآن, ومع سعي الجيشان لتوسيع مكاسبهم على حساب نظام الأسد, فإنهما يقتربان كثيرا من بعضهما البعض. 
الصراع بين الدولة الإرهابية التي تعرف باسم داعش وجيش القتح المشكل حديثا, من المتوقع أن يقع عاجلا وليس آجلا. على الأرجح أن يقع الصراع في محيط حمص, التي يصفها الكثير من المتمردين على أنها “عاصمة الصورة”. من المفارقات (وربما لا يكون الأمر كذلك), هو أن حمص تقع على طريق القوافل القديمة بين تدمر التي تسيطر عليها داعش حاليا والبحر المتوسط. 
يجادل المسئولون الأمريكان في الأسابيع الأخيرة بأن حرب داعش في سوريا والعراق ربما تستمر لفترة طويلة, قائلين بأنه ليس هناك أي مؤشرات على أن الأطراف تعبت أو أن الداعمين الأجانب مستعدون للدعوة إلى وقف العنف, كما فعلوا سابقا مع الحرب الأهلية اللبنانية التي استمرت فترة طويلة. تقول رندا سليم من معهد الشرق الأوسط في واشنطن :” لا زلنا في فترة من الجمود العسكري الخطر, ومن المتوقع أن يستمر الأمر كذلك لبعض الوقت”. 
ربما يكون الأمر كذلك, ولكن سليم اعترفت بأن “التوجه في سوريا اليوم ليس لصالح النظام بكل تأكيد”, وهي تتشارك في ذلك مع زميلها في المعهد, السفير الأمريكي السابق في سوريا روبرت فورد, الذي أشار حتى قبل سقوط تدمر بأنه “وعلى الرغم من تقديرات الإعلام الغربي المستمرة بأن وضع الرئيس بشار الأسد لا زال آمنا, إلا أن الحقيقة هي أن الحرب السورية هي حرب استنزاف. وأنظمة الأقلية عادة لا تبلي بلاء حسنا في حروب الاستنزاف”. 
هناك مؤشرات على أن نظام الأسد يحوط رهاناته الآن, وأنه يعد العدة للمواجهة الأخيرة في معاقل العلويين القوية على الساحل. يقول قادة المتمردين منذ أسابيع بأن نظام الأسد يخزن المزيد من المعدات العسكرية في معاقله الجبلية التي تعتبر ملجأ للطائفة العلوية, وهي جزء من الإسلام الشيعي, وذلك تمهيدا لإقامة دويلتهم الصغيرة. 
في وقت سابق من هذا الشهر, كان الأسد يبدو كئيبا على نحو غير مسبوق عندما كان يحضر احتفالا في دمشق, حيث طالب السوريين بأن بالعمل على رفع معنويات الجيش. لم يكن من شأن هذه المعنويات أن تلعب دورا مساعدا في طريق تدمر, التي شهدت تفكك القوات المدافعة عنها خلال سبعة أيام في مواجهة قوة أصغر بكثير من المهاجمين, مع تراجع ضباط النظام بطريقة عشوائية, تاركين مئات الجنود خلفهم. 
ولهذا فقد كان الدفاع عن المدينة القديمة والمدينة التي تجاورها غير منطقي بحيث تساءل بعض المراقبين فيما إذا كان تخلى الأسد عن الموقع الذي يحوي آثارا نادرة وتحفا لا تقدر بثمن وكنوزا ضخما, هو من أجل كسب التعاطف والتأييد الغربي. يمكن الاعتماد على الإسلاميين في تدمير ونهب هذا الموقع الأثري. ولكن الأهمية الاستراتيجية للمدينة التي تسيطر على الطريق السريع من دمشق, والتي تستخدم لإعادة إمداد ما تبقى من القوات الحكومية في محافظة دير الزور الشرقية, يمكن أن يوحي بأن الهزيمة هناك لم تكن ضمن خطة ملتوية من قبل النظام السوري. وأنه لم يتم فقد الآثار القديمة فقط. تدمر التي ربما كانت تعد من أكبر قواعد النظام العسكري في سوريا وفيها قاعدة جوية رئيسة خرجت الآن عن سيطرة نظام الأسد. 
بالنسبة لزعماء داعش, وبالنسبة لخصومهم من المتمردين في جيش الفتح, فإن السؤال ربما يكون متشابها حاليا, وهو: هل يتوجب عليهم أن يعززو مكاسبهم الآن أو أن يمضوا قدما في الهجمات التوسعية ضد الحكومة السورية التي تترنح؟ خطوة داعش الذكية تمثلت في تدعيم وتمهيد الخطوط الأمامية وطرد قوات الحكومة المعزولة في دير الزور. وهو ما يتوقع جوشوا لاندير الذي يدير مدونة مختصة في سوريا والأستاذ في جامعة أوكلاهوما أن تقوم به داعش. حيث كتب على التويتر بعد ساعات على سقوط تدمر:” يتوقع أن تكون الدير هي الخطوة القادمة”. 
لكن لا يبدو أن الحذر موجود في جينات داعش. مرارا وتكرارا استخدمت الجماعة حشد القوة على الرغم من المراقبة والضربات الجوية  الأمريكية للدخول في جبهات أكثر خطورة. يقول جوناثان شانزر, الذي يعمل محللا في معهد الدفاع عن الديمقراطيات, بأن الجهاديين “بحاجة إلى الاستمرار في اجتياح الأراضي من أجل الحفاظ على بقائهم”. ويضيف بأن “السلب والنهب والضرائب هي الطريقة التي تحصل فيها الجماعة الأموال. إذا توقفت عن ذلك, فإنها سوف تجد نفسها مفتقرة إلى الموارد, خصوصا مع استهداف الولايات المتحدة حقولها النفطية وغيرها من الأصول”. 
حمص, التي تعد ثالث أكبر مدينة في سوريا, تشكل عامل جذب, والسيطرة على عاصمة الثورة سوف تكون لفتة رمزية لجماعة تعي تماما معنى الرمزية. وقعت حمص في يد المسلمين في القرن السابع, عندما سيطر عليها عمر بن الخطاب, الذي يعتبر من أعظم الخلفاء, من البيزنطيين المسيحيين وعباد الشمس. من غير المستغرب رؤية أن أبو بكر البغداي, الذي أطلق على نفسه الخليفة ابراهيم, سعيدا بإعادة السيطرة على حمص في خلافته المفترضة.     
يجادل قادة جيش الفتح بأن حمص يمكن أن تكون هدفهم الرئيس التالي وذلك في نقاشهم بأنهم يدرسون ما إذا كانوا سوف يهاجمون اللاذقية على الساحل أو حماة ثم حمص, مع الوصول إلى دمشق كجائزة أخيرة. 
في نواح كثيرة فإن جيش الفتح وجيش داعش الإرهابي غير متطابقين. ربما يكون لدى جيش الفتح عدد أكبر من المقاتلين مما لدى داعش, خصوصا وأن الجهاديين اضطروا إلى نقل العديد من مقاتليهم من سوريا إلى العراق. 
الصراع الثلاثي على حمص, ضد كل من جيش الفتح وقوات الأسد, ربما يكون معركة كبيرة جدا على داعش في هذه اللحظة. تحقيق انتصارات داعش اعتمد على السرعة مع وجود مئات من المقاتلين الذين يشنون الهجمات ضد الدفاعات الضعيفة. ولكن الجهاديين يملكون قيادة تكتيكية ذكية ومقاتلوهم يملكون الدافع الذي لا يملكه سوى المتعصبون دينيا فقط, مع استعداد رهيب للموت. 
عندما يكونوا في مواجهة خصوم يملكون الحافز, كما كان الأمر في معركتهم في مدينة كوباني الكردية, فإنهم يمكن أن يهزموا. ولكن الأمر ليس سهلا أبدا. في تكريت, وقفت مجموعة مكونة من بضعة مئات من المقاتلين في وجه قوات شيعية وعراقية كبيرة لأسابيع. أظهرت تدمر أيضا أن بضعة مئات من المقاتلين الذين يملكون الحافز قاموا بالعمل خلال سبعة أيام في مواجهة قوة كبيرة تملك خطوط إمدادا جيدة تصل إلى دمشق. 
بعض القادة والمقاتلين في جيش الفتح شعروا بما يشبه المفاجأة المريحة عندما انتصروا في إدلب بعد أربع سنوات من الحرب التي لا زال الكثيرون منهم يشعرون فيها بفقدان الثقة. بالنسبة للمقاتلين في حلب هناك افتقار للثقة, كما تقول لينا الشواف, رئيسة التحرير في صحيفة الروزنا المستقلة. في رحلتها الأخيرة إلى المناطق التي تقع تحت سيطرة المتمردين في المدينة, لاحظت بأن المتمردين في حلب “لا يملكون الأمل في هزيمة الأسد, والعديد منهم قالوا بأنه ليس هناك أي حل سوف التفاوض على حل سياسي”. 
لا زال لدى الأسد اثنان من المزايا في أرض المعركة – قوته الجوية ودعم الحلفاء الأجانب, إيران وروسيا, وحزب الله الشيعي. هذه المزايا تشكل متغيرات كبيرة. في الماضي قدمت طليعة مقاتلي حزب الله والقادة الإيرانيين إرشادات تكتيكية, وكان الأسد قادرا على تحقيق مكاسب عسكرية. في كل من إدلب وتدمر, كان واضحا غياب حزب الله والمقاتلين الأجانب, ربما لأنه كان على حزب الله التركيز على الدفاع عن منطقة القلمون الوعرة التي تقع على هامش لا بأس به من الحدود اللبنانية من هجمات المتمردين. 
إحدى أهم المتغيرات ربما تأتي من المال. عن غير قصد (على الرغم من أن المتمردين ربما يقولون إن المؤامرة تمضي على قدم وساق), فإن الولايات المتحدة ربما توفر للأسد شريان الحياة المالي, وذلك بالاعتماد على توقيت المفاوضات النووية مع إيران ورفع العقوبات إذا تم التوصل إليه. 
يقول شانزر :” النظام السوري, وفي حين أنه متعب الآن, إلا أنه على وشك تلقي دفعة كبيرة من المال من إيران عندما يتم التوصل إلى الاتفاق النووي. سوف تتلقى إيران 120 مليار دولار نقدا. وهناك جزء كبير من ذلك سوف يذهب إلى سوريا دون أدنى شك, التي تعتبرها إيران محافظتها ال35″. وهكذا فإن الحرب مستمرة.

http://www.thedailybeast.com/articles/2015/05/22/isis-and-the-new-army-of-conquest-in-syria-are-headed-for-a-showdown.html