فرنسا تربك جهود روسيا في إعادة تعويم نظام الأسد

فرنسا تربك جهود روسيا في إعادة تعويم نظام الأسد

أصدرت فرنسا مذكرات توقيف دولية بحق ثلاثة مسؤولين سوريين كبار في الاستخبارات، الأمر الذي من شأنه أن ينعكس سلبا على مساعي موسكو لإعادة تعويم نظام الرئيس بشار الأسد.

ويأتي الإعلان عن المذكرات في توقيت جد حسّاس، حيث أنه يتزامن مع فرض الولايات المتحدة لعقوبات اقتصادية مشدّدة على إيران، الحليف الاستراتيجي للأسد.

وقالت مصادر قضائية الاثنين، إن المذكرات التي تستهدف رئيس مكتب الأمن الوطني السوري اللواء علي مملوك ورئيس إدارة المخابرات الجوية السورية اللواء جميل حسن والمكلف بفرع التحقيق في إدارة المخابرات الجوية في سجن مزة العسكري اللواء عبدالسلام محمود صدرت بتهمة “التواطؤ في أعمال تعذيب” و“التواطؤ في جرائم ضد الإنسانية” و“التواطؤ في جرائم حرب”. وبحسب الاتحاد الدولي لحقوق الإنسان، فقد صدرت مذكرات التوقيف في 8 أكتوبر لكن تم إعلانها الاثنين.

ومنذ بدء النزاع في مارس 2011، تتهم منظمات حقوقية النظام السوري بانتهاك حقوق الإنسان والتورّط في العديد من حالات التعذيب وإعدامات جماعية في مراكز الاحتجاز.

ووفقا للمرصد السوري لحقوق الإنسان، فقد قضى نحو 60 ألف شخص تحت التعذيب أو بسبب ظروف الاحتجاز المريعة في سجون النظام. وهناك نصف مليون شخص دخلوا سجون السلطة منذ بداية الحرب، وفقا للمصدر ذاته.

واتهمت لجنة التحقيق التابعة للأمم المتحدة حول سوريا الأطراف المشاركة في الحرب مرارا بارتكاب جرائم حرب، وفي بعض الحالات، جرائم ضد الإنسانية.

ويرى مراقبون أن القرار القضائي الجديد من شأنه أن يعرقل الجهود الروسية الحثيثة في إعادة تعويم النظام، بعد أن تمكن الأخير بفضل الدعم الروسي من استعادة أكثر من نصف المساحة السورية.

وكانت تركيا قد رعت نهاية الشهر الماضي قمة حضرها كل من الرئيسين الروسي فلاديمير بوتين والفرنسي إيمانويل ماكرون، والمستشارة الألمانية أنجيلا ميركل، وانتهت بالتأكيد على وجوب التسريع في التسوية السياسية دون أن تتطرّق إلى مصير النظام القائم.

ويشير المراقبون إلى أن مذكرات الاعتقال الصادرة بحق مسؤولين بارزين لدى النظام السوري من شأنها أن تضع حدا لسياسة الإفلات من العقاب.

وترتبط المذكرات بقضية منظورة منذ فترة طويلة تتعلق بمواطنين فرنسيين من أصول سورية، وهما الأب والابن مازن وباتريك عبدالقادر دباغ. وقامت عناصر من المخابرات الجوية باعتقال الرجلين في سوريا في نوفمبر من عام 2013 واختفيا منذ ذلك الحين.

وقال محاميان لأسرة دباغ إن الأسرة حصلت على وثائق من سوريا في يوليو 2018 تشير إلى أن مازن توفي وهو محبوس في نوفمبر 2017، بينما توفي والده باتريك في يناير 2014.

وأوضحت المحامية كليمانس بكتارت والمحامي باتريك بودوان في بيان “مذكرات الاعتقال الدولية تثبت أن جدار الإفلات من العقاب الذي يحيط بالمسؤولين السوريين على أعلى مستوى يمكن أن يتحطّم”.

وتجري حاليا في هولندا وألمانيا والمملكة المتحدة أيضا تحقيقات بخصوص تورّط مسؤولين أمنيين كبار لدى النظام السوري في ارتكاب جرائم حرب.

وسبق وأن اتخذت ألمانيا خطوات مماثلة وأصدرت مذكرة توقيف في يونيو بحق مدير المخابرات الجوية جميل حسن.

وفشلت الجهود الرامية إلى محاكمة أعضاء في نظام الأسد مرارا لأن سوريا لم توقّع على نظام روما الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية كما استخدمت روسيا والصين حق النقض ضد محاولات منح المحكمة الجنائية الدولية تفويضا بإنشاء محكمة خاصة لسوريا.