واشنطن- ذكر الرئيس الأميركي دونالد ترامب الثلاثاء أنه ربما يلغي اجتماعه المقرر مع نظيره الروسي فلاديمير بوتين في قمة مجموعة العشرين بالأرجنتين بسبب اشتباك روسيا البحري مع أوكرانيا.
وقال ترامب إنه ينتظر تقريرا من مستشاريه للأمن القومي ستكون استنتاجاته “حاسمة”. وصرح لصحيفة واشنطن بوست “ربما لن أجري هذا اللقاء” مع بوتين.
وكان البيت الأبيض أعلن في وقت سابق الثلاثاء أن ترامب سيجري لقاءات ثنائية مع العديد من القادة خلال قمة مجموعة العشرين في الارجنتين بينهم رئيسا روسيا والصين.
وصرحت المتحدثة باسم الرئاسة ساره ساندرز أن “الرئيس والوفد سيجريان محادثات مع العديد من القادة، تشمل لقاءات ثنائية مع رئيس الأرجنتين ورئيس روسيا ورئيس الوزراء الياباني والمستشارة الألمانية، إضافة الى عشاء عمل مع الرئيس الصيني”.
وسيجتمع ترامب ايضا برؤساء تركيا والهند وكوريا الجنوبية، بحسب ما أوضح مستشاره للامن القومي جون بولتون.
وردا على سؤال عما إذا كان الرئيس الأميركي سيلتقي ولي العهد السعودي محمد بن سلمان، قال بولتون “كلا، إن برنامج اللقاءات الثنائية كامل”. لكن ساندرز لم تستبعد لقاء غير رسمي مع بن سلمان، وقالت للصحافيين “لن أستبعد” هذا الاحتمال.
وكانت روسيا قد حذرت في وقت سابق، الثلاثاء، أوكرانيا من القيام بأي عمل “متهوّر” بعد قرار كييف فرض قانون الطوارئ رداً على احتجاز حرس الحدود الروس ثلاث سفن أوكرانية وطلبت من المستشارة الألمانية أنغيلا ميركل الضغط على أوكرانيا، حليفة الدول الغربية.
وهي المواجهة المفتوحة الأولى بين موسكو وكييف منذ ضمّ روسيا شبه جزيرة القرم عام 2014 واندلاع النزاع المسلح في أوكرانيا بين القوات الأوكرانية والانفصاليين الموالين لروسيا الذي أوقع منذ ذلك الحين أكثر من 10 آلاف قتيل.
ضبط النفس
وتتهم روسيا التي تؤكد أنها تصرّفت “بشكل يتطابق تماماً مع القانون الدولي”، السفن الأوكرانية، وهي سفينتان حربيتان وقاطرة، بالدخول بشكل غير قانوني إلى المياه الإقليمية الروسية قبالة القرم وتعتبر ذلك “استفزازاً” من جانب كييف.
وعبّر بوتين خلال مكالمة هاتفية مع ميركل ليل الاثنين الثلاثاء، عن قلق موسكو “البالغ” منددا بـ”انتهاك صارخ لأحكام القانون الدولي” من جانب السفن العسكرية الأوكرانية. وأمل في أن “تتمكن برلين من التأثير على السلطات الأوكرانية وإقناعها بعدم القيام بمزيد من الأعمال المتهورة”، وفق بيان للكرملين.
وإثر هذه التطورات، دعا الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غيوتيريش الثلاثاء في بيان أوكرانيا وروسيا إلى “أكبر قدر من ضبط النفس” واتخاذ تدابير في أسرع وقت “للحد من التوتر” بما ينسجم مع ميثاق الأمم المتحدة.
وردا على ذلك صوّت البرلمان الأوكراني في وقت متأخّر الإثنين لفرض قانون الطوارئ في المناطق الأوكرانيّة الحدوديّة، بعد احتجاز روسيا الأحد ثلاث سفن أوكرانية قبالة القرم مع طواقمها البالغ عدد أفرادها حوالى عشرين بحارة.
وقررت محكمة في القرم الثلاثاء وضع 12 من البحارة الاوكرانيين قيد التوقيف الاحتياطي لمدة شهرين بتهمة عبور الحدود الروسية بشكل غير شرعي، على ان يمثل سائر البحارة الاربعاء امام المحكمة.
من جهته، اتهم الرئيس الأوكراني بترو بوروشنكو روسيا الثلاثاء بزيادة انتشارها العسكري في شكل كبير على الحدود الأوكرانية، محذرا من خطر نشوب “حرب شاملة”.
وفي وقت سابق، برّر بوروشنكو فرض قانون الطوارئ في إجراء لم يسبق له مثيل منذ استقلال الجمهوريّة السوفياتيّة السابقة في العام 1991، بوجود “تهديد مرتفع للغاية” بإمكان حصول هجوم برّي روسي. ولم يكشف بوروشنكو عدد القوات الروسية، إلا أنه قال إن المعلومات عن الحشد العسكري تستند إلى تقارير استخباراتية.
ويدخل قانون الطوارئ حيّز التنفيذ صباح الأربعاء في أوكرانيا في حوالي عشر مناطق حدودية خصوصاً مع روسيا وبيلاروسيا ومن جانب بحر آزوف. وسيُتيح على مدى شهر للسلطات الأوكرانية أن تقوم بتعبئة مواطنيها وتنظيم وسائل الإعلام والحدّ من التجمّعات العامّة.
وأشار المتحدث باسم الكرملين ديمتري بيسكوف الثلاثاء إلى “احتمال أن يشكل ذلك خطراً بما أن أفعالا كهذه قد تؤدي إلى تصعيد التوترات” خصوصاً في حوض دونباس في الشرق الانفصالي في أوكرانيا.
وحصلت المواجهة بين حرس الحدود الروس والسفن الأوكرانية في البحر الأسود مساء الأحد عندما كانت هذه السفن تحاول عبور مضيق كيرتش للدخول إلى بحر آزوف الذي يعتبر حيوياً لصادرات الحبوب والفولاذ في شرق أوكرانيا. وأدت إلى إصابة ستة أشخاص بحسب كييف ونُقل ثلاثة من بينهم إلى المستشفى.
ومساء الاثنين، نشرت وسائل إعلام روسية مقتطفات من شريط فيديو يُظهر عمليات استجواب لعدد من البحارة الأوكرانيين المحتجزين. وبرز في هذه المقتطفات رجل قُدم على أنه قبطان وأكد خصوصاً أن تنقلات سفينته كانت “استفزازاً”، مكرراً رواية السلطات الروسية للأحداث.
أكاذيب
ووصف قائد البحرية الأوكرانية ايغور فورونتشينكو هذه التصريحات بأنها “أكاذيب” أعلن عنها بحسب قوله “تحت الضغط”. واعترف جهاز الأمن الأوكراني من جهته الثلاثاء في بيان أن “ضباطه” كانوا على متن هذه السفن التي احتجزها حرس الحدود الروس.
وأثار ما حصل احتجاجات في أوكرانيا ومن جانب حلفائها الغربيين. فقد أعلنت وزيرة خارجية النمسا التي تتولى بلادها الرئاسة الدورية للاتحاد الأوروبي الثلاثاء أن الاتحاد سينظر الشهر المقبل في فرض مزيد من العقوبات على روسيا.
وقالت الوزيرة كارين كنايسل بعد محادثات مع نظيرها الألماني هايكو ماس “كل شيء يعتمد على سلوك الطرفين. لكن ستحتاج (المسألة) إلى مراجعة”.
وأشار ماس من جهته إلى أن احتجاز روسيا للسفن الأوكرانية يثبت أن “ضمّ (روسيا) القرم كان مشكلة لأمن الجميع في أوروبا”. ودعا من جديد إلى تحرير البحارة الأوكرانيين مطالبا كييف وكذلك موسكو “بالتوصل إلى تخفيض للتصعيد”.
وفي حين أيدت بولندا الثلاثاء فرض عقوبات إضافية على روسيا، قال نائب رئيس وزراء إيطاليا ماتيو سالفيني إنه يعارض فرض عقوبات اقتصادية على روسيا، داعياً إلى الحوار.
ونددت سفيرة الولايات المتحدة في الأمم المتحدة نيكي هايلي الاثنين خلال اجتماع لمجلس الأمن بتحركات روسيا “الخارجة عن القانون” التي تجعل “العلاقة الطبيعية” بين واشنطن وموسكو “مستحيلة”.
وليس ما حصل إلا المرحلة الأخيرة من تصعيد بطيء للتوترات في محيط مضيق كيرتش الذي يفصل شبه جزيرة القرم التي ضمّتها موسكو في العام 2014 وروسيا.
وتطالب روسيا بالسيطرة على هذا المضيق، الممر البحري الوحيد الذي يربط البحر الأسود ببحر آزوف. وبنت موسكو جسراً يربط روسيا بشبه الجزيرة وافتتحه بوتين بحفل كبير في مايو.
واتهمت كييف والدول الغربية بشكل متكرر في الأشهر الأخيرة روسيا بتعمد “إعاقة” إبحار السفن التجارية بين البحر الأسود وبحر آزوف.
العرب