اعتبرت منظمة العفو الدولية “أمنستي” الخميس أنّ ما قام به تنظيم داعش من “تدمير وحشي ومتعمّد” لأراضي الأيزيديين الزراعية في العراق يرقى إلى “جرائم الحرب” وما زال، بعد عام على دحر التنظيم الجهادي، يحول دون عودة مئات آلاف العراقيين لمناطقهم الريفية المدمّرة.
وقالت المنظمة في تقرير نشرت مقتطفات منه باللغة العربية على موقعها الإلكتروني إنّه “في إطار حملتها الوحشية ضدّ الأقلية الأيزيدية في شمال العراق، ارتكبت الجماعة المسلّحة التي تطلق على نفسها اسم “الدولة الإسلامية” جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية عندما قامت بتخريب آبار الري ودمّرت البنى التحتية الزراعية الأخرى”.
ونشرت المنظمة الحقوقية تقريرها وعنوانه “الأرض الميتة: تدمير الدولة الإسلامية المتعمّد للأراضي الزراعية العراقية” بمناسبة مرور عام على إعلان الحكومة العراقية انتصارها العسكري على التنظيم الجهادي.
ويأتي نشر التقرير غداة الدعوة التي وجّهتها من بغداد الحائزة جائزة نوبل للسلام الأيزيدية ناديا مراد للحكومة العراقية إلى بذل مزيد من الجهود لتمكين أفراد الأقليّة الأيزيدية من العودة لديارهم في سنجار في شمال العراق.
وقالت أمنستي إنّها أجرت مقابلات مع عشرات الأشخاص بيّنت “كيف قام تنظيم داعش بالتدمير الوحشي المتعمّد للبيئة الريفية في العراق حول جبل سنجار، وأحدث خراباً لمصادر رزق الأيزيديين، والمجتمعات الزراعية الأخرى، على المدى البعيد”.
ويروي التقرير “بالتفصيل كيف قامت الجماعة المسلحة أيضًا بحرق البساتين، ونهب الماشية، والآلات، وزرع الألغام الأرضية في المناطق الزراعية”.
وأضافت أمنستي “والآن، لا يمكن لمئات الآلاف من المزارعين النازحين وعائلاتهم العودة إلى ديارهم، لأن تنظيم (الدولة الإسلامية) تعمّد جعل الزراعة أمراً مستحيلاً في المنطقة”.
ونقل التقرير عن ريتشارد بيرسهاوس، كبير مستشاري البرنامج المعني بالأزمات في منظمة العفو الدولية، قوله إنّ “الأضرار البعيدة المدى التي لحقت بريف العراق تماثل أعمال التدمير الذي لحـق بالمناطق الحضرية، لكنّ تداعيات النزاع على سكان الريف في العراق يتم نسيانها إلى حدّ بعيد”.
وبحسب الشهادات التي جمعتها المنظمة فقد “قام تنظيم الدولة الإسلامية إلى جانب حملته لجرائم الحرب والجرائم ضد الإنسانية، بما في ذلك القتل والاضطهاد والاغتصاب والاسترقاق – بتخريب آبار الري لكثير من مزارعي الكفاف وصغار المزارعين”.
هل يُشرق ربيع سنجار مجددا
وأوضح التقرير أنّه في سبيل ذلك قام الجهاديون “بإلقاء الأنقاض أو النفط أو غيرها من الأجسام الغريبة في الآبار، وسرقوا أو دمروا المضخات والكابلات والمولدات والمحولات. كما أحرقت الجماعة المسلحة البساتين أو قطعتها، وسحبت وسرقت خطوط الكهرباء الحيوية”.
ونقلت المنظمة الحقوقية عن مهندسي مياه قولهم إنّه “ليس لديهم أدنى شك في أنّ الدمار كان متعمّداً، وحدث هذا على نطاق واسع – ولم يتم إجراء تقييم شامل، لكنّ المسؤولين المحليين يقدّرون أنّه في المنطقة القريبة من سينونى وحدها، عطل تنظيم الدولة 400 بئر من 450 من آبار الري”.
وأكّد التقرير أنّ “الصراع ضدّ تنظيم الدولة الإسلامية أدّى إلى انخفاض الإنتاج الزراعي للعراق، والذي أصبح يقدّر الآن بأقل من 40% من مستويات 2014”.
وأضاف أنّه قبل سيطرة التنظيم الجهادي في 2014 على المنطقة “كان حوالي ثلثي مزارعي العراق يحصلون على الري – وبعد ثلاث سنوات فقط، انخفض هذا المعدل إلى 20%. فقد ضاع ما يقرب من 75% من الماشية، وارتفعت النسبة إلى 95% في بعض المناطق”.
وحذّر بيرسهاوس من أنّه “ما لم تكن هناك مساعدة حكومية عاجلة، فإنّ الأضرار الطويلة الأجل التي لحقت بالبيئة الريفية في العراق سوف يتردّد صداها لسنوات قادمة”.
وأضاف أنّ “الحكومة العراقية بحاجة ماسّة إلى تمويل خطة إعادة الإعمار وتنفيذها. فإصلاح نظام الري البالغ الأهمية، والبنى التحتية الريفية الأخرى، أمر حيوي للسماح للنازحين بالعودة إلى منازلهم ومزارعهم.”
ودعت منظمة العفو “الفريق المفوّض من الأمم المتحدة، الذي تم إنشاؤه في سبتمبر 2017 ليشمل جرائم تنظيم داعش المتصلة بالبيئة ضمن نطاق تحقيقاته”.
وكان عدد الأيزيديين في العراق يبلغ 550 ألفا قبل سيطرة الجهاديين على مناطقهم، هاجر منهم نحو مئة ألف، فيما فر آخرون إلى إقليم كردستان العراق الشمالي.