عدن – تصاعدت حدّة الخطاب السياسي والإعلامي في الملف اليمني من خلال تصريحات ومواقف أطلقها التحالف العربي وأخرى الميليشيات الحوثية تشير إلى إمكانية تجدّد المواجهات العسكرية في الحديدة، بعد فشل جولة المبعوث الأممي مارتن غريفيث في جسر الهوة بين الفرقاء، فيما اعتبر مراقبون سياسيون أن تصعيد التحالف يأتي في سياق استراتيجية الضغط على الحوثيين للقبول بتنفيذ اتفاقات السويد.
وأكدت مصادر خاصة لـ”العرب” أن المبعوث الأممي فشل في إقناع الحوثيين بفتح الطريق لوصول المساعدات من الحديدة وصنعاء، بالرغم من كونه قد تجاوز عملية إطلاق الرصاص من قبل الميليشيات الحوثية على ضباط تابعين للأمم المتحدة كانوا برفقة فريق هندسي حكومي لنزع الألغام في الطريق المؤدي من داخل مدينة الحديدة إلى طريق صنعاء مرورا بكيلو 16 ومطاحن البحر الأحمر.
وغادر غريفيث، مساء الخميس، العاصمة صنعاء، مختتما بذلك جولة جديدة من مساعيه الدبلوماسية للدفع باتجاه تطبيق اتفاق السويد بين الأطراف اليمنية.
وقال وزير الدولة الإماراتي للشؤون الخارجية، أنور قرقاش، إن التحالف العربي الذي تقوده السعودية على استعداد لاستخدام “قوة محسوبة بدقة” لدفع الحوثيين إلى الانسحاب من الحديدة بموجب اتفاقية ستوكهولم، مشيرا في سلسلة تغريدات على تويتر إلى قيام التحالف بقصف 10 معسكرات تدريب للحوثيين خارج محافظة الحديدة، الأربعاء.
ولفت قرقاش إلى أن عدم انسحاب الحوثيين من الحديدة يتسبب في إعاقة إرسال قوافل المساعدات إلى المدينة، ويمنع السفن من دخول الميناء.
وتابع “للحفاظ على وقف إطلاق النار وأي أمل في عملية سياسية يتعين على الأمم المتحدة والمجتمع الدولي الضغط على الحوثيين لوقف الانتهاكات وتسهيل دخول قوافل الإغاثة والمضي قدما في الانسحاب من مدينة الحديدة والموانئ طبقا لما تم الاتفاق عليه”.
وتزامنت تصريحات الوزير أنور قرقاش مع أخرى أدلى بها المتحدث الرسمي باسم التحالف العربي لدعم الشرعية، تركي المالكي، الأربعاء، أعلن فيها تنفيذ قيادة القوات المشتركة للتحالف عملية عسكرية نوعية استهدفت عددا من المعسكرات الحوثية ومخازن السلاح.
واعتبر المالكي أن العملية لا تتعارض مع نصوص اتفاق ستوكهولم، في ظل ما وصفه باستمرار الاختراقات الحوثية المتعمدة لوقف إطلاق النار بالحديدة والتي أدت إلى وقوع خسائر كبيرة بين المدنيين، وإلحاق الضرر بالمنشآت العامة والخاصة، وتعطيل وصول المساعدات الإنسانية وتهديد ممر الملاحة الدولي في البحر الأحمر.
من جهته، وحسب تغريدة له على تويتر، برر القيادي الحوثي ورئيس ما يسمى باللجنة الثورية العليا محمد علي الحوثي عرقلة جماعته لفتح ممر إنساني في الحديدة، بالقول إن الحوثيين أبلغوا المبعوث الأممي بأنه يمكن فتح الطريق إلى مطاحن البحر الأحمر “عندما تكون الظروف تسمح وآمنة”.
ورد الحوثي في تغريدة أخرى على التلويحات بانهيار وقف إطلاق النار في الحديدة واستئناف العمليات العسكرية بالقول “الحديدة ليست سهلة فإما السلام وتنفيذ اتفاق السويد وإلا فجهنم بانتظار الغزاة ومرتزقتهم”.
وفي أحدث تصعيد عسكري حوثي، أعلن التحالف العربي، الخميس، عن قيام الدفاعات الجوية السعودية باعتراض وتدمير طائرة حوثية مسيرة باتجاه مدينة أبها جنوبي السعودية.
وقال التحالف إن نتائج فحص حطام الطائرة بيّن “أنها طائرة من دون طيار معادية حوثية ذات خصائص ومواصفات إيرانية”.
ويأتي التصعيد السياسي والتلويح بعودة المواجهات بعد جهود بذلتها الأمم المتحدة لتخفيف الاحتقان والحيلولة دون انهيار اتفاقات السويد، وهي الجهود التي قادها غريفيث في صنعاء وفشلت في تحقيق أي اختراق عدا التوصل إلى عقد صفقة تبادل أسرى بين الحوثيين والتحالف أسفرت عن إطلاق أسير سعودي مقابل سبعة أسرى من المتمردين.
ولم تتمكن الأمم المتحدة من إحداث أي تقدم سياسي في الملف اليمني منذ التوقيع على اتفاقات السويد منتصف ديسمبر 2018.
ويرى العديد من المراقبين أن حالة الفشل التي قوبلت بها جهود رئيس بعثة المراقبين الدوليين في الحديدة المستقيل باتريك كاميرت، بمثابة مؤشر على نوعية الصعوبات التي قد تعترض المحاولات الأممية لتنفيذ الاتفاقات.
وفي تصريح لـ”العرب” يذهب الخبير العسكري والاستراتيجي اليمني العقيد يحيى أبوحاتم إلى أن تغيير كاميرت لا يمكن أن يضيف جديدا، على اعتبار أن الأسباب التي أجبرته على مغادرة منصبه في الأساس هي المماطلة الحوثية والتماهي الأممي مع المواقف الحوثية.
ولفت أبوحاتم إلى أنه لا يمكن لأي شخصية مثل كاميرت أن تحقق أي اختراق في ملف الحديدة، على اعتبار أن المشكلة تكمن في توجهات المبعوث الأممي الذي يسعى لتنفذ الأجندة البريطانية، مشيرا إلى أن الملف اليمني بحاجة إلى حزم وإلى مصداقية وضغط دولي على الحوثيين لتنفيذ ما تم الاتفاق عليه والتوقف عن استغلال عامل الوقت والاستفادة من المواقف الدولية الرخوة.
العرب