المرحلة الانتقالية.. هل تكون القشّة التي تقصم حراك الجزائر؟

المرحلة الانتقالية.. هل تكون القشّة التي تقصم حراك الجزائر؟

بإعلان الرئيس الجزائري المؤقت عبد القادر بن صالح، مساء الخميس، “أن الوضعية الحالية تلزمه الاستمرار في قيادة البلاد”، استنادا إلى فتوى صادرة عن المجلس الدستوري في الأول من يونيو/حزيران الجاري، يحتدم التدافع بين السلطة والحراك الشعبي حول آفاق الأزمة، التي حرص الجيش على تسييرها منذ البداية ضمن الإطار الدستوري.

يأتي ذلك في وقت تتمسك معظم قوى الثورة بتصوراتها السياسية للخروج من المأزق، وفي مقدمتها المطالبة بإقرار “فترة انتقالية”، لا يكون فيها أيّ دور لرموز نظام الرئيس عبد العزيز بوتفليقة.

وبذلك وضعت “المرحلة الانتقالية”، التي يريدها المتظاهرون دون رئيس الدولة الحالي، الثورة الشعبية في مفترق طرق مع المؤسسة العسكرية، حتى أن البعض جعل ذلك مبرّرا للهجوم عليها والتشكيك في طموحاتها الجامحة للسطو على الثورة.

وأضفى هذا التباين حالة انسداد، وهو ما تجلّى في دعوة قائد الأركان، الفريق قايد صالح، عبر خطاب 27 مايو/أيار الماضي، إلى “حوار واقعي بعيدا عن الفترات الانتقالية التي لا تؤتمن عواقبها”، بينما ترتكز خطة “فعاليات قوى التغيير من أجل نصرة خيار الشعب” (أكبر تكتل معارض في البلاد، يتكون من أحزاب ونقابات وشخصيات وطنية ومثقفين وفاعلين سياسيين)، على إقرار مرحلة انتقالية قصيرة، يتم فيها نقل صلاحيات الرئيس لهيئة رئاسية أو رئيس دولة.

المصير المحتوم
وطبقا للمادة 102 من الدستور الجزائري، وفي الظروف العادية، فإنّ مهمة رئيس الدولة تنتهي بانتخاب رئيس الجمهورية، أما في حالة عدم إجراء الانتخابات الرئاسية في الأجل المحدد، فإنه على المجلس الدستوري إعلان ذلك بقرار مسبّب، لكنّ المجلس ذهب إلى تقديم فتوى دستورية ضمّنها استمرار رئيس الدولة في مهامه حتى انتخاب رئيس الجمهورية، مثلما أكد الخبير الدستوري عامر رخيلة، للجزيرة نت.

لكن في حالة تكرار العزوف عن الترشح للرئاسيات، يضيف المتحدث، فإننا سنكون أمام وضعية لا يُحتكم فيها للدستور، يستسلم بمقتضاها الجيش لطروحات المرحلة الانتقالية، أو إعلان حالة الاستثناء، استنادا للمادة 107 من الدستور، ما يعيد الجزائر بشكل أو بآخر إلى فترة 1992، ويفتح المجال للمؤسسات الدولية للتدخل.

الحقيقة والمغالطة
من جهته، يعتبر الوزير السابق، محيي الدين عميمور، تقديم المرحلة الانتقالية باعتبارها عنوانا للخلاف بين الجيش والحراك مغالطة.

وأكد في تصريح للجزيرة نت، أنّ الإشكال هو حول مفهومها، وليس عنها، “فهي أمر واقع بمجرد انتهاء عهدة الرئيس الممارس في غير وقتها المحدد دستوريّا”، وقد عاشتها الجزائر إثر وفاة الرئيس هواري بومدين، إذ سارت الأمور حينها بهدوء بفضل احترام الدستور، لكنها تجرّعت مرحلة دموية في التسعينيات نتيجة الانحراف عن الدستور، ويريد البعض اليوم أن يستنسخ تلك المرحلة، على حد تعبيره.

ويضيف المتحدث “أنّ المرحلة الانتقالية في واقع الأمر هي خلاف بين الدولة، ممثلة في رئيسها الشرعي دستوريّا، وبين المنادين بمرحلة انتقالية، محاولين ركوب حراك لم يعهد لهم بأي مسؤولية، وهدفهم هو انتزاع مواقع تسمح لهم بتطبيق سياسة لا تجسد إرادة شعب ثار على الفساد السياسي والمالي والاجتماعي”، وفق كلامه.

تغيير النظام
من جهة أخرى، يرى الكاتب الصحفي نجيب بلحيمر أن “الحديث عن مرحلة انتقالية فرضه السعي إلى تغيير النظام السياسي، ما يضعنا خارج الدستور سياسيا”، خلافا لما تأخذ به المؤسسة العسكرية.

وأوضح المتحدث، في تصريح للجزيرة نت، أن “حقيقة المرحلة الانتقالية لا علاقة لها باستحداث هيئات معينة، بل المراد توفير الشروط الموضوعية لتنظيم انتخابات نزيهة، عبر تحرير الساحة وإلغاء القوانين السالبة للحريات، حتى تتمكن الأغلبية من تنظيم نفسها ضمن قوى سياسية، تعكس التوازنات الجديدة التي فرضها الحراك”.

كما قال بلحيمر إن ربط المرحلة الانتقالية بتجربة التسعينيات مغالطة، “لأن ما جرى وقتها هو انقلاب على المؤسسات الشرعية بمؤسسات مفروضة”، وبالتالي “فإن الحرب كانت نتيجة لإجهاض الانتقال الديمقراطي ولم تكن لاعتماد مرحلة انتقالية”.

المقايضة والانفراج
في غضون ذلك، يبرز تيار ثالث يطرح إمكانية التنازل عن ذهاب رئيس الدولة، مقابل تقنين سلطة وطنية مستقلة لتنظيم الانتخابات، مع إبعاد الطاقم الحكومي الموروث عن نظام بوتفليقة، في انتظار ما ستسفر عنه “ندوة وطنية” لفعاليات المجتمع المدني، منتصف يونيو/حزيران الجاري، وأخرى منتظرة لـ”قوى التغيير من أجل نصرة خيار الشعب”.

الجزيرة