كوشنر يسعى للتواصل مع الجمهور العربي عبر تحليل الإعلام

كوشنر يسعى للتواصل مع الجمهور العربي عبر تحليل الإعلام

كشف تقرير أميركي أن جاريد كوشنر صهر ومستشار الرئيس الأميركي دونالد ترامب أطلق مشروعا لتحليل تغطية وسائل الإعلام العربية للسياسة الأميركية في الشرق الأوسط وتصنيف مدى تأثيرها على الجمهور العربي، من أجل تحسين التواصل مع سكان المنطقة.

واشنطن – وجه جاريد كوشنر، وكالات حكومية أميركية لجمع معلومات عن طريق البيانات إضافة إلى الخبرات الشخصية لتصنيف وسائل الإعلام العربية بحسب تغطيتها لعملية السلام في الشرق الأوسط، وفق ما ذكرت وكالة النشر الأميركية “Mcclatchy”.

وذكر التقرير الذي نشر الثلاثاء، أن الحكومة الأميركية قيَّمت ما يقارب 50 مؤسسة إعلامية في المنطقة، بناءً على قوة تأثير تلك المؤسسات ونهجها إزاء سياسة الولايات المتحدة في الشرق الأوسط. وأفاد ثلاثة من كبار المسؤولين بأن مشروع كوشنر -وهو صهر الرئيس الأميركي دونالد ترامب ومستشار يقود جهود السلام في الشرق الأوسط- يهدف إلى التواصل مع الجمهور العربي بأكبر قدر ممكن من الفعالية، لفهم أفضل لـ”العامل المؤثر في الشارع” في مختلف أنحاء العالم العربي، حتى يتمكن هو وفريقه من جعل اتصالاتهم أكثر دقة.

وقال أحد كبار المسؤولين في الإدارة “الفكرة الرئيسية هي أننا قضينا الكثير من الوقت في وضع خطة سياسية، وخطة اقتصادية، لذلك أردنا تخصيص نفس القدر من الوقت لفهم البيئة الإعلامية الإقليمية”.

وأضاف “ما أردنا فهمه هو ماهية العامل المؤثر في الشارع، لذلك نحتاج إلى معرفة الأصوات ووسائل الإعلام المؤثرة، وأجرينا بحثا عنها ورتَّبناها. ووجدنا أن الكثير من وسائل الإعلام التي كانت معادية للولايات المتحدة أو معادية لإسرائيل في الماضي لم يكن لديها اتصال أو وصول إلى حكومة الولايات المتحدة”.

وبحسب تقرير الوكالة الأميركية فإن كوشنر كلف بالمشروع في أغسطس 2018، بعد فترة وجيزة من إتمامه هو وفريقه المعني بالسياسة، صياغةَ العناصر السياسية الرئيسية من خطتهم للإسرائيليين والفلسطينيين.

فريق كوشنر يقول إن المشروع كان ضروريا لفهم وتحديد وسائل الإعلام التي تصف سياسة الولايات المتحدة بمصطلحات سلبية، وإلى أي مدى يصل هذا الوصف، لأنه يعمل على تحسين فهم سياسة الإدارة

وتنقسم التقارير في مشروع كوشنر إلى فئتين، إحداهما تقيم استهلاك المواطنين للأخبار في كل بلد في منطقة الشرق الأوسط، وفق عدة معايير منها العمر، واستخدام الإنترنت ونسبة من يتلقون المعلومات عبر هواتفهم أو عبر الصحف أو عن طريق التلفزيون.

أما الفئة الثانية من التقارير فهي تختص بتحليل وسائل إعلام معينة، لتقييم مدى حياد كل مؤسسة في طريقة تناولها لسياسة الولايات المتحدة، وتقييم تأثيرها وذكر ملكيتها بناء على تحليلات تجريها وكالتان حكوميتان عن طريق فحص المواد المتاحة للعامة.

وتناولت التقارير تفاصيل عديدة بشأن طريقة استهلاك الجمهور للأخبار وطريقة تغطية وسائل الإعلام للسياسات الأميركية في المنطقة، فعلى سبيل المثال اكتشف فريق كوشنر أن انتشار الهواتف المحمولة بين الفلسطينيين كبير للغاية، حتى أن أغلبهم يحصلون على الأخبار عبر الهواتف، أثناء الانتظار في طابور للمرور عبر نقطة تفتيش إسرائيلية.

وقال مسؤول كبير آخر في الإدارة “هذه هي المرة الأولى التي يجري فيها التوصل بمنهجية إلى وسائل الإعلام الأكبر من حيث الانتشار، وحجم انتشارها، ونبرتها الشمولية حيال سياسة الولايات المتحدة، كانت لدينا جميع النقاط، لكنها لم تُجمع من قبل لإنتاج هذه الرؤى الدقيقة”.

ويتمثل التركيز الرئيسي في فهم كيف تصف وسائل الإعلام في الشرق الأوسط الجهود الدبلوماسية للإدارة.

وتعتمد عملية التقييم تلك على إدخال المواد الإخبارية التي تبثها وسائل الإعلام الإقليمية باللغتين الإنكليزية والعربية إلى برنامج آلي، ينسخ المحتوى ويبحث عن مجموعة من الكلمات المفتاحية. ثم بعد ذلك يتم التقاط مقطع مدته دقيقة حول كل كلمة مفتاحية، ويراجع فريق من خبراء حكوميين المواد لتعيين درجة حياديتها، ومن ثم تحديد مدى إيجابية وسلبية المحتوى. وبعدها يجري حساب متوسط هذه الدرجات لتوفير تقييم عام لتغطية كل وسيلة إعلامية، ما يسمح للحكومة بتتبع ما إذا كانت التغطية تتحسن بمرور الوقت، وتزويد أعضاء فريق كوشنر بالأدلة الملموسة لتكييف مشاركتهم. ويجري تحليل كل من وسائل الإعلام المطبوعة والرقمية.

كوشنر كلف بالمشروع في أغسطس 2018، بعد فترة وجيزة من إتمامه هو وفريقه المعني بالسياسة، صياغةَ العناصر السياسية الرئيسية من خطتهم للإسرائيليين والفلسطينيين.

وقال مسؤولون إن سفارات الولايات المتحدة الإقليمية، ومتحدثين باللغة العربية من وزارة الخارجية، يشاركون في جهود عملية التواصل تلك. وهو نهج تقوم به أميركا منذ 50 عاما.

وأضاف المسؤولون أن كوشنر اتَّخذ خطوة إضافية في ذلك النهج المتبع منذ 50 عاما، بطلبه تحديثات منتظمة مبنية على البيانات، بشأن رأي وسائل الإعلام العربية، واستخدام تلك المعلومات لتشكيل مجموعة من السياسات.

وقالوا إن أولوية كوشنر القصوى هي استهداف وسائل الإعلام العربية الأكثر تأثيرا، بغضِّ النظر عن توازن تغطيتها. وهذا ما أعطى انطباعا جيدا بشأن كيفية التعامل مع كبار الصحافيين والمسؤولين التنفيذيين في وسائل الإعلام.

وقال بينغ ليو -وهو عالم كمبيوتر بجامعة إلينوي في ولاية شيكاغو- الذي أجرى أبحاثا وكتب على نطاق واسع عن هذه المسألة “لم أر أحدا يحلل المؤسسات الإعلامية، لكنه أمر ممكن للغاية، لأنه يمكن تطبيقه على أي شيء، والتوسع ليس مشكلة، فهو يبحث عن مبتغى الآراء إلى جانب الآراء نفسها”.

لكن العمليات التي تعتمد على البيانات فقط غالبا ما يتم التشكيك في مصداقيتها. ويقول مسؤولون أميركيون مشاركون في مشروع كوشنر إنه لم ينجح أحد -سواء في القطاع العام أو في القطاع الخاص- في تحليل الرأي العام باستخدام البرامج الآلية بالكامل، ويلاحظون أن النماذج القائمة على استخدام الخبرة الشخصية مطلوبة دائما في مرحلة ما.

وأفاد محمد عبدالعزيز -وهو خبير في وسائل الإعلام العربية وعمل سابقا لدى منظمة فريدوم هاوس، ولدى معهد واشنطن لسياسة الشرق الأدنى- بأنه يتعيَّن على مسؤولي الولايات المتحدة التعامل مع تحديات تأطير الآراء في المجتمعات التي تعاني من القمع.

وقال عبدالعزيز “معظم وسائل الإعلام العربية تسيطر عليها المخابرات والأمن، وهناك عواقب إذا انحرفت الرسالة عن الخط الرسمي. لذلك فإن الطريقة الوحيدة لتغيير التغطية هي من خلال الأنظمة نفسها، لأنهم ليست لديهم إرادة لإعطاء حرية للصحافة أو اختلاف الآراء”.

لكن فريق كوشنر يقول إن المشروع كان ضروريا لفهم وتحديد وسائل الإعلام التي تصف سياسة الولايات المتحدة بمصطلحات سلبية، وإلى أي مدى يصل هذا الوصف، لأنه يعمل على تحسين فهم سياسة الإدارة.

وقال مسؤول كبير في الإدارة “كان لدى الإدارات السابقة نهج شديد التخوف تجاه وسائل الإعلام سلبية التغطية، فقال كوشنر على الفور، دعونا نشارك ونُجرِ محادثات مع وسائل الإعلام من جميع وجهات النظر لمعرفة ما إذا كان بإمكاننا التأثير عليها وجعلها تحقق توازنا في تغطيتها في نهاية المطاف. كان نهجه يتمثل في عدم استبعاد أي وسيلة إعلامية، موضحا أن هذه الوسائل الإعلامية تمثل أصواتا مؤثرة في المنطقة، وتصل إلى الأشخاص الذين نحتاج إلى الوصول إليهم”.

العرب