تواصل طهران مساعيها إلى إقناع دول عربية، خاصة في منطقة الخليج، بتوقيع معاهدة عدم اعتداء مع دول المنطقة، حيث عبّرت الثلاثاء لسلطنة عُمان عن رغبتها تلك التي كانت قد عرضتها على الكويت في وقت سابق واصطدمت بموقف كويتي سلبي منها، في وقت لا ترى الحكومات الخليجية أن طهران قادرة على تقديم ضمانات للالتزام بالحفاظ على استقرار المنطقة، لأنها تستمر في تهديداتها وسلوكياتها الاستفزازية لأمن الخليج والمنطقة العربية برمّتها.
مسقط – أعلن السفير الإيراني لدى سلطنة عُمان محمد رضا نوري شاهرودي الثلاثاء أن بلاده أبلغت عُمان رغبتها في توقيع معاهدة عدم اعتداء مع دول المنطقة، وذلك خلال لقائه وزير الخارجية العُماني يوسف بن علوي، بحسب ما ذكرت وكالة الأنباء الإيرانية الرسمية “إرنا”.
وقال شاهرودي، في تصريحات نقلتها الوكالة الإيرانية، إن “طهران تدعم دائما السلام والاستقرار في المنطقة، واقترحت حاليا توقيع معاهدة عدم اعتداء مع دول المنطقة”.
وأضاف “نحن نبحث عن الاستقرار والسلام في المنطقة، وبعض القوى الأجنبية هي التي تثير التوتر في المنطقة بتصرفات غير لائقة”.
وقالت الوكالة إن السفير الإيراني لدى عُمان ووزير الخارجية العُماني “تبادلا وجهات النظر حول العلاقات الثنائية وآخر التطورات في المنطقة”.
ووفق “إرنا”، وصف وزير الخارجية العُماني علاقات بلاده مع إيران بأنها “في تقدم”، وقال “نحن وإيران في وئام وتنسيق مستمر بشأن القضايا السياسية والإقليمية ونتشاور باستمرار”.
وتحاول إيران في خضم أزمتها الحالية مع الولايات المتحدة تحييد مواقف دول عربية عبر اتفاقيات عدم اعتداء، وسبق أن عرضت نفس الموضوع على الكويت من دون أن تجد اهتماما لذلك.
ولم ينجح وزير الخارجية الإيراني محمد جواد ظريف خلال زيارته للكويت الشهر الماضي بإقناع الجانب الكويتي بتوقيع معاهدة عدم اعتداء مع إيران أو حتى إحراز أي تقدّم في هذا السياق، إذ أكدت مصادر سياسية أن المسؤولين الكويتيين الذين التقاهم ظريف لم يتفاعلوا مع مقترحه واكتفوا فقط بالاستماع إليه.
وفي حين كان وزير الخارجية الإيراني يسعى إلى إظهار أن طهران ليست معزولة في منطقة الخليج وتمارس دبلوماسيتها وتطرح أفكارا مضادة للمزاج الدولي القلق، جاءت نتائج الزيارة عكس ما توقّع، حيث فشل في إقناع الجانب الكويتي بالتدخل لعقد اجتماع يضمّ المسؤولين في المنطقة أو بالتدخل لدى الرياض، بهدف عقد لقاء يجمع بين الدول المطلة على الخليج بحجّة إبعاد المنطقة عن التدخلات الأجنبية.
وفي تصريحات تلفزيونية أدلى بها في مايو الماضي، قال وزير الشؤون الخارجية السعودي عادل الجبير إن بلاده لا ترغب في خوض حرب مع إيران، مبيّنا أن تهدئة الوضع في المنطقة، مرهونة بتصرفات طهران.
ونفى حينها الجبير احتمال شنّ السعودية هجوما على إيران، مؤكدا على ذلك بقوله “هذا ليس صحيحا، فالحرب تضرّ بالمنطقة كلها، والسعودية أكدت مرارا أنها لا ترغب في خوض حرب ضد إيران، لكن الآن الكرة في ملعب الإيرانيين”.
وكان ظريف، كشف، في مؤتمر صحافي بالعاصمة العراقية بغداد في مايو الماضي، أن بلاده عرضت توقيع “اتفاق عدم اعتداء” مع جيرانها في الخليج، عقب تصاعد التوتر بين طهران وواشنطن، دون أن يقدّم تفاصيل بشأنه.
لكن دول الخليج تبدو غير معنية بإقامة نظام أمن إقليمي تكون إيران جزءا منه، إذ تعتبرها المشكلة الحقيقية وبالتالي لا يمكن أن تقدّم الحلول.
وتشكّل إيران تهديدا حقيقيا لأمن الملاحة الدولية في الخليج بسبب التصرفات الاستفزازية التي تُقْدم عليها من فترة إلى أخرى، وهو ما يجعل دول الخليج تعي جيدا أن سلامة مضيق هرمز مرتبط بوقف طهران تهديداتها العلنية.
وتتهم واشنطن وعواصم خليجية وخاصة الرياض، طهران، باستهداف سفن ومنشآت نفطية خليجية وتهديد الملاحة البحرية. وشدد الجبير، في تصريحاته السابقة، على أن الوضع الحالي للمنطقة “حساس للغاية”، وأن على إيران أن تقدم على خطوات من شأنها إظهار رغبتها في تهدئة الأوضاع.
وأضاف أن إيران تتدخل في الشؤون الداخلية لدول المنطقة، وأنه من المضحك رفض طهران لهذه الاتهامات.
وتابع “طهران تهرّب الأسلحة وتدعم العناصر الإرهابية، وهذا ليس كلامنا، بل نتاج لعمل المحققين الدوليين، الذين اكتشفوا حقائق التصرفات الإيرانية”.
ويعدّ تخلّي إيران عن سلوكياتها المزعزعة لاستقرار الخليج وكل المنطقة العربية أبرز الضمانات لدول المنطقة لتقبل بتطبيع العلاقات معها الذي لا يمكن أن يتم إلا تحت مظلة محادثات واتفاقات دولية بمشاركة الدول الخليجية.
وتذرّعت طهران بالعقوبات المفروضة عليها من قبل واشنطن، بموجب انسحاب الأخيرة منذ عام من الاتفاق النووي الموقّع مع إيران، لتقليص التزامها بالاتفاق في محاولة لإعادة التفاوض بشأن برنامجها النووي والصاروخي.
العرب