حذر مركز ستراتفور الأميركي على موقعه الإلكتروني من أن اقتصاد ألمانيا -الذي يُعد الأكبر بين دول الاتحاد الأوروبي- يتجه نحو أول ركود له خلال عشر سنوات.
وتشير بيانات حديثة إلى أن الاقتصاد الألماني قد يعاود الانكماش مرة أخرى خلال الربع الثالث من العام الجاري، بعد انكماشه في الربع الثاني من العام نفسه بنسبة 0.1%.
ووفقا لمعهد “إيفو” الاقتصادي في مدينة ميونيخ، فإن المزاج السائد في الأسواق الألمانية وصل في أغسطس/آب الماضي إلى أدنى مستوياته في نحو سبع سنوات.
أسباب التشاؤم
وعزا مركز ستراتفور –الذي يُعد أحد أهم المؤسسات الخاصة التي تُعنى بقطاع الاستخبارات والدراسات الإستراتيجية والأمنية بالولايات المتحدة- تلك النظرة القاتمة المتوقعة للاقتصاد الألماني إلى عدة عوامل؛ فتزايد عدم اليقين الذي غذته الحرب التجارية بين الولايات المتحدة والصين، والخروج الصعب المحتمل (البريكست) لبريطانيا من الاتحاد الأوروبي في أكتوبر/تشرين الأول القادم؛ كل ذلك ألقى بظلاله على الاقتصاد الألماني الذي يعتمد على التصدير.
وفي الداخل، تعاني ألمانيا الأمرين في ظل نشاط اقتصادي “باهت”، وصناعة سيارات متعثرة، ما انفكت تعمل على التكيف مع التغيرات التي طرأت على توجهات المستهلكين نحو السيارات الكهربائية والسيارات ذاتية القيادة.
ورغم أن الحكومة الألمانية تملك من الأموال ما يجعلها قادرة على مواجهة التراجع الاقتصادي، فإنها تفتقر للوحدة السياسية التي تمكنها من إطلاق حزمة تحفيز متكاملة لتحقيق النمو “بكل ثقة”.
كل تلك العوامل، إلى جانب شيوع حالة عدم اليقين هذه على مستوى العالم، ستحد قدرة البلاد على الانتعاش السريع.
تأثير على كل القارة
ولأن اقتصاد ألمانيا هو الأكبر في منطقة الاتحاد الأوروبي، فإن ذلك يعني أن التطورات السياسية والاقتصادية في تلك الدولة ستكون لها ارتداداتها على أوروبا.
وحسب مقال ستراتفور، فإن المال لا ينبغي أن يمثل مشكلة بالنسبة لألمانيا، فهي –قبل كل شيء- دولة ظلت أربع سنوات متتالية تنعم بفائض مالي ساعدها على توفير 45 مليار يورو (نحو 49 مليار دولار أميركي) في النصف الأول من العام الجاري وحده.
غير أن مشكلة ألمانيا ذات طابع أيديولوجي؛ ذلك أن سياسة برلين القائمة على تفادي العجز المالي -التي تُعرف هناك باسم “صفر أسود” (بلاك زيرو)- تحظى بشعبية طاغية وسط قطاع كبير من جمهور الناخبين. وأثارت النقاشات التي دارت مؤخرا بشأن كيفية معالجة التباطؤ الاقتصادي بعض التوترات بين أطراف الائتلاف الحكومي في ألمانيا.
ويرى مركز ستراتفور أن تباطؤ الاقتصاد سيجبر الحكومة الألمانية على إجراء تخفيضات ضريبية وزيادة الإنفاق؛ بهدف إحداث النمو المطلوب، لكن برلين ستسلك في سبيل ذلك نهجا أكثر حذرا بتطبيق إجراءات تدريجية بدل تبني حزمة تحفيزية قد تكون مثار خلاف محتمل داخل الائتلاف الحكومي.
المصدر : ستراتفور