ابراهيم الزبيدي
من زمن طويل ونحن نعرف جيدا أن الحركات والأحزاب والميليشيات والجماعات الإسلامية السلفية المجاهدة (جدا) ضد المغضوب عليهم والضالين تَبرَع في زراعة الحشيش والأفيون والخشخاش والكوكايين، وتُتقن تهريبها وبيعها وترويجها في بلاد المسلمين والنصارى واليهود من أجل الحصول على المال الكافي اللازم لشراء المفخخات والمفرقعات والخناجر والسيوف وقنابل الغاز السام والصواريخ والكواتم التي يسهُل بها نسفُ المدارس والمستشفيات والأسواق الشعبية والمساجد والموانئ والمطارات، واغتيال المُشركين الذين يدعُون إلى الوسطية، وإلى المجادلة بالتي هي أحسن، ويطالبون بالعدالة والديمقراطية والسلام وحقوق الإنسان وحرية العقيدة، وينادون بالمساواة بين النساء والرجال.
كان هذا من نصف قرنٍ أو يزيد. ولكن وزارة الخزانة الأميركية لم تعلم، إلا قبل أيام، بأن حزب الله اللبناني يحصل على تمويله من تجارة المخدرات في أميركا الجنوبية.
وكأنها لم تسمع بأن سهل البقاع اللبناني صار، منذ عام 2012، مملكة حزب الله المغلقة المحرّم دخولُها حتى على الحكومة اللبنانية لتنفيذ قوانينها التي تمنع زراعة الحشيش وتصديره إلى دول الخليج العربية، وإلى سوريا والعراق. والمعروف والثابت والموثّق أن سهل البقاع ينتج ما يصل إلى ألف طن من القنب سنويا، وما يتراوح بين 30 و50 طنًا من الأفيون الذي يستخدم في صنع الهيروين.
وقد نجح حزب الله، بالتفاهم مع نظام الأسد، في تحويل سوريا إلى سوق كبيرة لبيع المخدرات، وإلى محطة إعادة تصديرها إلى دول الجوار. وقد تضاعفت زراعة المخدرات في مناطق حزب الله بشكل غير مسبوق في السنوات الأخيرة، حتى أصبح لبنان، عالميا، أهمّ مصدر لزراعة المخدرات وتسويقها.
ويقال إن شخصياتٍ قياديةً عليا في حزب الله ومراجع دينيةً موالية له قد أفتت بجواز زراعة المخدرات وتصديرها وبيعها، “إن لم يكن فيها فساد”.
أما إيران، في ظل دولة “حسين” هذا الزمان، علي خامنئي، كما يزعم حسن نصرالله، فتُعتبر واحدة من أهم الدول المنتجة والمهرِّبة للمخدرات.
فهي أكبر مشترٍ ومُصدِّر للأفيون الأفغاني. كما أنها أخطر مَواطن إنتاج الهيروين في العالم، حيث يأتي 95 بالمئة من الهيروين من إيران. وتجري عمليات تهريب المخدرات الإيرانية إلى دول الخليج إما عن طريق البحر، قادمةً من الموانئ الإيرانية، وإما عن طريق الحدود العراقية السورية مع السعودية، وعبر الحدود اليمنية من مناطق الحوثيين.
ولا ننسى هنا أن زراعة المخدرات قد ازدهرت في أفغانستان منذ عام 2001 برعاية حكومة طالبان وأئمة الجهاد الإسلامي الباكستانيين والإيرانيين المتحالفين معها. ويقال إن صادرات أفغانستان السنوية من الأفيون والهيروين بلغت 5.2 مليار دولار، بما يوازي 50 في المئة من ناتجها القومي.
ويعترف الأفغانيون، أنفسُهم، بأن تجارة المخدرات قد رفعت مستوى معيشة سكان المناطق التي تُزرع فيها إلى درجات غير مسبوقة في دولة هي الأكثر فقرا في العالم.
يضاف إلى ذلك اتهاماتٌ أخرى لجماعة الإخوان المسلمين والقاعدة والنصرة وميليشيات الحشد الشعبي بالاعتماد، جزئيا أو كليّا، على تجارة المخدرات للإنفاق على “مجاهديها” وعلى نشاطاتها، وذلك لأنّ ما يردُ إليها من أموال مهرّبة من خلاياها النائمة المنتشرة في الشرق الأوسط وأوروبا لا تكفي.
تُرى أيُّ دين هذا الذي يُبيح تخدير الناس، وإتلاف عقولهم، وتخريب قلوبهم، واختلاس أموالهم؟ وأيّ مجاهدين هؤلاء الذين يذبحون الدين الإسلامي نفسه، وهم يعلمون أو لا يعلمون؟
العرب