بيروت – أعلن حزب الله الثلاثاء، عن لقاء جمع أمينه العام حسن نصرالله برئيس تيار المردة الوزير السابق سليمان فرنجية، في حضور وزير الأشغال العامة للنقل يوسف فنيانوس والمعاون السياسي للأمين العام الحاج حسين الخليل.
يأتي اللقاء بعد أيام من اجتماع نصرالله برئيس التيار الوطني الحر جبران باسيل، ما دفع إلى استنتاجات بشأن تحرّك الأمين العام لحزب الله شخصيا لتذويب الخلافات بين قطبيْ تحالف 8 آذار، استعداد لمرحلة فارقة يمر بها لبنان والمنطقة.
ولطالما اتسمت العلاقات بين فرنجية وباسيل بالتوتر على خلفية استشعار المردة رغبة التيار الوطني الحر في احتكار الساحة المسيحية.
وسبق وأن ترشح فرنجية لرئاسة الجمهورية في مواجهة مؤسس التيار الحر ميشال عون، في نهاية العام 2015، بيد أن كفّة حزب الله مالت إلى فائدة الأخير الذي نجح في الوصول إلى قصر بعبدا، في إطار صفقة جرت في العام 2016، لتتصاعد منذ ذلك الحين المناكفات بين المردة والحر.
وتقول دوائر سياسية أنه مهما علت أصوات “الحليفين اللدودين” فإن حزب الله يثبت في كل مرة أنه يملك كلمة سر كليهما، ولئن نأى بنفسه في السنوات الماضية عن التراشق الإعلامي بينهما، إلا أنه يرى اليوم أن الوقت حان لوضع الخلافات جانبا وإعادة ضبط الوضع على ضوء الظرف الحساس الذي يواجهه لبنان على الصعيد الاقتصادي والتحوّلات الإقليمية العاصفة لاسيما في سوريا بعد التدخل التركي وما يتطلّبه من توحيد صف الحلفاء.
ويبدو أنّ المنطقة تستعد لمخاض جديد قد ينتهي إما بانفراجة كاملة وإما بالذهاب نحو الأسوأ، فالمشهد الجاري لا يحتمل المنطقة الرمادية، على حد تعبير أحد السياسيين، وهذا سبب رئيسي يدفع نصرالله إلى عقد لقاءات مع أتباعه في لبنان. وأعلن بيان لدائرة العلاقات الإعلامية في الحزب، أنه جرى في اللقاء بحث معمّق شامل في مختلف التطورات الإقليمية لاسيما آخر المستجدات على الساحتين العراقية والسورية.
وفيما أكد الطرفان، وفق البيان، موقفهما المعروف بضرورة عودة العلاقات بين لبنان وسوريا إلى وضعها الطبيعي، جدّدا التأكيد على ضرورة الحوار المباشر والرسمي مع الحكومة السورية، خصوصا في مجالين هامين هما الاستفادة من الفرصة التي يتيحها إعادة افتتاح معبر البوكمال لتعزيز الصادرات اللبنانية عبر سوريا إلى العراق، والعمل المشترك مع الحكومة السورية في مسألة عودة النازحين إلى بلادهم، وتخفيف الأعباء الاقتصادية والاجتماعية الكبيرة على لبنان.
وبدا واضحا أن حزب الله يحاول استثمار الأزمة الاقتصادية التي يتخبّط فيها لبنان وإمساك الدول الداعمة عن فتح خزائنها ومنح لبنان ما تعهدت به في مؤتمر سيدر الذي عقد العام الماضي، كمدخل لإعادة علاقات لبنان مع النظام السوري، وهو ملف مثار جدل كبير في الداخل اللبناني، وقد يكون لقاء نصرالله بباسيل ثم فرنجية حث الطرفين على المزيد من التحرك لتحقيق هذا الهدف.
وسبق وأن أعرب باسيل عقب لقائه بنصرالله عن نيته زيارة العاصمة دمشق في خطوة تحفظ عليها البعض، لكن يبقى الموقف اللافت هو ذلك الذي عبر عنه رئيس الحكومة سعد الحريري، حيث أبدى عدم ممانعة لهذه الزيارة شريطة ألاّ يكون الهدف منها هو التطبيع.
ويطرح إعلان باسيل وموقف الحريري تساؤلات حول ما إذا كان هناك اختراق في الموقف الدولي من نظام بشار الأسد، أم أن الأمر لا يعدو كونه محاولة جديدة من حلفاء دمشق يتزعمهم حزب الله لكسر الستاتيكو القائم.
وقال عضو كتلة “المستقبل” محمد الحجار في تصريحات الثلاثاء إن “ليس واضحا بعد إذا كانت الخلفيّة الحقيقية لإعلان وزير الخارجية جبران باسيل عن زيارته سوريا تأتي من منطلق تسوية خارجية جديدة، فالكلام كثير في هذا الإطار، ولكن لا مصلحة لديه في وضع واشنطن بمواجهة معه في النهاية”.
وأضاف “بعيداً عن السجالات، يبقى الأهمّ هو إخراج المواطن اللبناني من مشكلته الاقتصادية والاجتماعية والشكوك من نتائج الزيارة كبيرة، ولكن الأيام القادمة ستوضّح كلّ شيء”.
العرب