بغداد تحاول إلزام المستثمرين الأجانب بتشغيل العراقيين

بغداد تحاول إلزام المستثمرين الأجانب بتشغيل العراقيين

لندن – أعلن مجلس الوزراء العراقي أنه وافق على مقترح يقضي بإلزام المستثمرين الأجانب بتشغيل الأيدي العاملة المحلية، بنسبة لا تقل عن 50 في المئة من إجمالي الأيدي العاملة في المشاريع الاستثمارية في البلاد.

ويرى محللون أن المقترح يستهدف بشكل أساسي شركات النفط الأجنبية، في ظل ندرة الاستثمارات الأخرى في البلاد وضعف الاستقرار الأمني وتفشي البيروقراطية والفساد في أجهزة الدولة.

ويمكن لتلك القيود أن تواجه مقاومة من تلك الشركات التي تعاني من صعوبة العمل في العراق بسبب تردي الوضع الأمني وضغوط العشائر في المناطق المحيطة بنشاطها لتعيين أبنائها في المشاريع النفطية.

وتطبق الكثير من دول المنطقة وخاصة دول مجلس التعاون الخليجي سياسات لتوطين فرص العمل وتشجيع توظيف المواطنين في القطاع الخاص بدل الاعتماد على فرص التوظيف الحكومية.

لكن مشكلة العراق تكمن في شلل جميع القطاعات الاقتصادية واعتماد البلاد بشكل رئيسي على إيرادات صادرات النفط فقط، الأمر الذي يجعل من الصعب إيجاد فرص عمل لجيوش العاطلين عن العمل.

وقال أسامة الخفاجي مدير قسم الأجانب في دائرة التدريب والتشغيل التابعة لوزارة العمل العراقية إن “الأمانة العامة لمجلس الوزراء وافقت على مقترح قدمته وزارة العمل يقضي بإلزام الشركات الأجنبية بتشغيل عمالة عراقية بنسبة لا تقل عن 50 في المئة من إجمالي الأيدي العاملة في المشاريع الاستثمارية”.

وأضاف أن “الشركات أو الوزارات المخالفة تتحمل التبعات القانونية المتضمنة فرض غرامات مالية مع عدم صرف المستحقات المالية لتلك الشركات أو الجهات المخالفة”. وتأتي هذه الخطوة ضمن مساعي الحكومة العراقية لاحتواء احتجاجات شعبية جنوبي البلاد تطالب بتوفير فرص عمل وخدمات عامة.

50 بالمئة نسبة تشغيل العراقيين من إجمالي العاملين في المشاريع الاستثمارية

ولا تزال الاحتجاجات متواصلة في المحافظات ذات الأكثرية الشيعية جنوبي البلاد منذ نحو 3 أسابيع، وتخللتها أعمال عنف خلفت عددا كبيرا من القتلى والجرحى.

ويحتج العراقيون منذ سنوات طويلة على قلة فرص العمل واعتماد الشركات الأجنبية على أيدي عاملة من خارج البلاد.

ويرى مراقبون أن جميع أجهزة الدولة تعاني من قلة الكفاءة في المناصب الإدارية القيادية والتي أدت إلى ارتباك عملها وانتشار الفساد وتقاسم الجهات السياسية للوظائف لتحقيق مكاسب مادية لتلك الأحزاب.

ولا توجد أرقام رسمية دقيقة لنسب البطالة في العراق لكن تقديرات المراقبين تقول إنها تزيد على 20 بالمئة وترتفع بين الشباب والخرجين في بعض المناطق إلى ما يصل إلى 50 بالمئة.

وقدم رئيس الوزراء العراقي تعهدات واسعة لجميع محافظات وسط وجنوب العراق بالاستجابة لمطالبهم بتسريع تنفيذ مشاريع الخدمات وخاصة الكهرباء والمياه. وتتضمن الوعود توفير عشرات آلاف الوظائف في المؤسسات الحكومية.

وتعاني الحكومة العراقية من ارتفاع الموازنة التشغيلية بسبب ارتفاع عدد العاملين في المؤسسات الحكومة والذين يصل عددهم إلى 8 ملايين موظف بحسب تصريحات رئيس الوزراء، وهي عدد يمثل نسبة هي الأعلى في العالم مقارنة بعدد السكان.

ولا توجد إحصاءات رسمية حديثة لعدد السكان، لكن التقديرات تشير إلى أنه يتراوح بين 35 إلى 40 مليون نسمة.

ويرى محللون أن العراق بحاجة إلى الاستجابة لمطلب المحتجين الأساسي وهو مكافحة الفساد، إضافة إلى وضع قوانين صريحة لتشجيع الاستثمار الأجنبي، الذي لا يمكن للبلد بدونه أن يعالج المشاكل المتفاقمة.

وحصل العراق في مؤتمر الكويت لإعادة إعمار العراق في فبراير الماضي على تعهدات تصل قيمتها إلى 30 مليار دولار، لكن الكرة لا تزال في ملعب الحكومة العراقية لتوفير الشروط الملائمة لتدفق تلك التعهدات.

وجاءت معظم التعهدات في شكل قروض وضمانات للمشاريع والصادرات، لكن محللين يقولون إن تلك الضمانات قد لا تجد مشاريع من أجل ترجمتها على أرض الواقع. وأكدوا أن انتشار الفساد وارتباك المؤسسات الحكومية العراقية قد يعرقلان تنفيذ التعهدات.

ويقول محمد شاكر الدليمي أمين عام اتحاد رجال الأعمال العراقيين إن إنعاش الاقتصاد يعتمد على طريقة إدارة البلاد، فهي العامل الحاسم في تدفق الاستثمارات الأجنبية. وأكد وجود أعداد كبيرة من رجال الأعمال العراقيين الذين يرغبون في الاستثمار في حال توفر الظروف الملائمة.

وشدد على ضرورة سد جميع الثغرات في القوانين والتعليمات بالاستناد إلى الخبرات العملية. وطالب بمعالجة الخلل في قانون الاستثمار الذي أصبح بابا من أبواب الفساد وعرقلة المشاريع، التي يمكن أن تعالج جميع الأزمات وتؤدي إلى خلق فرص العمل.

ويرى محللون أن المعالجات التي تتخذها الحكومة العراقية بزيادة التوظيف في المؤسسات الحكومية، يمكن أن تعمق الخلل وتفاقم ظاهرة البطالة المقنعة، لأن قرارات التعيين لا تستند إلى وجود وظائف حقيقية.

وأكدوا أنها يمكن أن تزيد من شلل المؤسسات وتفاقم عجز الموازنة بسبب انفجار الموازنة التشغيلية التي لن تترك مجالا للمشاريع الاستثمارية.

العرب