بغداد – أعلنت حركة عصائب أهل الحق في العراق براءتها من نحو خمسين شخصا قالت إنهم استغلوا اسمها لتنفيذ عمليات سلب ونهب واختطاف وابتزاز واغتيال في مناطق متفرقة من بغداد، بهدف الحصول على المال.
ويُنظر إلى مثل تلك العمليات، باعتبارها نتيجة حتمية لتغوّل الفصائل الشيعية التي شاركت في الحرب ضدّ تنظيم داعش، ولا تزال تحتفظ بكلّ عدّتها وعتادها وتضمّ الآلاف من المقاتلين الذين تفيض أعدادهم عن الحاجة في الوقت الحالي، غير أن تزايد اعتماد عناصر الميليشيات على قوّة السلاح لتحصيل الأموال مرتبط أيضا بشحّ مصادر التمويل وتناقصها.
ومنذ شحت الأموال الموجهة من إيران إلى جماعات عراقية مسلحة، بسبب العقوبات الدولية، التي تسببت في انهيار الاقتصاد الإيراني، ازدادت عمليات الخطف والابتزاز التي تنسب إلى مجهولين في العاصمة العراقية.
وحركة عصائب أهل الحق، التي يتزعمها قيس الخزعلي، هي إحدى المجموعات العراقية المسلحة الموالية لإيران. وبعد صدور فتوى الجهاد الكفائي عن المرجع الشيعي الأعلى علي السيستاني عام 2014 أعلنت الحركة انخراطها في قوات الحشد الشعبي التي تخضع نظريا للحكومة العراقية. لكن مقربين منها قالوا إن انضمام العصائب إلى الحشد كان مجرد غطاء لضمان حرية حركتها.
ويعلّق خبير أمني عراقي على وضع الميليشيات في المشهد العام بالعراق خلال مرحلة ما بعد الحرب ضد تنظيم داعش بالقول إنّه “كان من المتوقّع أن يستعيد الحشديون بعد انتهاء العمليات العسكرية في الموصل وغرب العراق أوضاعهم الأصلية كقطّاع للطرق ولصوص يستقوون بالسلاح الذي لم يعد حمله في العراق يحتاج إلى رخصة قانونية”.
ويضيف طالبا عدم ذكر اسمه لأسباب تتعلّق بأمنه الشخصي “لم تتوقف عمليات الخطف بهدف الحصول على فدية. لكنها توسّعت ولم تعد تقتصر في استهدافها على طائفة أو طبقة أو منطقة معيّنة”.
ويؤكّد المتحدّث ذاته أنّ “الجماعات المسلّحة المنضوية في الحشد الشعبي ومنها عصائب أهل الحق تجذب في الغالب للانتماء إليها نوعا يائسا ومحبطا من الشباب الذين وهنت علاقتهم بالمجتمع، وصاروا ينظرون إليه بعدوانية بسبب ما عانوه من حرمان”.
وبشأن قضية العصائب التي يدور حولها الجدل في العراق هذه الأيام، يشرح أنّه “إلى وقت قريب كانت النشاطات الإجرامية لأفراد في الحشد عملا مقبولا وغير مستنكر من قبل القيادات الحشدية، فعن طريق تلك النشاطات تنوع الجماعات مصادر تمويلها وهو ما تحتاج إليه نظرا لاتساع دائرة حركتها بالرغم من أن الحكومة العراقية كانت دائما سخية في ما تقدمه لها من تمويل تم فرضه عليها قانونا. غير أن انتقال الميليشيات من مرحلة العمل المسلّح إلى مرحلة العمل السياسي وذلك تمهيدا للاستيلاء على الدولة تنفيذا لمخطط إيراني، فرض عليها نوعا من الرقابة المؤقتة من أجل تبييض صورتها وتحسين سمعتها. لذلك صارت تتخذ إجراءات صورية ضد عدد من منتسبيها ممّن لا تجد مسوغا لاستمرارهم في العمل داخل صفوفها من غير أن تؤدي تلك الإجراءات إلى الحد من النشاط الإجرامي لأولئك المنتسبين”.
ويختم الخبير الأمني بالقول “إذا تعلق الأمر بعصائب أهل الحق فإن قيادتها تنتظر بفارغ الصبر الحصول على الحصانة التي تعتقد أنها ستحميها من العقوبات بسبب شمولها بلوائح الإرهاب الأميركية. وهو ما لم تتضح معالمه بعد. لذلك تحاول تلك الجماعة المسلحة أن تسترضي الشارع العراقي في محاولة منها لتقوية موقفها في ما تنتظره من صراع قانوني متوقع”.
وفي انتخابات العراق العامة التي جرت في مايو الماضي، حصلت حركة العصائب على 15 مقعدا بعدما كانت تملك مقعدا واحدا فقط في البرلمان العراقي الذي انتهت ولايته.
وتقول مصادر عراقية مطلعة إن حركة عصائب أهل الحق تعاني منذ شهور، للحصول على احتياجاتها المالية اللاّزمة لسد نفقات العشرات من المكاتب التي افتتحتها في مختلف أرجاء البلاد ودفع رواتب الآلاف من عناصرها ولا سيما أولئك الذين يقاتلون في سوريا بعدما خفضت إيران مستوى تمويلها للجماعات العراقية بسبب العقوبات الدولية الناجمة عن ملفها النووي وتدخلاتها في شؤون عدد من دول المنطقة.
وتقول مصادر أمنية عراقية إن المئات من عناصر المجموعات المحلية المسلحة انخرطوا خلال الشهور القليلة الماضية في أنشطة إجرامية تستهدف شركات الصيرفة ومحال بيع الذهب وأبناء عائلات ثرية.
وتضيف المصادر أن هدف هذه الأنشطة هو الحصول على الأموال بعدما شحّ التمويل القادم من إيران بسبب العقوبات الدولية.
وتقول شخصيات سياسية في بغداد إن “العصائب تشعر بحرج بالغ جراء تورط العديد من عناصرها في أنشطة إجرامية بهدف الحصول على أموال لا سيما بعد الفوز اللافت الذي حققته الحركة في الانتخابات البرلمانية”.
العرب