تحت ضغط الخوف من شموله بالعقوبات الأميركية ذات الطبيعة الاقتصادية، يخوض رئيس هيئة الحشد الشعبي فالح الفياض مواجهة مع نائبه أبي مهدي المهندس، للسيطرة على هذه القوة التي تعتقد إيران أنها الوحيدة القادرة على قمع التظاهرات العراقية المستمرة منذ 69 يوماً.
وجد الفياض نفسه متورطاً في المسؤولية عن قيام كتائب حزب الله العراقية، وهي إحدى مكونات الحشد الشعبي الذي يترأسه، ولكنها تخضع للمهندس، بالهجوم على ساحة الخلاني وجسر السنك، حيث يتجمع متظاهرون سلميون يطالبون بإسقاط النظام السياسي ومحاسبة الفاسدين، يوم الجمعة 6 ديسمبر (كانون الأول) 2019.
وصفت هذه الأحداث على نطاق واسع بـ”مجزرة السنك”، وأكدت وثائق وزارة الداخلية أن مرتكبيها هم عناصر في حزب الله العراقي، فيما قال ناشطون إن أنصار الصدر تدخلوا لحماية المتظاهرين وخسروا ثلاثة أشخاص في الأقل، لكن الحشد الشعبي مصر على ترويج رواية مغايرة.
عرض الحقائق
نشر الموقع الرسمي للحشد الشعبي، الذي يسيطر عليه المهندس لا الفياض، بياناً هجومياً ضد زعيم التيار الصدري في العراق مقتدى الصدر، تحدث عن “ضرورة عرض الحقائق أمام الرأي العام” في شأن
“الأحداث التي ألقت بظلالها على ساحات التظاهر وبالخصوص ما جرى مساء يوم الجمعة في محيط منطقتي الخلاني والسنك التي سقط فيها عدد من الضحايا”، بهدف “قطع دابر الفتنة التي أرادت أن تستغلها بعض الأطراف المحلية والدولية في مآربها الخاصة”.
أضاف البيان “يعلم الجميع أن أعداداً كبيرة من المتظاهرين الذين استجابوا لنداء المرجعية بالتصدي وطرد المخربين وحماية المتظاهرين السلميين الموجودين في ساحات التظاهر وخصوصاً في مرأب السنك، وهذا ما أغاظ المجاميع المخربة الموجودة في هذا المكان والتي تهيمن بشكل كبير وتفرض وجودها بالقوة والإرهاب”.
وجاء في البيان، “كانت هذه المجاميع الملثمة تخطط لاستفزاز المتظاهرين ومنعهم من الوجود في بناية المرأب وقد تعرض عدد من السلميين إلى الاعتداء بالسكاكين والأدوات الجارحة وقنابل المولوتوف لحرق المكان وهذا ما وثقته وسائل الإعلام، وكذلك تم خطف ثلاثة وعشرين متظاهراً سلمياً”، مشيراً إلى أن الموجودين في المنطقة استنجدوا بـ”القوات الأمنية والحشد الشعبي فاستجاب أبناء الحشد للتدخل نتيجة الفراغ الأمني وغياب سلطة الدولة غير أن إطلاق نار كثيف وجه صوب المتظاهرين ومجموعة الحشد، ما أوقع عدداً من الضحايا ليتطور الموقف إلى صدامات متقابلة لإنقاذ المتظاهرين المخطوفين وكذلك المحاصرين داخل المرأب”.
تابع، “حينها قام المخربون بنقل المختطفين إلى بناية المطعم التركي، ومع انشغال أبناء الحشد بإنقاذ المحاصرين في المرأب ونتيجة الوجود الكثيف لسرايا السلام (التابعة لمقتدى الصدر) وما يعرف بالقبعات الزرق (وهم أنصار الصدر المدنيون في ساحة التحرير) وبعضهم يحمل السلاح، ومع غياب التنسيق اشتبك الجميع بالنيران مما عقد المشهد وتسبب في سقوط عدد من الضحايا من الطرفين”.
وواصل البيان “عندها تدخلت القيادات الأمنية وقيادات الحشد بالتواصل مع جميع الأطراف وعقد اجتماع بين قيادات سرايا السلام مع الأمن الوطني وقيادة عمليات بغداد انتهى بالاتفاق على سحب قوات السرايا والقوة التي تدخلت لإنقاذ المختطفين”.
وختم البيان أن “شعبنا العزيز وذوي الضحايا والمختطفين يطالبون الجهات المسؤولة بالإفراج عن أبنائهم وكشف الحقائق أمام الرأي العام وبيان طبيعة المجاميع المسلحة والمخربين وارتباطاتها وما يجري في بناية المطعم التركي من نشاطات مريبة وممارسات مشبوهة ولا أخلاقية، والمباشرة بتفتيش البناية والبنايات المحيطة بساحات التظاهر ومصادرة السلاح الموجود هناك وتحرير المختطفين”.
عقوبات أميركية على 4 مسؤولين في “الحشد” متورطين بقمع المتظاهرين… واحتدام المواجهات في بغداد
ودعا الحشد “الشعب العراقي إلى مواصلة التظاهر السلمي الذي هو حق مشروع لجميع أبناء الشعب العراقي وليس حكراً على فئة أو جماعة أو حزب”، مطالباً القوات الأمنية بـ”فرض سيطرتها على ساحات التظاهر وحمايتها وبسط الأمن وإعادة الأوضاع إلى نصابها الطبيعي كما طالبت المرجعية الرشيدة بذلك حتى نفوت الفرصة على من يتربص بنا الدوائر”.
اختراق موقع الحشد!
لم يستمر هذا البيان كثيراً على الموقع الرسمي للحشد، إذ سرعان ما حذف. في غضون ساعات، كان أنصار الفياض يتداولون معلومات عن اختراق الموقع الرسمي للحشد الشعبي، لكنها لم تلق اهتماماً في أوساط المتابعين.
وقال مراقبون إن هذا الموقف يشير إلى إمكانية اندلاع مواجهة بين سرايا السلام والميليشيات العراقية الموالية لإيران، التي ترى أن التظاهرات العراقية تستهدف إنهاء نفوذها الكبير وهيمنتها على الدولة.
وترافقت هذه الضجة مع هجوم صاروخي على موقع عسكري ملاصق لمطار بغداد الدولي، ما تسبب في سقوط ضحايا.
قالت خلية الإعلام الأمني التابعة للحكومة، إن 4 صواريخ كاتيوشا سقطت على أحد المعسكرات المحيطة بمطار بغداد الدولي تسببت في إصابة ستة مقاتلين، مشيرة إلى أن القوات الأمنية باشرت بـ “بتفتيش المناطق وعثرت على منصة إطلاق الصواريخ مع وجود صواريخ تعطل إطلاقها”.
وأعلنت مصادر في جهاز مكافحة الإرهاب العراقي أن خمسة من عناصره أصيبوا بجروح بعد قصف صاروخي طاول محيط المطار العسكري في العاصمة بغداد.
وذكرت المصادر أن اثنين من الجرحى في حالة خطرة وهما يتلقيان العلاج، بينما تم نقل الجرحى الثلاثة الآخرين إلى المستشفى.
في وقت لاحق من صباح الاثنين 9 ديسمبر، قالت مصادر أمنية إن هناك مؤشرات إلى تورط حزب الله العراقي في الهجوم على جهاز مكافحة الإرهاب، الذي تقول الميليشيات الموالية لإيران إنه يتربط بعلاقات غير اعتيادية مع الولايات المتحدة.
اندبندت العربي