على تلة في ووهان، يقع مختبر علم الأوبئة الذي أنشئ بمساعدة من فرنسا وهو موضع الشبهات الأميركية حول مصدر وباء كوفيد – 19 الذي ظهر في هذه المدينة الكبيرة في وسط الصين.
بحسب غالبية العلماء، فإن فيروس كورونا المستجد انتقل على الأرجح إلى الإنسان من حيوان، وتشير كل المعلومات إلى سوق في المدينة كانت تباع فيه حيوانات برية على قيد الحياة، بحسب وكالة الصحافة الفرنسية.
لكن وجود معهد علم الأوبئة على بعد أمتار من ذلك المكان يثير منذ أشهر شبهات بتسرب فيروس سارس – كوف – 7 من هذه المنشآت الحساسة، وإثر صدور عدة مقالات صحافية، تحدث وزير الخارجية الأميركي، مايك بومبيو هذا الأسبوع عن «تحقيق» لدرس هذه الفرضية التي لا تستند حتى الآن إلى أي أمر ملموس.
فيما يلي أبرز الأسئلة حول معهد الأوبئة في ووهان:
بحسب صحيفة «واشنطن بوست»، فإن سفارة الولايات المتحدة في بكين وبعد عدة زيارات إلى المعهد نبهت في 2018 السلطات الأميركية إلى إجراءات السلامة غير الكافية كما يبدو في مختبر يجري دراسات على فيروس كورونا الناجم عن الخفافيش.
ونقلت شبكة «فوكس نيوز» الأميركية عن «عدة مصادر»، لم تكشف هويتها، أن فيروس كورونا الحالي، الذي أعلن في ديسمبر (كانون الأول) عن أول ظهور له في ووهان نفسها، مصدره هذا المختبر بالذات، وإن كان فيروسا طبيعيا غير مركّب من قبل الصينيين، فقد يكون «تسرّب» لا إرادياً، بل جراء اتّباع تدابير وقائية غير سليمة.
والمختبر منشأة تحظى بحماية مشددة وفيه سلالات أخطر الفيروسات المعروفة مثل «إيبولا» وهو مختبر بي – 4 للسلامة البيولوجية من المستوى الرابع.
وهذا الموقع الفائق الحساسية أنشئ بمساعدة من فرنسا، ويتيح إجراء أبحاث شديدة الدقة بهدف الاستجابة السريعة في حال ظهور أمراض معدية.
وكلفته حوالي 40 مليون يورو وقد مولته الصين، والباحثون يعملون فيه وسط عزلة تامة، وهناك على الأقل حوالي 30 مختبراً من نوع بي – 4 في العالم نصفها في الولايات المتحدة.
من جانب آخر، يملك معهد علم الأوبئة في ووهان أكبر مجموعة من سلالات الفيروسات في آسيا مع 1500 عينة مختلفة بحسب موقعه على الإنترنت.
ورغم أن الصحافة الأميركية تتحدث باستمرار عن بي – 4 فإن الدراسات الأقل خطورة مثل تلك المتعلقة بفيروس كورونا المستجد تجري عادة في مختبرات بي – 3 وهو نوع مختبر يملكه المعهد أيضاً.
ورفض المعهد الرد على أسئلة وكالة الصحافة الفرنسية وبالتالي لا يمكن للوكالة التأكيد رسمياً أنه تم درس فيروسات من نوع كورونا قبل انتشار الوباء، في هذه المختبرات، لا شيء يتيح تأكيد ذلك.
ونقلت صحيفة «واشنطن بوست» وشبكة «فوكس نيوز» معلوماتهما عن مصادر لم تكشف هويتها عبرت عن قلقها من احتمال حصول تسرب عرضي للفيروس، وبحسب شبكة التلفزيون فإن «المريض الأول» الذي كان وراء انتشار الوباء قد يكون موظفاً في المعهد أصيب به ونقله لاحقاً إلى أماكن أخرى في ووهان.
ورداً على سؤال عن هذه الفرضية، أعلن الرئيس الأميركي، دونالد ترمب، أنه يسمع «بشكل متزايد هذه الرواية»، مضيفاً أنها حالياً «وضع درس معمق جدا» من قبل واشنطن.
وقال مايك بومبيو في مقابلة، الجمعة، إنه حين بدأ الوباء بالانتشار في الصين، «تساءلت السلطات المحلية عما إذا كان معهد علم الأوبئة هو مصدره»، وأضاف: «نعلم أنهم لم يسمحوا للعلماء من العالم أجمع بالتوجه إلى هذا المختبر لكي يعرفوا ما حصل هناك».
وجرى تداول عدة نظريات في الأشهر الماضية على الإنترنت تشير بأصابع الاتهام إلى هذا المختبر.
ونشر المعهد في فبراير (شباط) بياناً ينفي هذه الشائعات الأولى، وأعلن أيضاً أنه تلقى اعتباراً من 30 ديسمبر (كانون الأول) عينات عن الفيروس الذي كان غير معروف وينتشر في ووهان (ثم تم التعريف عنه لاحقاً على أنه سارس – كوف – 2) وفكك تسلسل جيناته في 2 يناير (كانون الثاني) ثم نقل هذه المعلومات إلى منظمة الصحة العالمية في 11 ديسمبر (كانون الأول)، ثم أعلنت منظمة الصحة العالمية أنها تلقت تسلسل الجينات في 11 يناير من الصين.
ورفض المتحدث باسم وزارة الخارجية الصينية، تشاو ليغيان، الجمعة، الاتهامات الأميركية التي تستهدف المعهد.
ويعتقد العديد من الباحثين أن فيروس كورونا المستجد مصدره بدون شك الخفافيش، لكنهم يعتقدون أنه نقل عبر وسيط آخر قبل أن يصل إلى الإنسان.
وأكد علماء صينيون أن هذا الحيوان الوسيط هو آكل النمل الحرشفي وهو حيوان ثديي صغير مهدد بالانقراض لأنه مستغل بسبب قشور جلده.
في المقابل، نشرت دراسات أجراها باحثون صينيون آخرون في مجلات علمية معروفة مفادها أن المريض الأول بفيروس كورونا المستجد لم يزر سوق ووهان للحيوانات البرية.
وقالت فيليبا لينتزوس، الباحثة في شؤون السلامة الاحيائية في كينغز كوليدج في لندن، لوكالة الصحافة الفرنسية إن «مصدر الوباء لا يزال سؤالاً عالقاً»، وأضافت أن لا شيء يرجح فرضية تسرب الفيروس من مختبر «وليس هناك من دليل حقيقي» على أن فيروس كورونا المستجد مصدره بالفعل سوق ووهان للحيوانات البرية.
الشرق الأوسط