القوى السنية والكردية تحرر الكاظمي من الضغوط الشيعية

القوى السنية والكردية تحرر الكاظمي من الضغوط الشيعية

بغداد – قلبت القوى السياسية السنية والكردية في العراق الطاولة على نظيرتها الشيعية الموالية لإيران، عندما خولت رئيس الوزراء المكلف مصطفى الكاظمي صلاحية اختيار المرشحين للوزارات التي تقع ضمن استحقاقها بحرية كاملة.

وطيلة الأيام الماضية، منعت القوى السياسية الشيعية الموالية لإيران مفاوضات تشكيل الحكومة العراقية الجديدة من التقدم، بعدما اشترطت ترشيح شخصيات لحقائب محددة في كابينة الكاظمي، متذرعة بأن القوى السنية والكردية فعلت الأمر نفسه.

وكشف إصرار هذه القوى على نيل حصة الأسد في كابينة الكاظمي أن الإجماع السياسي الشيعي على تخويل المكلفِ اختيارَ الوزراء، كان مجرد دعاية إعلامية.

وذكرت مصادر سياسية عراقية أن زعيم ائتلاف دولة القانون نوري المالكي يقود محور الضغط المقرب من إيران لانتزاع أكبر قدر من وزارات كابينة الكاظمي، يدعمه في ذلك زعيمُ حركة عصائب أهل الحق قيس الخزعلي وزعيم كتلة السند الوطني أحمد الأسدي وحزبُ الفضيلة الذي يرعاه رجل الدين الشيعي محمد اليعقوبي.

وحتى قبل 48 ساعة مضت، فإن مصير كابينة الكاظمي كان معلقا بين ثلاثة اتجاهات، الأول تمثله القوى الشيعية الموالية لإيران التي تصر على الحصول على حصتها كاملة في الحكومة الجديدة، والثاني هو القوى السنية والكردية التي تعتقد أنها ليست مشمولة بخارطة التنازلات الشيعية، وهي مطالبة أمام جمهورها بضمان تمثيل وازن في السلطة التنفيذية.

أما الاتجاه الثالث فيضم القوى الشيعية التي تقف بعيدة، نوعًا ما، عن إيران؛ وهي تيار الزعيم الشيعي مقتدى الصدر وتيار الحكمة بزعامة عمار الحكيم وائتلاف النصر بزعامة حيدر العبادي، حيث تعتقد هذه الأطراف الثلاثة أن طبيعة المفاوضات القائمة لا تبشر بخير.

وفي وقت متأخر من مساء يوم الاثنين، توافق رئيس البرلمان محمد الحلبوسي، وهو أبرز الزعماء السنة حاليا، مع الزعيم الكردي مسعود البارزاني على منح الكاظمي دفعة قوية بتخويله حق اختيار الوزراء السنة والأكراد في كابينته بحرية كاملة.

ويقول السياسي السني مشعان الجبوري إن الكاظمي زار القوى الشيعية المجتمعة في منزل زعيم تحالف الفتح هادي العامري مساء الاثنين، وأبلغها بالحصول على تخويل سني كردي كامل لاختيار وزراء مستقلين.

وأضاف الجبوري، وهو نائب سابق، أن الكاظمي أبلغ الكتل الشيعية رفضه “المحاصصة الحزبية وتوزيع الوزارات على الكتل، وهذا يتفق مع المسطرة التي طالبتم باعتمادها” وتطبيقها على جميع القوى السياسية.

وتابع أن أحد الحاضرين في اجتماع منزل العامري اتصل برئيس البرلمان وتأكد أن إعلان الكاظمي كان دقيقا.

ويقول مراقبون إن هذا التحول في مسار المفاوضات وضع الكاظمي في موضع قوة، بعدما عانى عدة أيام من ضغوط شيعية دفعته إلى التفكير في تقديم اعتذاره عن التكليف.

وتوقعت مصادر مطلعة أن يطلب الكاظمي من البرلمان الانعقاد للتصويت على كابينته خلال يومين أو ثلاثة.

ويقول مراقبون إن دعم الصدر والحكيم والعبادي لجهود الكاظمي بات تحصيل حاصل، بعدما لعب الثلاثة أدوارا مؤثرة في تمكينه مِن تكليف الرئيس برهم صالح بتشكيل الحكومة الجديدة.

ولا تستبعد المصادر أن تعود أطراف شيعية موالية لإيران إلى الانضمام لركب داعمي الكاظمي، في ظل خشيتها من الوقوع في دائرة العزلة السياسية، وهو ما ألمح إليه النائب عن حركة العصائب نعيم العبودي، الذي صرح بأن مفاوضات تشكيل الحكومة تمضي في أجواء إيجابية، مقللا من قيمة العقبات التي تعترض طريق المكلف.

وفي وقت لاحق، نقلت مصادر شيعية أن القوى الحاضرة في اجتماع منزل العامري توافقت على تمرير حكومة الكاظمي، بعدما تأكدت من صعوبة انتزاع مكاسب كبيرة منها أو إجهاضها.

ويرجح هذا التطور حدوث وساطات سرية لحث الكاظمي على منح بعض الوزارات للقوى القريبة من إيران، فيما يقول مراقبون إن هذا السيناريو يتوقف على مدى تماسك الجبهة السنية الكردية وقدرة الصدر والحكيم والعبادي على توفير الغطاء الشيعي اللازم للحكومة الجديدة.

العرب