طهران – بوصول قائد مخضرم من قوات الحرس الثوري الإيراني إلى أعلى منصب تشريعي في إيران، يكون الحرس الثوري قد وصل إلى الخطوة قبل الأخيرة للاستيلاء بالكامل على مقدرات الدولة بمفاصلها المالية والإدارية، والآن التشريعية، وهو الأمر الذي يفتح باب السؤال إن كان سيقف عند هذه الحدود أم سيكون المرشد الأعلى القادم بدوره من الحرس.
وانتخب مجلس الشورى الإيراني الجديد الخميس رئيس بلدية طهران السابق محمد باقر قاليباف رئيسا له، ليعزز بذلك سلطة المحافظين قبل الانتخابات الرئاسية المرتقبة عام 2021.
ويزيد انتخاب قاليباف على رأس مجلس الشورى من ترجيح كفة المحافظين الذين باتوا يحكمون قبضتهم على المؤسسات المختلفة عدا رئاسة الجمهورية، حيث بات الرئيس روحاني أسيرا لقراراتهم.
وأفاد التلفزيون الرسمي بأن قاليباف (58 عاما) نال 230 صوتا من أصل 267 لتولي واحد من أهم المناصب في البلاد.
وسبق أن ترشح قاليباف للانتخابات الرئاسية ثلاث مرات، وشغل منصب قائد الشرطة سابقا، وكان عضوا في الحرس الثوري الإيراني وتولى منصب رئيس بلدية طهران من 2005 حتى 2017.
ونال أغلبية الأصوات في العاصمة طهران في الانتخابات البرلمانية التي جرت في فبراير وشهدت أدنى نسبة مشاركة شعبية منذ عقود.
وكان سبب نسبة الامتناع القياسية عن التصويت في طهران عموما رفض ترشيحات العديد من المعتدلين والإصلاحيين من قبل مجلس صيانة الدستور الذي يهيمن عليه المحافظون.
وحقق قاليباف فوزا ساحقا على مرشحَين آخرين للمنصب، هما النائبان المحافظان فريدون عباسي (17 صوتا) ومصطفى مير سليم (12 صوتا).
ورغم سيطرة المحافظين على المؤسسات الهامة في البلاد، فإن ذلك لا يحول دون توسع دائرة الغضب الشعبي ضدهم، خاصة بعد الفشل في إدارة أزمة فايروس كورونا وما رافقها من خسائر بشرية واقتصادية كبيرة وسط اتهامات موجهة إلى السلطات بأنها تهاونت في مواجهة الوباء منذ انطلاقه وأن إجراءاتها جاءت متأخرة.
وأطلق المرشد الأعلى علي خامنئي يد الحرس الثوري لمواجهة وباء كورونا، ليمنح بذلك الحرس الثوري فرصة ثمينة ترسخ قوّته في البلاد التي تقول كل المؤشرات إنها ستشهد تغييرا في ملامح نظام الحكم فيها نحو التشدد، في ظل غلبة تيار تصدير الثورة، والذي يعني مناصبة العداء لدول الإقليم والولايات المتحدة، وبالنتيجة ضخ الأموال للاستمرار في سباق التسلح وخاصة في تقوية الميليشيات الحليفة في المنطقة.
ويتبنى خامنئي والمعسكر المحافظ في طهران خيار التصعيد لكسب الشارع الذي يهيمن عليه المتشددون، ومن أجل ترسيخ هذا الخيار يبدو هذا المعسكر مستعدا لتقدّم الحرس الثوري الصف وقيادة البلاد.
ويقول المراقبون إن السلطات تريد أن تذهب إلى أقصى حدّ في مواجهة غضب الشارع المتزايد، وأنها باتت مقتنعة بأن أي تراخ قد يفقدها زمام الأمور، ولذلك فهي تمنح قوات الحرس الثوري سيطرة على البلاد غير مسبوقة.
ويرى الباحث في الشأن الإيراني مهدي خلجي، في تحليل بمعهد واشنطن لدراسات الشرق الأدنى، أن “الوباء جعل إمكانية قيام سيناريو الخلافة أكثر احتمالا حتى الآن، ذلك الذي يلعبه الحرس الثوري الذي سيؤدي الدور الرئيسي في إيران في مرحلة ما بعد خامنئي”.
ويوجد في تركيبة مجلس الشورى الحالي محافظون متشددون يعارضون روحاني في جميع الملفات تقريبا، ومن بينها طريقة إدارة الاقتصاد المتضرر بشدة من العقوبات والتعامل مع الأزمة الصحية والتوترات مع الولايات المتحدة.
وترشح محمد باقر قاليباف بصفته شخصية “تكنوقراطية” في الانتخابات الرئاسية وانهزم أمام حسن روحاني الذي فاز حينها بولايته الأولى، لكنه انسحب في انتخابات عام 2017 وأعلن مساندته إبراهيم رئيسي الذي يشغل الآن رئاسة السلطة القضائية.
ويخلف قاليباف علي لاريجاني الذي تولى رئاسة مجلس الشورى منذ 2008.
وسُمي لاريجاني مستشارا للمرشد الأعلى آية الله خامنئي الذي عيّنه أيضا عضوا في مجلس تشخيص مصلحة النظام، وهي هيئة تحكيم ومراقبة لمؤسسات الحكم.
العرب