تلقت سلطنة عُمان دعما كبيرا مع استمرار تدفق الاستثمارات إلى المنطقة الاقتصادية في الدقم رغم تحديات الوباء التي أثرت على اقتصادها المتعثر، وسط موجة من التفاؤل بين المسؤولين مع اقتراب الانتهاء من أهم المشروعات التي تأتي ضمن “رؤية 2040” لتنويع مصادر الدخل.
الدقم (سلطنة عمان)- استكمل القائمون على المشروعات الحيوية في منطقة الدقم الاقتصادية في سلطنة عمان تنفيذ الخطط المقررة، متحدين بذلك كافة الإجراءات الاحترازية المتعلقة بأزمة وباء كورونا.
وتظهر أحدث البيانات الصادرة عن هيئة المنطقة الاقتصادية الخاصة بالدقم أن عمليات إنجاز البنية التحتية شارفت على الانتهاء خاصة تلك المتعلقة بالميناء.
وتعطي تحركات مسقط باتجاه تطوير المشروعات لمحة عن إصرار الحكومة على التركيز على المنطقة، التي باتت بالنسبة لها دعامة إستراتيجية لتحفيز النمو المستدام.
ويعدّ مشروع منطقة الدقم، الأكبر في تاريخ سلطنة عُمان، ويقع على بعد نحو 550 كيلومترا عن مسقط وتشغَل مساحة تبلغ ألفي كلم مربع، وهو يأتي في إطار جهود تنويع مواردها لتشمل صناعات أخرى قبل نفاد الاحتياطيات النفطية القليلة أصلا.
وتركز مسقط كثيرا على الدقم، التي تتمتع بموقع فريد، إذ يبلغ طول الشريط الساحلي البحري للواجهة السياحية في المنطقة الاقتصادية الخاصة بها حوالي 18 كلم يمكنه استيعاب أكبر أنواع المنشآت والمرافق الحيوية السياحية.
وتشهد المنطقة التي تم إنشاؤها في أواخر عام 2011 إقبالا كبيرا من المستثمرين بفضل موقعها على بحر العرب المفتوح على المحيط الهندي وبالقرب من خطوط الملاحة الدولية.
وتقدم هيئة المنطقة العديد من الحوافز للمستثمرين تتضمن إعفاءات ضريبية وجمركية ومنح حق الانتفاع بالأرض لفترات طويلة تصل إلى 99 سنة.
وعززت الحكومة من خطوات تحسين مناخ الأعمال، عبر إطلاق منصة إلكترونية في أكتوبر الماضي، من أجل تحفيز الشركات المحلية والأجنبية وتسهيل دخولها للمنطقة الاقتصادية في الدقم.
ومن خلال هذه المنصة يتم منح كافة التسهيلات للمستثمرين، وهي تعتبر بوابة الاستثمار في المنطقة، وتصدر عن طريقها مختلف التصاريح الخاصة بالأنشطة التجارية والصناعية والسياحية والعقارية والخدمات اللوجستية.
وتضم المنطقة العديد من المرافق التي تهيئها لاستقطاب الاستثمارات المحلية والعالمية من بينها مطار الدقم الذي يربط المنطقة بالعاصمة العمانية ويمكن تشغيله دوليا متى ما رأت الجهات المختصة بالسلطنة ذلك.
كما تضم المنطقة ميناء الدقم متعدد الأغراض، وحوضا جافا لإصلاح السفن وتغيير استخداماتها من نشاط إلى آخر، وعددا من المشاريع السياحية كفندق كراون بلازا الدقم وفندق بارك ان، بالإضافة إلى مصفاة الدقم والعديد من المشاريع التجارية والصناعية المتنوعة.
وأعلنت هيئة المنطقة في وقت سابق الشهر الجاري إنجاز رصيف المواد السائلة والسائبة، فيما تجاوزت نسبة الإنجاز في الرصيف التجاري 90 في المئة، ويضم الميناء أيضا رصيفا حكوميا تم إنجازه العام الماضي.
ونسبت وكالة الأنباء العمانية الرسمية لرئيس مجلس الهيئة يحيى بن سعيد الجابري قوله إنه “رغم تركيز الهيئة على تنفيذ الإجراءات الاحترازية لمواجهة كورونا إلا أنها مضت في تنفيذ خطتها في استكمال مشروعات البنية الأساسية للمنطقة وفي مقدمتها ميناء الدقم”.
وأضاف في افتتاحية مجلة “الدقم الاقتصادية” الصادرة الشهر الماضي إن “ميناء الدقم سجل نسب إنجاز مرتفعة في مختلف الحِزَم الإنشائية”. وأشار إلى أن الهيئة قامت في مطلع هذا العام بطرح مزايدة عامة لإدارة وتشغيل وتطوير ميناء الصيد البحري.
وأوضح أن طرح هذه المزايدة يأتي ضمن حرص الهيئة على إتاحة المجال أمام الشركات المتخصصة لإدارة هذا المرفق الحيوي وبما يساهم في تفعيل مكاسبه للمنطقة بشكل خاص والاقتصاد المحلي بشكل عام.
ويقع الرصيف النفطي في المنطقة المحاذية لكاسر الأمواج الثانوي البالغ طوله 4.6 كم، وقد تمت تهيئته لتصدير منتجات مصفاة الدقم ومشاريع الصناعات البتروكيماوية الأخرى التي سيتم تصديرها عبر الميناء، ويشهد الرصيف حاليا إنشاء خزانات المشتقات النفطية التابعة لمشروع مصفاة الدقم.
أما الرصيف التجاري فيقع بمحاذاة كاسر الأمواج الرئيسي ويضم 4 محطات من بينها محطتان للحاويات بطول نحو 1600 متر لمناولة 3.5 مليون حاوية نمطية سنويا.
وتشمل المحطات الثلاث الأخرى للمواد الجافة السائبة بسعة 5 ملايين طن سنويا، ومحطة متعددة الاستخدامات بسعة 800 ألف طن سنويا، كما تم إنشاء 37 مبنى متنوعا ومنطقة عمليات الميناء البالغة مساحتها مليون متر مربع.
وقامت الهيئة بتسليم الأجزاء المكتملة من الرصيف التجاري إلى شركة ميناء الدقم، التي تباشر أعمالها في تفريغ وتحميل البضائع والمعدات المختلفة.
واستقبل الميناء خلال العام الجاري العديد من سفن الشحن والبوارج العملاقة التي رست على الرصيف التجاري، من أبرزها الشحنات الخاصة بمشروع مصفاة الدقم التي تضمنت 9 خزانات للغاز البترولي المسال.
وتعكس الإحصائيات الصادرة عن الهيئة ارتفاعا متناميا للاستثمارات في المنطقة، إذ تشير إلى أن حجم الاستثمار بالمنطقة بلغ بنهاية العام الماضي وفقا لعقود الانتفاع التي وقعتها الهيئة 14 مليار دولار.
وشهدت المنطقة خلال العام الجاري توقيع عدد من الاتفاقيات الجديدة من أبرزها اتفاقية حق انتفاع لإنشاء حي للأعمال تحت مسمى “ميسان سكوير الدقم” سيتم إنشاؤه على مراحل ابتداء من العام المقبل.
14 مليار دولار حجم الاستثمار بالدقم بنهاية العام الماضي، وفق بيانات الهيئة الاقتصادية
ويتألف المشروع من 20 مبنى تضم مجمعا تجاريا يشتمل على محلات تجارية ومطاعم ومقاهٍ ومكاتب متنوعة، كما يشتمل ميسان سكوير الدقم على وحدات للتملك وأخرى للإيجار، وشقق فندقية، وفندق لرجال الأعمال، وأماكن للترفيه وأخرى للخدمات وقاعة متعددة الأغراض، وتبلغ مساحة البناء الإجمالية أكثر من 122 ألف متر مربع.
وشهد العام الجاري إنجاز العمل في مشروع حصاد وهو مشروع عقاري فاخر يضم شققا سكنية ومحلات تجارية متنوعة.
كما تقوم شركة بلادي للتطوير العقاري بوضع آخر اللمسات على مركز بلادي للأعمال، الذي جاء إنشاؤه ضمن جهود القطاع الخاص لإثراء الحياة التجارية بالدقم وتقديم نمط جديد من الأنشطة التجارية لم يكن متوفرا بالمنطقة من قبل.
ويتوقع أن تتكامل خدمات المركز مع مجمع حصاد، الذي يقع على مسافة قريبة منه بجوار مبنى هيئة المنطقة الاقتصادية الخاصة بالدقم. وفي مسعى آخر لتحفيز النمو، كثفت مسقط جهودها لإعطاء زخم جديد لمشروع الدقم بهدف تحويل المنطقة إلى مدينة ذكية مع إنشاء أول مدينة صناعية ذكية هناك.
وتسير الحكومة وفق جدول زمني لتنفيذ خطة تحول إلكتروني متكاملة تنتهي بحلول نهاية هذا العام، متحدية كل الظروف الصعبة التي أثرت على التوازنات المالية للبلاد بسبب تراجع أسعار النفط منذ أربع سنوات.
العرب