بغداد – يتجه رئيس الوزراء العراقي مصطفى الكاظمي إلى الاعتماد على قوات الجيش في ضبط الملف الأمني داخل المحافظات الجنوبية ذات الأغلبية الشيعية، بالتزامن مع الجدية التي تبديها القوى السياسية في نقاشاتها المتعلقة بقانون الانتخابات، حيث تقترح الحكومة أن يكون موعد الاقتراع هو مطلع يونيو القادم.
ويشكل سلاح الميليشيات الموالية لإيران من جهة، وسلاح العشائر في وسط وجنوب العراق من جهة ثانية، فضلا عن سلاح عصابات الجريمة المنظمة وتجار المخدرات، تحديات مركبة لقدرة أجهزة الأمن الداخلي على تطبيق القانون.
ويجمع ساسة ونواب ومراقبون على أن إجراء الانتخابات العراقية العامة في ظل هذا السلاح المنفلت لن يحقق العدالة في التمثيل السياسي، ولن يضمن حرية التصويت للناخبين.
وقال رئيس البرلمان العراقي محمد الحلبوسي يوم السبت، إن مجلس النواب ملتزم باستكمال الجوانب التشريعية الخاصة بالانتخابات، لكن على الحكومة أن تلتزم بتنفيذ واجباتها المتعلقة بتوفير بيئة ملائمة لإجراء اقتراع عادل وشفاف.
ويقول الحلبوسي إن الجماعات المتشددة تحكّمت في الانتخابات التي شهدتها المناطق السنية خلال أعوام سابقة، محذرا من تكرار التجربة في محافظات أخرى، في إشارة إلى مناطق وسط وجنوب البلاد، حيث لا رادع للميليشيات الموالية لإيران.
وشدد الحلبوسي على أن الشارع والقوى السياسية يدعمان جهود الحكومة لبسط الأمن في جميع ربوع البلاد.
ودفع هذا الجدلُ الحكومةَ إلى قرارات سريعة في اتجاهين، الأول إطلاق حملات أمنية واسعة في بغداد ومدن الجنوب، والثاني هيكلة تشكيلات عسكرية وتكليفها بمهام أمنية.
وقال الجنرال يحيى رسول، وهو المتحدث العسكري باسم الكاظمي، إن “السلاح منتشر لدى العشائر والمواطنين في البصرة”، جنوب العراق، مشيرا إلى أن الحملات الأخيرة تركز على “حصر السلاح الخفيف والمتوسط”.
وأضاف “لدينا تقديرات عن السلاح الموجود لدى العشائر وغيرها”، لكنه أكد أن العشائر “تريد أن تقف إلى جانب القانون، وليست هناك نوايا لمواجهة معها”، في إشارة إلى أن العشائر ليست هي هدف هذه الحملات، بل الخارجين عن القانون.
ويقول مراقبون إن الكاظمي يحاول تحييد العشائر خلال مواجهة الميليشيات الموالية لإيران.
وفي هذا السياق يقول رسول إن “قطعاتنا في الجنوب لا تخطط للذهاب إلى معركة، هي تبحث عن السلاح المنفلت”، موضحا أنه “حتى الآن لم نواجه مقاومة نارية لحملة حصر السلاح في بغداد والمحافظات الجنوبية”.
وتابع، “الحكومات المحلية والعشائر والمواطن.. كلهم متعاونون مع خطة فرض القانون”، مؤكدا أن الحملة الجديدة تلاحق “كل السلاح المنفلت.. سلاح العصابات وسلاح تجار المخدرات، وليس سلاح العشائر فقط”.
ومضى قائلا “لدينا معلومات استخبارية دقيقة عن حجم السلاح المنفلت ونوعيته ومناطق توزيعه”.
وتزامنت العمليات الميدانية مع قرارات تتعلق بهيكلة عدد من التشكيلات العسكرية، بينها قوات فرض القانون في بغداد، وتشكيل قيادة عمليات “سومر”، لإدارة الملف الأمني في ثلاث محافظات جنوبية، هي ذي قار والمثنى وميسان.
وقال الملازم في الجيش نعمان السيداوي إنه “تم تكليف اللواء الركن عماد صميدع بمهام قيادة عمليات تتولى الملف الأمني في محافظات المثنى وميسان وذي قار (جنوب)، ومقرها في قاعدة الإمام علي الجوية في محافظة ذي قار”.
ويقول مراقبون إن الحد من صلاحيات قوات الأمن المحلية في محافظات الجنوب القلقة، سيمكّن الجيش، الذي يدار مركزيا عبر وزارة الدفاع في بغداد، من لعب دور أكبر في مراقبة حركة السلاح المنفلت ومنع استخدامه للتأثير على مسار الاقتراع العام.
وتضطر قوات الشرطة المحلية إلى نوع من المهادنة والتسويات في مناطق الجنوب الشيعي، نظرا إلى تفوق سلاح الميليشيات والعشائر على سلاحها، ما يدع تأثيرها في الملف الأمني هامشيا. ومع توقع منافسة محتدمة خلال الانتخابات المقبلة، سيكون ضبط الملف الأمني عاملا حاسما في ضمان اقتراع عادل.
العرب