يريفان- تتواصل المعارك العنيفة بين الأرمن وأذربيجان على معظم خط الجبهة في ناغورني قره باغ، بينما يؤجج دخول قوى إقليمية كبرى على خط الأزمة مخاوف دولية من اتساع الصراع في منطقة جنوب القوقاز، وهي ممر لخطوط الأنابيب التي تنقل النفط والغاز إلى الأسواق العالمية.
واستهدفت ضربات جديدة أعقبتها انفجارات الأحد منطقة ستيباناكرت، كبرى مدن ناغورني قره باغ المتنازع عليها، ودوت صفارات الانذار صباح الأحد في المدينة قبل أن تتعاقب الانفجارات.
وشهدت المدينة في الأيام الأخيرة عدة ضربات من هذا النوع، مما أجبر السكان على الاحتماء في أقبية وملاجئ، وقُطعت الكهرباء من ليلة السبت إلى الأحد في ستيباناكرت..
من جانبها، قالت أذربيجان إن القوات المسلحة الأرمينية قصفت مدينة كنجه ثاني أكبر مدنها، في تصعيد كبير جديد في الصراع بمنطقة جنوب القوقاز.
ونفت أرمينيا إطلاق النار صوب أذربيجان لكن زعيم الإقليم، قال إن قواته دمرت قاعدة جوية عسكرية في كنجه.
وتصاعدت حده المعارك قبل نحو أسبوع لأسوأ مستوى منذ فترة التسعينات التي شهدت مقتل نحو 30 ألفا في الصراع.
ولم تجد دعوات التهدئة الدولية صدى يذكر لدى طرفي النزاع مما يزيد حسب مراقبين من مخاطر التدخل الخارجي المباشر في الأزمة.
و عزز التدخل التركي في الأزمة بين أذربيجان وأرمينيا ودعمها العلني لباكو المخاوف من أن يتصاعد الصراع ويتحول إلى حرب شاملة بين قوى عظمى متنافسة في المنطقة وعلى رأسها روسيا.
ويرى مراقبون أن تحريض أنقرة لباكو التي تخوض اشتباكات دامية مع جارتها يرسم أجندات أنقرة في جنوب القوقاز، باعتبار أن الرئيس التركي رجب طيب أردوغان يرى في تغذية النزاع والدفع به نحو مواجهة عسكرية شاملة فرصة مواتية لتحقيق طموحاته في المنطقة والتوسع أكثر لتغيير ميزان القوى على الأرض ومزاحمة الروس على مصالحهم الحيوية في المنطقة.
ويهدد التدخل التركي بشكل مباشر نفوذ موسكو ومصالحها في هذا الصراع الذي يبدو أنه لن يقف عند التنافس التركي الروسي، بل سيتسع لأكثر من متنافس بسبب أهمية هذه المنطقة الإستراتيجية التي تمثل ممرا لخطوط الأنابيب التي تنقل النفط والغاز إلى الأسواق العالمية.
ودخلت إيران بدوها على خط الصراع الدائر حيث لم تخفي وقوفها إلى جانب الأرمن على غرار توافقها مع موسكو بشأن تحميل تركيا مسؤولية التوتر من خلال جلب مرتزقة سوريين إلى الإقليم.
وتسعى إيران إلى التحول إلى لاعب رئيسي في المنطقة غير أن التنافس التركي الروسي المحموم لم يترك لها هامشا واسعا للبروز كقوة مؤثرة رغم أنها تتمتع بعوامل مساعدة تمكنها من استغلال الوضع أهمها وجود ملايين الأذريين الذين يعيشون في إيران.
وتوجد في شمال غرب إيران أقلية أذرية ذات تقل وتشير التقديرات إلى أن عدد أفرادها يبلغ 10 ملايين من إجمالي 80 مليون مواطن إيراني.
ولا يخفى على المتابعين أن النظام الإيراني راهن لى علاقة مميزة مع الأرمن المسيحيين، وتشارك في تطوير البنى التحتية للطرق والغاز للمساهمة في انفتاح المنطقة الأرمنية، وهو ما جعل من أذربيجان البلد الذي يتشارك مع إيران المذهب الشيعي لا يثق بتوجه طهران الديني وطموحاتها الإقليمية بسبب تحالفها التقليدي مع روسيا.
وتتعامل روسيا مع أرمينيا، عبر دورها كدولة حامية للمسيحيين الأرثوذكس في العالم كما توجد قاعدة عسكرية في أرمينيا تخدم روسيا وحليفتها إيران وهو ما يجعل إيران تدعم أرمينيا المسيحية ضد أذربيجان المسلمة في توجه مخالف للسياسية العقائدية المتطرفة المعروفة عن إيران والتي غلب عليها تحالف الضرورة والمصالح مع روسيا.
العرب