أكدت أوساط في تل أبيب أن استعراض القوة غير المسبوق الذي تقوم به كل من الولايات المتحدة وإسرائيل في الخليج حاليا، والمصحوب بسيل من التهديدات، يهدف إلى ردع إيران والحيلولة دون انفجار مواجهة عسكرية معها.
ورأت صحيفة “جيروزاليم بوست”، في تقرير نشره موقعها اليوم السبت، أن التهديدات التي أطلقها كل من الرئيس الأميركي دونالد ترامب ورئيس أركان الجيش الإسرائيلي أفيف كوخافي ضد إيران، إلى جانب توجه غواصات أميركية وإسرائيلية إلى مياه الخليج، تهدف إلى توفير ظروف تحول دون اندلاع مواجهة مع طهران.
وقال سيث فرانتسمان، مراسل الشؤون الإقليمية في الصحيفة، إن جملة التهديدات والحشد العسكري الأميركي الإسرائيلي في الخليج يكرس الانطباع للوهلة الأولى أن المنطقة على “شفا حرب”، مشددا على أن العكس هو الصحيح، على اعتبار أن كل ما يعني تل أبيب وواشنطن هو منع حدوث هذه الحرب.
وحسب فرانتسمان، فإن هناك حسابا مفتوحا بين إيران من جهة وكل من الولايات المتحدة وإسرائيل، مشيرا إلى أن إيران تعهدت بالانتقام لاغتيال عالم الذرة محسن فخري زاده، الذي اغتيل في نوفمبر الماضي والرد على التفجير الذي استهدف مفاعل “نطنز” النووي في يوليو من العام الجاري.
ولفت إلى أن إسرائيل نفذت، خلال السنوات الأربع الماضية، حوالي 1000 غارة وعمل حربي في سورية، هدفت إلى منع إيران من التمركز عسكريا هناك.
من جهة أخرى، نوه مراسل الصحيفة إلى أن إسرائيل والولايات المتحدة أقدمتا على اغتيال قاسم سليماني قائد “فيلق القدس” و”أبو مهدي المهندس”، زعيم ميلشيا “الحشد الشعبي” العراقية.
وحسب تقديرات فرانتسمان، فإن فرص إقدام إيران على شن عمل عسكري عشية تولي الرئيس المنتخب جون بايدن الحكم ضئيلة، على اعتبار أنها معنية بالعمل على فتح صفحة جديدة مع الإدارة القادمة.
وعلى الرغم من اتفاق صحيفة “يديعوت أحرنوت” مع التقديرات القائلة بأن الاستعراض الأميركي الإسرائيلي يهدف إلى ردع إيران، إلا أنها ترجح في المقابل بأن إيران ستقدم بالفعل على عمل انتقامي.
وفي تقرير نشرته الصحيفة، أبرز معلقها العسكري رون بن يشاي حقيقة وجود تباينات في التقديرات السائدة لدى كل من الولايات المتحدة وإسرائيل بشأن طابع الرد الإيراني.
ووفق تقديرات بن يشاي، فإن الشرق الأوسط لم يشهد على مر تاريخه استعراض قوة عسكرية كما يحدث منذ أسبوعين في الخليج، مشيرا إلى أن الاستعراض يهدف إلى منع إيران من القيام بعمليات ضد الأهداف الأميركية وإسرائيل.
الاستعراض يهدف إلى منع إيران من القيام بعمليات ضد الأهداف الأميركية وإسرائيل
وكشف بن يشاي أن استعراض القوة العسكرية تم التخطيط له أثناء الزيارة الأخيرة التي قام بها رئيس هيئة أركان الجيوش الأميركية مارك ميلي لإسرائيل.
وتنطلق كل من الولايات المتحدة وإسرائيل من افتراض مفاده أن فرص إقدام إيران على شن عمل عسكري قبيل تولي بايدن مهام منصبه كبيرة جدا، لأنها معنية بالانتقام لمقتل سليماني والمهندس فخري زاده، ولدفع واشنطن إلى سحب قواتها من العراق وغرب أفغانستان، وهي قوات تمثل تهديدا لها، و”لممارسة ضغوط نفسية على إدارة بايدن لإجبارها على رفع العقوبات التي فرضها ترامب عليها”.
وأضاف أنه على الرغم من اتفاق تل أبيب وواشنطن على أن فرص الرد العسكري الإيراني كبيرة، إلا أنهما تختلفان بشأن طابع هذا الرد وحجمه وتأثيره.
وترجح تل أبيب، كما يرى بن يشاي، أن تقدم طهران على عمل عسكري “صغير” تقوم به إحدى الجماعات التابعة لها، حتى لا يؤثر على فرصهم لهدف صفحة جديدة مع إدارة بايدن.
وفي المقابل، فإن إدارة ترامب ترى أنه على الرغم من أن إيران معنية بفتح صفحة جديدة مع إدارة بايدن إلا أن الرغبة في الانتقام والرد وإخراج الولايات المتحدة من المنطقة أكبر من هذه الرغبة، لا سيما في ظل تعاظم تأثير المحافظين على دائرة صنع القرار في طهران؛ مما يدفع واشنطن للتقدير بأن ردة الفعل العسكرية الإيرانية ستكون كبيرة.
ولاحظ بن يشاي أن الولايات المتحدة أقدمت على الدفع بالغواصات الاستراتيجية لأول مرة إلى المنطقة، بعد أن تبين أن إرسال الولايات المتحدة قاذفاتها الاستراتيجية من طراز “بي 52” لم تثر انطباعا لدى الإيرانيين، وهو ما دفعهم إلى الإيعاز بمهاجمة السفارة الأميركية في العراق، كما أضاف بن يشاي.
وأوضح المعلق الإسرائيلي أنه في الوقت الذي يملك الإيرانيون صواريخ قادرة على إصابة حاملات الطائرات الأميركية، فإن قدرتهم على التعرض للغواصات الاستراتيجية غير قائمة.
صالح النعامي
العربي الجديد