تشهد مدينة القدس إجراءات أمنية مشددة في كل من البلدة القديمة ومحيط المسجد الأقصى، وبينما يسود المدينة هدوء حذر بعد ليلة ساخنة شهدت مواجهات بين الفلسطينيين والقوات الإسرائيلية، رفض رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو الضغوط الرامية لمنع سلطات بلاده من البناء في القدس.
فقد دفعت سلطات الاحتلال بتعزيزات عسكرية وأمنية عند أبواب المسجد الأقصى، كما انتشرت قوات شرطة الاحتلال في مختلف أزقة مدينة القدس الشرقية، ونصبت الحواجز الحديدية.
ونقلت وكالة الأناضول عن شهود عيان في منطقة باب العامود والمسجد الأقصى أن الأجواء هادئة وأبواب القدس القديمة والمسجد مفتوحة، ولم تسجل أي حوادث هذا الصباح، رغم الانتشار المكثف لقوات الاحتلال.
ومع ساعات الصباح الأولى، غادر آلاف الفلسطينيين القادمين من الضفة الغربية المسجد الأقصى بعد أن أحيوا ليلة 27 رمضان في رحابه، في حين يواصل آخرون الاعتكاف حتى نهاية الشهر الفضيل.
وفي سياق متصل، أفادت هيئة البث الإسرائيلية (رسمية) بأن الشرطة في القدس خاصة في ذروة الاستعداد اليوم الأحد وغدا وحتى نهاية الأسبوع الجاري.
وتتجه الأنظار إلى المدينة المحتلة غدا الاثنين بالتزامن مع دعوات مستوطنين لاقتحام المسجد الأقصى وتنظيم مسيرة حاشدة في البلدة القديمة.
وفي ملف ترحيل سكان حي الشيخ جراح، قالت هيئة البث إن المستوى السياسي، وبسبب الأحداث في القدس، طلب من المستشار القانوني للحكومة أفيحاي مندلبليت فحص إمكانية تدخله في الإجراءات القانونية وإرجاء الجلسة المقررة غدا لتقديم موقفه ورأيه، على الرغم من أن الدولة ليست طرفا في هذه القضية.
ورأت صحيفة يديعوت أحرونوت الإسرائيلية في خطوة المستوى السياسي محاولة لتهدئة التصعيد. ومن المقرر أن تنظر المحكمة العليا (أعلى سلطة قضائية في إسرائيل) غدا الاثنين في قرار إخلاء 4 عائلات فلسطينية من حي الشيخ جراح لصالح جمعيات استيطانية.
من جهته قال رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو اليوم الأحد إن إسرائيل “ترفض بشدة” الضغوط الرامية لمنعها من البناء في القدس، وذلك بعد تزايد الإدانات الدولية لعمليات الإخلاء المزمعة للفلسطينيين من منازلهم في الشيخ جراح.
وكانت قوات الاحتلال قد قمعت عشرات المصلّين عند باب الأسباط لدى خروجهم من المسجد الأقصى بعد أداء صلاة الفجر، وذلك في امتداد لمواجهات عنيفة شهدها محيط القدس الشريف في ليلة الـ27 من شهر رمضان.
وأدّى عشرات الآلاف من المصلّين صلاة الفجر، ومن ثم تجمع الآلاف منهم قرب المصلّى القبلي، ورددوا هتافات منددة بالاحتلال.
وبدأت المواجهات عند باب الأسباط، وامتدت إلى داخل باحات المسجد الأقصى، حيث أطلق جنود الاحتلال الإسرائيلي الرصاص المطاطي وقنابل الغاز والصوت، واقتحموا بأعداد كبيرة ساحات الأقصى.
ونقلت وكالة الأناضول عن جمعية الهلال الأحمر الفلسطيني أن 10 فلسطينيين أصيبوا فجر الأحد، في أثناء مواجهات بين شبان فلسطينيين وقوات الاحتلال في المسجد الأقصى، وسط القدس المحتلة، ليرتفع عدد الإصابات إلى 100.
وأشارت الجمعية إلى أن مصابة نقلت إلى المستشفى إثر إصابتها برصاص مطاطي في الفم.
وفي وقت مبكر من فجر اليوم الأحد أعلنت جمعية الهلال الأحمر الفلسطيني أن عدد المصابين ارتفع إلى 90 خلال مواجهات عنيفة في محيط القدس، وأن 30 منهم نقلوا إلى المستشفيات.
وقالت جمعية الهلال الأحمر إن من بين المصابين رضيعة تبلغ من العمر عاما واحدا، فضلا عن 5 أطفال آخرين، ومسعف.
وأوضحت الجمعية أن معظم الإصابات بالرصاص المطاطي وقنابل الصوت كانت مباشرة ووقع اعتداء بالضرب.
وشارك أكثر من 90 ألف فلسطيني في صلاة التراويح بالمسجد الأقصى رغم القيود المشددة التي فرضها الاحتلال في الأيام الماضية، للحدّ من حركة تنقل الفلسطينيين داخل البلدة القديمة، في حين استهدفت قوات الاحتلال متظاهرين في الضفة الغربية وقطاع غزة.
وقالت دائرة الأوقاف الإسلامية إن المصلّين “يحيون ليلة القدر بالمسجد الأقصى المبارك رغم الإجراءات الاحتلالية الصعبة، ومنع كثير من المصلّين من الوصول، وتم الإغلاق على سكان الضفة الغربية”.
وقال خطيب المسجد الأقصى الشيخ عكرمة صبري -في تصريح للجزيرة- إن الاحتلال يريد إفراغ الحرم القدسي للسماح باقتحامات اليهود المتطرفين، مضيفا “نحن باقون في القدس، ولن نقبل المسّ بحرمات المسجد الشريف”.
وكانت قوات الاحتلال لاحقت شبانا فلسطينيين تجمعوا في حي الشيخ جراح بالقدس، واقتحمت منزلا في الحي لجأ إليه بعض الشبان خلال عمليات كرّ وفرّ.
ومنعت قوات الاحتلال الاقتراب من المنازل المهددة بالإخلاء في حي الشيخ جراح، كذلك منعت التحركات التضامنية الفلسطينية مع سكان الحي.
وأطلق جنود الاحتلال قنابل الغاز والصوت عند باب الساهرة وشارع صلاح الدين عند أسوار البلدة القديمة.
وكانت مواجهات قد دارت بين جنود الاحتلال وشبان فلسطينيين قرب الجدار الفاصل في قرية بدرس غربي رام الله، وقرب بلدة بيتا، وحاجز حوارة جنوبي نابلس، وحاجز الجلمة شمال شرقي جنين، وحاجز قلنديا العسكري شمال القدس.
من جهة أخرى، قال مراسل الجزيرة في وقت مبكر من فجر اليوم الأحد إن مدفعية جيش الاحتلال استهدفت بقذيفتين مرصدا للمقاومة الفلسطينية شرق دير البلح وسط قطاع غزة.
وقال الجيش الإسرائيلي إنه نفذ غارة على موقع عسكري لحركة المقاومة الإسلامية (حماس) جنوبي قطاع غزة بعد إطلاق قذيفة صاروخية منه سقطت في منطقة مفتوحة.
كذلك ألقت قوات الاحتلال مساء أمس السبت قنابل مدمعة قرب الشريط الحدودي شرقي قطاع غزة على متظاهرين فلسطينيين استجابوا لدعوات الاحتجاج على الاعتداءات الإسرائيلية في القدس والمسجد الأقصى، وذكرت وكالة الأناضول أن الاستهداف أدّى إلى إصابة عدد من المتظاهرين بحالات اختناق وأسعفوا ميدانيا.
المصدر : الجزيرة + الأناضول