المواجهات في الضفة الغربية على حافة الحرب

المواجهات في الضفة الغربية على حافة الحرب

القدس – تقود حالة الاحتقان الشديدة بين الفلسطينيين والمستوطنين الإسرائيليين الضفة الغربية إلى حافة الحرب، خاصة بعد أن تحول الوضع إلى حالة استنفار لجأت فيها مجموعات فلسطينية وما يشبه الميليشيات الإسرائيلية إلى السلاح المنفلت.

وفيما لجأت بعض الفصائل الفلسطينية إلى تسليح مجموعات في الضفة للرد على الهجمات الإسرائيلية، حلّ المستوطنون الإسرائيليون محل الدولة وشكلوا ميليشيات مسلحة للانتقام من الفلسطينيين.

وإنْ لم يكن بوسع السلطة الفلسطينية السيطرة على المجموعات المسلحة ومنعها من النشاط في الضفة، فإن تسليح المستوطنين يتم تحت أنظار حكومة بنيامين نتنياهو التي يسيطر على قرارها اليمين المتطرف، ما يقود إلى وضع من الصعب السيطرة عليه أو التنبؤ بمآلاته.

وقتلت طائرة مسيّرة إسرائيلية ثلاثة مسلحين في الضفة الغربية الأربعاء، في غارة نادرة الحدوث جاءت بعد ساعات من هجوم مستوطنين على قرى فلسطينية وإضرامهم النيران في سيارات ومبان ردا على هجوم شنه مسلحون فلسطينيون وأدى إلى مقتل أربعة إسرائيليين.

تحويل المستوطنين إلى ميليشيات مسلحة رديفة لقوات الجيش الإسرائيلي يمثل تطورا خطيرا ونوعيا للأوضاع في الأراضي الفلسطينية

وجاءت الضربة بالقرب من مدينة جنين في غمرة تصاعد أعمال العنف في الضفة الغربية خلال الأيام القليلة الماضية، حيث يقوم الجيش منذ أكثر من عام بعمليات تمشيط دورية أدت إلى تواتر الاشتباكات مع مقاتلين فلسطينيين.

وهذه هي المرة الأولى التي تنفذ فيها إسرائيل عملية اغتيال بغارة جوية في الضفة الغربية منذ نحو 20 عاما، بحسب مصادر فلسطينية.

وتعالت أصوات من داخل السلطة الفلسطينية تدعو إلى تشكيل لجان للمقاومة، وذلك مجاراةً لمزايدة حركة حماس عليها، في خطوة قد تجعل هذه السلطة في وضع حرج داخليّا وخارجيّا لتناقض مواقفها بشأن مسار السلام؛ فهي من ناحية تحض على المقاومة ومن ناحية أخرى تعلن التزامها بمسار السلام.

وحث عضو اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير أحمد مجدلاني على تشكيل لجان المقاومة الشعبية في كل البلدات والقرى الفلسطينية وحشد كل الطاقات بهدف “مواجهة هذه المرحلة التي تتسم بتطور أشكال العنف والإرهاب الإسرائيلي”.

وتعطي هذه الدعوة، بما توحي به من حث على تسليح التحركات الاحتجاجية السلمية، فرصة لإسرائيل لتنفيذ المزيد من الاقتحامات والهجمات وإطلاق يد المستوطنين في استهداف البلدات الفلسطينية بالحرق والتخريب.

واعتبر مجدلاني، في تصريح للإذاعة الفلسطينية الرسمية، أن تحويل المستوطنين إلى ميليشيات مسلحة رديفة لقوات الجيش الإسرائيلي يمثل تطورا خطيرا ونوعيا للأوضاع في الأراضي الفلسطينية.

وقال مجدلاني إن “هذا التحول لا يقتصر على بعده العسكري بل (يشمل) كذلك البعد السياسي الذي تحاول الحكومة الإسرائيلية من خلاله إظهار أن الأزمة في الضفة الغربية ليست بين شعب محتل وقوات الاحتلال بل (هي) صراع مدنيين فلسطينيين ويهود، وحل النزاع على هذا الأساس”.

وأضاف أن ما يجري ميدانيّا “يمثل تحولا نوعيا في طبيعة الصراع ومداه والذي قد يشهد تصعيدا أكبر في المرحلة المقبلة بما في ذلك مخاطر الانفجار الشامل”.

وشن مستوطنون إسرائيليون الأربعاء نهارا وليلا سلسلة هجمات على عدد من القرى والبلدات في رام الله والبيرة ونابلس، ما أدى إلى مقتل فلسطيني وإصابة العشرات، إضافة إلى إحراق عشرات المنازل والمركبات.

يأتي ذلك فيما شن الجيش الإسرائيلي فجر الخميس حملة مداهمات في الضفة الغربية تخللتها مواجهات في بعض المناطق واعتقالات طالت عددا من الشبان.

وجاء التصعيد الميداني بعد صعود اليمين الإسرائيلي وسيطرته على الحكومة وقراره الذي يقضي بزيادة أعداد المستوطنات وسط رفض دولي واسع، بما في ذلك رفض الولايات المتحدة.

وقالت وزارة الخارجية الفلسطينية الخميس إن الحكومة الإسرائيلية صادقت على بناء 13 ألف وحدة استيطانية جديدة في الضفة الغربية بما فيها القدس الشرقية منذ بداية العام الجاري.

ونددت الوزارة ، في بيان صحفي، بإعلان نتنياهو بناء ألف وحدة استيطانية جديدة في مستوطنة عيلي في رام الله، وإطلاق يد المستوطنين وجمعياتهم لنشر المزيد من البؤر الاستيطانية العشوائية.

واعتبرت الوزارة أن “عمليات تعميق وتوسيع الاستيطان والمستوطنات والدعوات لتوطين مليوني مستوطن في الضفة الغربية سياسة إسرائيلية رسمية تندرج في إطار تكريس جرائم ضم الضفة وفرض القانون الإسرائيلي عليها دون الإعلان عن ذلك”.

وكان نتنياهو أعلن الأربعاء الدفع فورا إلى تخطيط بناء قرابة 1000 وحدة سكنية جديدة بالقرب من موقع عملية إطلاق نار نفذها شابان فلسطينيان في مستوطنة عيلي في عمق الضفة الغربية وأدت إلى مقتل أربعة إسرائيليين.

وأعربت الولايات المتحدة عن “قلقها العميق” إزاء تصعيد أعمال العنف في الضفة الغربية، مؤكدة أن هناك تقارير “مقلقة” عن هجوم شنه إسرائيليون على قرية فلسطينية.

العرب