يرى باحثان في مؤسسة أوبزرفر للأبحاث (Observer Research Foundation) أن الهند تطمح لأن تكون الصين الجديدة في أفريقيا، حيث تتطلع نيودلهي لأن تصبح الشريك الأكبر في المنطقة وتعد بنموذج تنمية أكثر شمولا وشفافية.
وتأكيدا لهذا النهج أشار هارش بانت وأبيشيك ميشرا إلى زيارة وزير الشؤون الخارجية الهندي سوبراهمانام جايشانكار إلى كينيا هذا الأسبوع لرئاسة الاجتماع الثالث للجنة المشتركة إلى جانب نظيره الكيني رايشيل أومامو، حيث تسلط الزيارة، لهذه الدولة ذات الموقع الإستراتيجي على المحيط الهندي، الضوء على الأهمية التي توليها نيودلهي لعلاقاتها مع كينيا.
وذكر الباحثان في مقالهما بمجلة فورين بوليسي (Foreign Policy) أن نيودلهي لا ترى كينيا بوابة لقارة أفريقيا فحسب، بل إنها أيضا موطن 800 ألف شخص مصنفين رسميا على أنهم من أصل هندي (بما في ذلك 20 ألف مواطن هندي).
وأضاف المقال: ورغم التعامل مع التحديات المتزايدة داخليا، تعمل الهند على توثيق تعاونها مع جنوب أفريقيا لزيادة قدرة البلدان النامية على تصنيع لقاحات “كوفيد-19” والمنتجات الطبية. ولفت الكاتبان إلى أن هذه الجهود المشتركة بين البلدين في مواجهة التحدي العالمي قد تكون علامة على أشياء مقبلة.
وأردف الباحثان أنه رغم المشاركة القوية لأكثر من 70 عاما، فلم يكن لدى الهند أبدا أي إستراتيجية واضحة وطويلة الأجل لتطوير علاقات أوسع مع القارة. لكن هذا يمكن أن يتغير مع تراجع القضايا الأيديولوجية والسياسية من الصدارة، حيث ساهمت العلاقات الاقتصادية والأمنية مؤخرا في بث قوة جديدة في العلاقة.
تعتمد الشركات الهندية بشكل أكبر على المواهب الأفريقية. وتستغل الهند نقاط قوتها من خلال إبراز نفسها كنموذج مختلف عن الصين. كما أنها تتمتع بميزة إضافية على الصين تتمثل في التقارب اللغوي والثقافي والجغرافي.
وأوضح مثال على ذلك هو إنشاء قمة منتدى الهند وأفريقيا التي ساعدت في إضفاء الطابع المؤسسي والرسمي على علاقات الهند مع شركائها الأفارقة، والتي وفرت لنيودلهي والدول الأفريقية منصة مشاركة بشكل بناء.
ومن المعالم الهامة الأخرى وضع 10 مبادئ توجيهية لنشاط الهند بأفريقيا خلال خطاب رئيس الوزراء ناريندرا مودي أمام البرلمان الأوغندي في يوليو/تموز 2018. وتعكس هذه الركائز تغييرًا في الفروق الدقيقة في أولويات الهند.
ومضى الباحثان في ذكر أوجه التعاون الأخرى التي تجعل الهند شريكا أساسيا بأفريقيا لا يقل عن الوجود الصيني فيها. ومن ذلك تنامي الشراكة التجارية والاستثمارية السنوات الأخيرة، فقد نمت التجارة الهندية الأفريقية من 51.7 مليار دولار عام 2010-2011 إلى 66.7 مليارا عام 2019-2020. وتستثمر شركات القطاعين العام والخاص بالهند أيضًا في أفريقيا، مما يجعلها ثامن أكبر مستثمر في هذه القارة.
وأشارا إلى المنافسة الواضحة بين الصين والهند في أفريقيا، لكنهما أوضحا أنه على عكس جهود بكين، يهدف بناء وتمويل المشاريع الهندية في أفريقيا إلى تسهيل مشاركة المجتمع والتنمية. وتعتمد الشركات الهندية بشكل أكبر على المواهب الأفريقية، وتستغل نيودلهي نقاط قوتها من خلال إبراز نفسها كنموذج مختلف عن الصين، كما أنها تتمتع بميزة إضافية على بكين تتمثل في التقارب اللغوي والثقافي والجغرافي.
ولا تزال اللغة الإنجليزية أكثر انتشارًا في جميع أنحاء أفريقيا والهند أيضًا، وهذا يجعل الأمر أسهل بكثير للمقاولين والعمال الهنود للتحدث مع الشركاء المحليين، على عكس لغة الماندرين الصينية. كما أن الشتات الهندي في أفريقيا، الذي يزيد عدد أفراده على 3 ملايين نسمة، من الأصول الإستراتيجية الحاسمة لسد الفجوة بين المنطقتين الجغرافيتين.
واختتم المقال بأن كلا من الهند والصين أصبحتا تمتلكان حصصا متزايدة في أفريقيا حيث تسعيان لمواكبة النمو الصاعد بالقارة. وتأمل نيودلهي أن تؤدي مشاركتها المستمرة مع الدول الأفريقية على مدى السنوات القليلة الماضية إلى فوائد بالسياسة الخارجية.
المصدر : فورين بوليسي