عد أن اقتربت من الإفلاس تحت وطأة ديون بلغت 30 مليار دولار، يبدو أن شركة “فودافون آيديا” (vodafone idea) على وشك أن تستعيد عافيتها في ظل خطة الإنقاذ التي طرحتها نيودلهي، لكن هل تكفي هذه الخطة لإصلاح أحد أكبر أسواق الاتصالات في العالم؟
في تقرير نشره موقع “بلومبيرغ” (Bloomberg) الأميركي، يقول الكاتب آندي موكيرجي إن الخطوات الحالية التي قامت بها الحكومة الهندية مشجعة، لكنها غير كافية لطمأنة العملاء والمستثمرين.
ووفقا لمؤسسة “كابيتال سيرفيسز” (Capital Services) فإن تخفيض الرسوم ومنح وقت إضافي لدفع المبالغ المستحقة، والإعفاء من الضمانات المصرفية المرهقة التي بلغت 4.3 مليارات دولار، من شأنها أن تحافظ على استمرار شركة “فودافون آيديا”.
ورغم أن تحقيق الاستقرار للشركة -التي فقدت أكثر من ثلث مشتركيها الذين يزيد عددهم على 400 مليون مشترك خلال 3 أعوام- يحتاج إلى تخفيف الأعباء المالية، إلا أن الانتعاش الحقيقي لسوق الاتصالات في الهند يتطلب إستراتيجية مستقبلية أكثر شمولا، وفقا للكاتب.
وحسب رأيه، فإن التقلبات التي شهدها القطاع في السنوات الأخيرة جراء سياسات الحكومة الهندية، يجعل من الصعب إقناع مجلس إدارة “فودافون آيديا” بأن الأمور ستكون مختلفة هذه المرة.
تقلبات قطاع الاتصالات
وقد تعرض مستثمرون -مثل “تولونور إيه إس إيه” (Telenor ASA) النرويجية التي دخلت الهند بعد فترة وجيزة من دخول شركة فودافون- للإحباط عندما ألغت المحكمة العليا في البلاد 122 ترخيصا للاتصالات بضربة واحدة عام 2012، نظرا للاشتباه في وجود مخالفات في عملية منح التراخيص.
كما حدثت صدمة أخرى عندما غيرت نيودلهي -بعد خسارتها قضية ضريبية ضد فودافون- القانون بأثر رجعي لمطاردة الشركة وطلبت تعويضا بـ3 مليارات دولار.
استمر هذا الخلاف حتى قررت هيئة تحكيم دولية العام الماضي (2020) إسقاط الدعوى التي رفعتها الحكومة، وهو ما حرم الشركة من طرح أسهمها للاكتتاب العام في الهند.
وقبل 5 أعوام، أحدث موكيش أمباني -أغنى رجل في الهند- تغييرا جذريا في قطاع الاتصالات بالبلاد من خلال طرح مكالمات صوتية مجانية وبيانات إنترنت بأثمان زهيدة، وهو ما أدى إلى تقليص عدد المشغلين فعليا من 12 شركة إلى 3 فقط.
وقد اضطرت فودافون إلى إدماج شبكتها مع الملياردير الهندي كومار مانغالام بيرلا، مالك شركة “آيديا سيلولار المحدودة” (Idea Cellular Ltd)، مما أدى إلى إنشاء أكبر خدمات لاسلكية في البلاد، والتي تعرضت للكثير من المشاكل خلال السنوات الماضية.
ولطالما كانت شركات الاتصالات والحكومة على خلاف حول حجم الضرائب بموجب سياسة الاتصالات الهندية لعام 1999، ولكن في عام 2019، أيدت المحكمة العليا مطالب الحكومة التي تشمل جميع أنواع الإيرادات غير المتعلقة بالاتصالات.
وبموجب القانون الجديد، بلغ عبء المستحقات السابقة في قضية “فودافون آيديا” 7.8 مليارات دولار، وهو ما جعل الشركة مهددة بالإفلاس، ورفض أي من الشركاء الرئيسيين إنفاق المزيد من الأموال وهو ما أدى إلى تقليص رأس مال الشركة، وجعل الحكومة تفكر في تأميمها حتى لا يحتكر أمباني قطاع الاتصالات في البلاد بمفرده.
خطوات مشجعة
وصلت ديون شركة “فودافون آيديا” إلى 30 مليار دولار في يونيو/حزيران الماضي، معظمها ديون للحكومة الهندية، وقررت نيودلهي ضمن خطتها لإنقاذ الشركة الحصول على نسبة من الأسهم بدلا من مدفوعات الفائدة في حالة وافقت فودافون على خيار سداد مستحقاتها في وقت لاحق مع عدم تخفيض عبء الديون.
وفي الواقع، قد تصب خطة الإنقاذ في صالح “بهارتي إيرتل المحدودة”، ثاني أكبر شركة اتصالات في البلاد، والسبب أن بهارتي كانت قد وضعت الكثير من الاستثمارات في شركة “إندوس تاورز” (Indus Towers) المحدودة، أكبر مالك لأبراج الهاتف المحمول في الهند، وبالتالي فإن إفلاس فودافون -أكبر مستأجر للأبراج- كان سيتسبب في خسائر كبيرة.
وحسب الكاتب، فإنه لا يكفي بالنسبة لعملاء فودافون في الهند -الذي يبلغ عددهم 225 مليونا- أن يعرفوا ما إذا كانت الشركة قادرة على الصمود بعد اعتماد خطة الإنقاذ، بل يريدون أن يعرفوا إذا ما كانت تستطيع أن تستثمر بالشكل المطلوب لتوفير خدمات بمستوى عال في شبكة الجيل الرابع، ولاحقا في الجيل الخامس. كما يريد موظفو الشركة أن يتأكدوا من قدرتها على البقاء على المدى الطويل.
ويرى الكاتب أنه مع تزايد الطلب على بيانات الإنترنت وانتشار الهواتف الذكية والرقمنة السريعة، تبدو الخطوات الحالية التي اتخذتها الحكومة الهندية لإنقاذ “فودافون آيديا” والتخلي عن مطالبها السابقة، مشجعة للغاية.
لكن من أجل أن يتعافى القطاع بشكل كامل، يعتقد الكاتب أنّ على “جيو إنفوكوم” (Jio Infocomm) -المملوكة لأمباني- أن تتخلى عن “حرب الأسعار الوحشية”، لأن المشغلين يحتاجون إلى 3 دولارات على الأقل من كل عميل شهريا، وهو ما تعجز “فودافون آيديا” حاليا عن تحقيقه.
المصدر : بلومبيرغ