الباحثة شذى خليل*
شهدت العلاقات التجارية بين الهند والعراق نموا كبيرا خلال العام الماضي. وبحسب بيانات وزارة التجارة والصناعة الهندية، ارتفعت الصادرات الهندية إلى العراق في الفترة من نيسان/أبريل 2023 إلى آذار/مارس 2024 بنسبة 24%، لتصل قيمتها إلى 3.4 مليار دولار. وتعكس هذه الزيادة محفظة الصادرات الهندية المتوسعة وتعزيز العلاقات الاقتصادية بين البلدين. وسوف نسلط الضوء على القطاعات الرئيسية ويقدم تحليلاً للاتجاهات الأساسية.
وكان من بين المساهمين الرئيسيين في هذا النمو الارتفاع الكبير في صادرات الأرز، التي ارتفعت بنسبة 131%، لتصل قيمتها إلى حوالي 910 ملايين دولار. ويمثل هذا زيادة كبيرة عن مبلغ 392 مليون دولار المسجل في نفس الفترة من العام الماضي.
وفي المقابل، شهدت صادرات الوقود الأحفوري انخفاضا بنسبة 9.15%، حيث انخفضت من 879 مليون دولار إلى 799 مليون دولار. وعلى الرغم من هذا الانخفاض، شهدت قطاعات أخرى نموا ملحوظا. وارتفعت صادرات اللحوم الهندية بنسبة 41.5%، لترتفع من 232 مليون دولار إلى 329 مليون دولار.
وشهدت صادرات الحديد ارتفاعاً ملحوظاً بنسبة 153%، بينما نمت صادرات الشاي بنسبة 141%، وصادرات الفاكهة بنسبة 114%، وصادرات الملابس بنسبة 106%، وصادرات الزيوت النباتية بنسبة 103%. إلا أن صادرات السكر كانت استثناءً، حيث انخفضت بنسبة 85%.
وأصبحت الهند خامس أكبر مصدر للسلع في العراق، بعد الإمارات العربية المتحدة والصين وتركيا وإيران. وتعكس هذه الإحصائيات الصادرات المباشرة من الهند إلى العراق، ومن المحتمل أن ترتفع أكثر إذا تم تضمين قيمة البضائع المعاد تصديرها من الإمارات العربية المتحدة، حيث أن نسبة كبيرة من إعادة التصدير هذه هي منتجات هندية.
من ناحية أخرى، انخفضت قيمة صادرات العراق إلى الهند، المكونة بشكل رئيسي من النفط الخام، من 34 مليار دولار إلى 30 مليار دولار خلال الفترة نفسها.
ويمكن أن تعزى الزيادة الكبيرة في الصادرات الهندية المباشرة إلى العراق إلى عدة عوامل. أولاً، يشير النمو المذهل في صادرات الأرز إلى تعزيز العلاقات التجارية الزراعية. ويشير الارتفاع بنسبة 131% إلى وجود طلب قوي على الأرز الهندي، مدفوعًا على الأرجح بالأسعار التنافسية والجودة العالية. وتعكس هذه الزيادة أيضًا قدرات الإنتاج الزراعي القوية التي تتمتع بها الهند ولوجستيات التصدير الفعالة.
ويمكن ربط انخفاض صادرات الوقود الأحفوري، على الرغم من النمو الإجمالي في القطاعات الأخرى، بالتقلبات العالمية في الطلب على الطاقة وأسعارها. وقد يشير ذلك أيضًا إلى التحول نحو التنويع في محفظة صادرات الهند، وتقليل الاعتماد على الوقود الأحفوري والتركيز على السلع الأساسية الأخرى ذات إمكانات النمو الأعلى.
إن الزيادات الكبيرة في صادرات اللحوم، والحديد، والشاي، والفواكه، والملابس، والزيوت النباتية تسلط الضوء على القطاعين الصناعي والزراعي المتوسع في الهند. وقد استفادت هذه القطاعات من التقدم في تقنيات الإنتاج ومراقبة الجودة وإدارة سلسلة التوريد، مما مكن الهند من تلبية الطلب المتزايد في العراق.
وقد يرجع الانخفاض الحاد في صادرات السكر إلى عدة عوامل، بما في ذلك التغيرات في أسعار السكر العالمية، أو مشكلات الإنتاج، أو تغير السياسات التجارية. ويشير هذا الانخفاض إلى الحاجة إلى تعديلات استراتيجية في سوق تصدير السكر لاستعادة القدرة التنافسية.
ويؤكد موقع الهند باعتبارها خامس أكبر مصدر للسلع في العراق على قوة العلاقات التجارية الثنائية. وتشير الزيادة المحتملة في الصادرات، مع الأخذ في الاعتبار إعادة التصدير من دولة الإمارات العربية المتحدة، إلى الطبيعة المترابطة لشبكات التجارة الإقليمية وأهمية المراكز التجارية الوسيطة مثل دولة الإمارات العربية المتحدة.
على الجانب الآخر، يعكس انخفاض صادرات العراق من النفط الخام إلى الهند اتجاهات أوسع في سوق النفط العالمية، بما في ذلك تقلب الأسعار والتحولات في ديناميكيات العرض والطلب. ويؤكد هذا التخفيض أيضًا حاجة العراق إلى تنويع محفظة صادراته للتخفيف من المخاطر المرتبطة بالاعتماد الكبير على سلعة واحدة.
وفي الختام، فإن الزيادة في الصادرات الهندية إلى العراق تظهر مرونة قطاعات التصدير الهندية وقدرتها على التكيف. ويسلط الضوء على الجهود الاستراتيجية لتنويع منتجات التصدير وتعزيز العلاقات التجارية. بالنسبة للعراق، تشير البيانات إلى فرص لتعزيز الشراكات التجارية واستكشاف أسواق جديدة بخلاف النفط الخام لضمان النمو الاقتصادي المستدام.
وحدة الدراسات الاقتصادية / مكتب شمال امريكا
مركز الروابط للبحوث والدراسات الاستراتيجية