مزيد من القروض.. هل تستطيع الشركات الحكومية في مصر سداد ديونها؟

مزيد من القروض.. هل تستطيع الشركات الحكومية في مصر سداد ديونها؟

القاهرة ـ أيام قليلة فصلت بين موافقة البرلمان المصري على إقراض البنوك المحلية لشركة مصر للطيران، وإعلان الشركة المصرية للاتصالات الاتفاق مع بنوك غير مصرية للحصول على قرض دولاري بنحو نصف مليار دولار قبل يومين.

وهاتان المرتان الثانيتان للشركتين للحصول على قروض في غضون الأعوام القليلة الماضية.

وثارت اعتراضات لبرلمانيين ضد خطر القرض على الناقل الوطني الجوي للبلاد، غير أن ضجة مثيلة لم تحدث تجاه الناقل الوطني لخدمات البيانات والاتصالات.

وأثار توالي الحصول على قروض للشركات المصرية والتوسع في ذلك الاتجاه مخاوف محللين من وضع المقرضين أيديهم على أسهم هذه الشركات، مقابل الديون، عند التعثر في السداد.

وفي التصريحات المنشورة حول دوافع الحصول على القروض؛ أكد المسؤولون أن الهدف هو التطوير والمساعدة في تنفيذ الخطط المطلوبة.

وحمل بيان صحفي للشركة أخيرا تأكيدات العضو المنتدب الرئيس التنفيذي للشركة المصرية للاتصالات عادل حامد أن توقيع الشركة اتفاقية للحصول على قرض مشترك متوسط الأجل بقيمة 500 مليون دولار أميركي يأتي لدعم النفقات الرأسمالية، وإعادة تمويل التسهيلات الحالية القصيرة الأجل.

وكلفت إدارة الشركة بنكي أبو ظبي الأول، والمشرق ليكونا مسوقين مشتركين للقرض ومرتبين رئيسيين أوليين وضامنين للتغطية، وذلك على غرار القرض المشترك المتوسط الأجل الذي تم الحصول عليه في الشهر نفسه منذ 3 أعوام.

وأُسند دور وكيل التمويل إلى بنك أبو ظبي الأول منفردا، في حين تم تعيين بنك المشرق باعتباره بنك الحساب.

ويضم التحالف النهائي للبنوك الممولة للقرض بنك أبو ظبي الأول وبنك المشرق مرتبين رئيسيين أوليين وضامنين للتغطية ومسوقين للقرض، والبنك الأهلي المتحد مرتبا رئيسيا أوليا، وكلا من بنك أبو ظبي التجاري، والبنك الوطني الكويتي، والمؤسسة العربية المصرفية، والبنك الأهلي الكويتي، والبنك العربي-البحرين، والبنك الأوروبي العربي مرتبين رئيسيين، وبنك الأردن مرتبا مشاركا، والتجاري وفا بنك مرتبا للقرض.

المصرية للاتصالات
والمصرية للاتصالات هي شركة اتصالات متكاملة تمتلك الحكومة أغلب أسهمها، وتقدم منفردة خدمات الهاتف الأرضي، كما تنافس 3 شركات أخرى على تقديم خدمات الهاتف المحمول، وتمتلك أقل قليلا من نصف حصة شركة اتصالات منافسة هي فودافون.

وتثور بين حين وآخر انتقادات لمحللين بقطاع الاتصالات على احتكار الشركة للبنية الأساسية للاتصالات بمصر، إذ تعدّ المقسم الرئيس لاتصالات الصوت والبيانات للبلاد سواء الواردة أو الصادرة.

ورأت إدارة الشركة -في بيان صحفي- أن اتفاقية التمويل الجديدة تؤكد ثقة القطاع المصرفي الدولي بقدرة المصرية للاتصالات على مواصلة الأداء المالي والتشغيلي القوي على مدار السنوات المقبلة.

وتمتد فترة القرض الجديد إلى 6 سنوات، وهو خلاف العرف العام للسوق، في حين يخص القروض الدولارية التي لا تتجاوز مدتها السنوات الخمس، فضلا عن حصول المصرية للاتصالات على هذا القرض بسعر فائدة “تنافسي”، وفق البيان.

وتابع الرئيس التنفيذي للشركة بالقول إن “الهدف من القرض الجديد هو تحويل التسهيلات القصيرة الأجل بالدولار الأميركي إلى قروض طويلة الأجل لتمكين الشركة من سداد الأقساط بما يتماشى مع التدفقات النقدية”.

ولفت إلى أن إعادة هيكلة الدين تأتي اتساقا مع الإستراتيجية التمويلية التي تستهدف خفض حجم الاقتراض بمرور الوقت مع خفض تكلفة التمويل.

وأضاف “كلنا ثقة بأن هذه الخطوة ستسهم بجانب الأداء التشغيلي القوي واستمرار توزيعات الأرباح من استثماراتنا في نمو التدفقات النقدية للشركة”.

مخاطر التعثر
بالمقابل، رأى أستاذ الاقتصاد بجامعة أوكلاند الأميركية مصطفى شاهين أن توسع الشركات المصرية الحكومية للاقتراض، سواء من الخارج أو الداخل، يمثل خطورة بالغة على أوضاع ملكية الشركات.

وأوضح أن حصول المصرية للاتصالات على قروض من بنوك غير مصرية جاء لأن البنوك الحكومية ليس لديها ما يكفي من النقد الأجنبي، لافتا إلى أن بنك مصر طلب من قبل قرضا بمليار دولار من السوق العالمية، وذلك معناه أن البنك المركزي -رغم ما لديه من احتياطي دولاري- يرغب أن يدّخر الاحتياطي لمساعدة الجنيه المصري ودعمه داخليا.

وحذر المحلل الاقتصادي -في حديثه للجزيرة نت- من أن اتجاه الاقتراض الحالي بدأ يتخذ نموذج تركيا التي تولدت أزمتها الحالية من أن مديونياتها الخارجية معظمها ديون على الشركات التركية.

وأعرب المتحدث عن خشيته من وقوع أزمة مديونية على الشركات المصرية، عند التعثر في السداد، محذرا من انعدام الكفاءة في إدارة القروض واستثمارها، وذلك يفتح الباب أمام الدائنين لوضع أيديهم على هذه الشركات مقابل القروض.

وحصلت الشركة المصرية للاتصالات على قروض وتسهيلات ائتمانية في الأشهر التسعة الأول من العام الماضي بنحو 3.6 مليارات جنيه مقارنة بـ4.8 مليارات جنيه بنهاية 2019.

وحسب القوائم المالية المجمعة للشركة، فإن حجم أقساط القروض والتسهيلات الائتمانية المستحقة على المصرية للاتصالات في هذا العام يبلغ 14.5 مليار جنيه مقابل 11.7 مليار جنيه في فترة المقارنة من العام السابق عليه.

وأعلنت الشركة الأربعاء الماضي موافقة مجلس الإدارة على اعتماد الموازنة للشركة وشركاتها المتكاملة تشغليليًّا لعام 2022، متضمنة نمو إجمالي الإيرادات.

وأكد بيان للشركة أن موازنة الشركة لعام 2022 تعكس توقعاتها نحو استمرار الأداء المالي والتشغيلي “المتميز”، ومن المتوقع أن يدفع نمو خدمات البيانات -الذي استمر خلال عام 2021 في أعقاب جائحة كورونا- إلى زيادة إيرادات الشركة العام القادم عن طريق وحدات أعمالها المختلفة سواء بطرق مباشرة أو غير مباشرة.

ومن المتوقع، حسب البيان، أن ينخفض حجم الإنفاق الرأسمالي للشركة في ضوء اقترابها من الانتهاء من مشروع تطوير قدرات الشبكات ورفع جودة خدمات الإنترنت، مع ارتفاع التدفق النقدي الحر من خلال زيادة التدفق النقدي التشغيلي وجهود ترشيد النفقات الرأسمالية.

وكانت شركات الاتصالات المصرية عموما من بين أكبر المستفيدين من جائحة كورونا في عام 2020، إذ اضطر المصريون إلى الاعتماد على الهاتف والإنترنت في التواصل وإنجاز الأعمال مع صدور قرارات من الشركات للموظفين بالعمل من المنزل، فضلا عن إجراءات احترازية في التنقل.

المصدر : الجزيرة