52 ضابطا إيرانيا من أصحاب الرتب العالية من بينهم جنرالات سقطوا حتى الان في سوريا، استنادا الى مصدر مؤيد للرئيس بشار الاسد والايرانيين، والحرب مستمرة والخسائر تتضاعف. عدد القتلى من الجنود الإيرانيين قليل نسبيا لان جنرالات «الحرس الثوري «يعتمدون حربهم على « لحم المدافع» من الافغان الشيعة (الهزارة) والباكستانيين والعراقيين وطبعا من «حزب الله». لكن هذه الاستراتيجية لن تقدم الانتصار الموعود لان الجيش السوري غير قادر على خوض عدة معارك في وقت لم يعد أحد مستعجلا لإعلان الانتصار في شهر او اكثر. الطيران الروسي يدمر ويقتل لكنه لا يحقق الانتصار. طهران تبدو متحمسة لرفع عديد «مستشاريها» الميدانيين كما أكد نائب رئيس الأركان في الجيش الإيراني، في حين ان «القيصر» فلاديمير بوتين لم يخسر اي سوخوي او غيرها لأن واشنطن ما زالت تمنع تسليم صواريخ ارض – جو لأي مجموعة سورية مسلحة من المعارضة.
«الشراكة» الايرانية – الروسية لا تعني توافقا كاملا، لان لكل طرف أهدافه الخاصة الناتجة عن التنافس الضمني في الأهداف. طهران تريد من موسكو ان تتدخل اكثر وان ترسل جنوداً ليقاتلوا على الارض. «القيصر» لا يبدو متحمسا حتى الان للنزول الى الارض لأنه يخشى تحويل تدخله الى «حرب ضد السنة» والسقوط في «أفغنة« أخطر بكثير من «الأفغنة« في أفغانستان التي سرعت انهيار الاتحاد السوفياتي. الحذر الروسي لا يلقى ترحيبا إيرانيا، رغم كل « أناشيد الشراكة« حول تقاسمهما العمل العسكري والسياسي من اجل حلحلة الملف السوري الذي هو أعقد الملفات الساخنة في العالم«. من ذلك ان طهران تذكر «القيصر»:
[ «ان سوريا هي العمق الاستراتيجي للأمن القومي الروسي».
[ ان «ايران حشدت وأهّلت جيشا شعبياً تعداده مئة الف جندي كما قال قائد الحرس الجنرال جعفري وان الجنرال همداني الذي قتل مؤخرا ساهم في هذا العمل الاستراتيجي. والسؤال الطبيعي الذي يعرف «القيصر «الجواب عنه، اذا كان المئة الف جندي اضافة الى نحو ثلاثين الفاً من الميليشيات الشيعية والجنرالات الإيرانيين المتمرسين بالقتال والحروب لم يغيروا شيئا يذكر في الحرب فماذا سيضيف خمسة آلاف جندي روسي على معادلة الحرب؟
بعيدا من تكرار الربط بين «ضرب الاٍرهاب في سوريا وابتلاع إسرائيل وأميركا لسوريا»، فان الفرق الى حد الخلاف بين «القيصر» والمرشد حول سوريا كبير وعميق جدا. المرشد آية الله علي خامنئي اعتبر منذ اللحظة الاولى للثورة في سوريا انه يخوض معركة المربع الأخير فيها ولذلك امر كما قال آنذاك مستشاره الاول للشؤون الخارجية علي ولايتي «بالدفاع عن الاسد وعدم السماح بسقوطه»، بينما شدد الرئيس ميدفيدف الذي يعتبر «الجسر» الدائم لعبور بوتين عبره ومعه الى الرئاسة كل فترة دستورية في 7/10/2011 «نحن نعمل مع المسؤولين السوريين لحملهم على تنفيذ الاجراءات الضرورية للإصلاح وإذا كانوا غير قادرين على هذه الاصلاحات فعليهم الرحيل».
بعد كل هذه السنوات لم تتعدل ولم تتغير المواقف كثيرا . كمال خرازي وزير الخارجية الأسبق ورئيس «المجلس الاستراتيجي للعلاقات الخارجية» والذي تربطه علاقة مصاهرة مع عائلة المرشد قال قبل ايام قليلة»: «الرئيس بشار الاسد يعتبر خطا أحمر بالنسبة لإيران». في حين ان ميدفيدف الذي يشغل منصب رئيس الوزراء قال «نحن ندافع عن مصالحنا القومية ولا يهمنا من سيرأس سوريا في المستقبل».
المرشد والقيصر معاً في «المغطس «السوري. الفرق بينهما ان الاول اذا خسر الاسد فان ذلك يشكل خسارة استراتيجية له، في حين ان القيصر يهمه تحقيق مصالحه الاستراتيجية وأُولاها استمرار وضع «الدب» الروسي قدميه في المياه الدافئة في البحر المتوسط سواء كان ذلك مع الاسد او بدونه، وتثبيت موقعه كقوة حاضرة الى جانب الولايات المتحدة وسقوط الاسد لن يجعله يخسر الحرب لأنه قادر على التفاوض مع الخلف والتفاهم مع الأميركي.
أسعد حيدر
صحيفة المستقبل اللبنانية