لفتت زيارة قائد فليق القدس إلى العراق أنظار المتابعين خصوصا وأنها تأتي في ظل تحولات مهمة تشهدها المنطقة في علاقة بالاتفاق السعودي – الإيراني، وأيضا ما يجري على الميدان في سوريا.
بغداد – تقول أوساط سياسية عراقية إن زيارة قائد فيلق القدس الذراع الخارجية للحرس الثوري الإيراني إسماعيل قآاني إلى العراق تندرج في سياق وضع القوى الولائية في إطار التحولات المتسارعة التي تشهدها المنطقة، لاسيما بعد الاتفاق السعودي – الإيراني.
وتلفت الأوساط إلى أن الزيارة تهدف بالأساس إلى طمأنة الميليشيات المسلحة بشأن عدم وجود تغيير في النهج القائم للحرس الثوري، وأن دعم إيران لها سيبقى على حاله، كما هو الشأن بالنسبة إلى الخطط المرسومة.
ووصل قائد “فيلق القدس” في الحرس الثوري الإيراني الخميس إلى العراق في زيارة غير معلنة، حيث التقى المسؤول الإيراني مع عدد من القيادات السياسية ومسؤولين في الفصائل المسلحة.
وهذه الزيارة الثانية من نوعها لقاآني إلى بغداد خلال العام الجاري، والثالثة له منذ تشكيل حكومة محمد السوداني في أكتوبر الماضي، والتي ما كانت لتتم لولا تدخل إيراني ضاغط أدى إلى انسحاب التيار الصدري، واستفراد القوى الولائية مجددا بالحكم في العراق.
واستهل قاآني جولته في العراق بزيارة محافظة النجف جنوبي العراق والتقى القياديين في “الحشد الشعبي” أبوفدك المحمداوي وأبوزينب اللامي، كما شارك في مجلس عزاء رجل الدين صادق محمد باقر الحكيم، ابن عمّ زعيم “تيار الحكمة” المنضوي ضمن “الإطار التنسيقي” الشيعي عمار الحكيم.
وظهر الجنرال الإيراني في مقطع فيديو في مجلس العزاء، فيما بادر العديد من الحضور بالذهاب لمصافحته والتقاط الصور معه، وبعد ذلك توجه قاآني إلى العاصمة بغداد للقاء عدد من قادة الميليشيات المسلحة بينهم هادي العامري زعيم منظمة بدر، وقيس الخزعلي زعيم كتائب حزب الله العراقي.
وتقول مصادر إن من بين محاور المباحثات هو بحث التصعيد الأخير في المناطق الحدودية العراقية – السورية، حيث تنتشر عدة ميليشيات موالية لإيران هناك، فضلا عن بحث الغارات الإسرائيلية.
وأعلن الحرس الثوري الإيراني الجمعة عن مقتل ميلاد حيدري أحد مستشاريه في “هجمات إسرائيلية” استهدفت ضواحي العاصمة السورية دمشق فجرا. وجاء ذلك في بيان لدائرة العلاقات العامة للحرس الثوري، شددت فيه على أن الأخير يتعهد بالرد على الهجمات الإسرائيلية.
ويأتي القصف بعد أقل من أربع وعشرين ساعة من قصف مماثل نفذته إسرائيل على محيط دمشق وأسفر عن إصابة عسكريين اثنين من قوات النظام.
زيارة قآاني إلى بغداد هي الثانية من نوعها، والثالثة له منذ تشكيل حكومة محمد السوداني في أكتوبر الماضي
وتشير المصادر إلى أن زيارة قاآني ستشمل أيضا عقد محادثات مع رئيس الوزراء العراقي، وأيضا مع عدد من الزعماء السياسيين للإطار التنسيقي وبينهم زعيم ائتلاف دولة القانون نوري المالكي، حيث سيجري بحث عدد من الملفات بينها تلك المتعلقة بإقليم كردستان، وأيضا الاتفاق بين الرياض وطهران.
وكانت بغداد لعبت دورا محوريا في التهدئة بين إيران والسعودية، حيث رعت عددا من الجولات الحوارية بينهما منذ العام الماضي، قبل أن تشكل المحادثات التي جرت في بكين في وقت سابق من الشهر الجاري نقطة تحول رئيسية، حيث اتفق الخصمان الإقليميان على إعادة العلاقات الدبلوماسية في غضون شهرين.
وينتظر أن يعقد لقاء بين وزيري خارجية إيران أمير حسين عبداللهيان، والسعودية الأمير فيصل بن فرحان آل سعود خلال شهر رمضان، لكن لم يتم الكشف عن مكان هذا اللقاء ولا يستبعد أن يجري في بغداد.
ويرى مراقبون أن التحول الجاري في العلاقات السعودية –الإيرانية قد يؤدي إلى تبريد جبهات الصراع بينهما، ويحل جانبا من الخلافات لكنه بالتأكيد لن ينهي حالة التنافس القائمة، كما أنه لن يقود إلى تغيير جذري في المقاربة الأمنية التي ينتهجها الحرس الثوري في المنطقة، وهو ما ينتظر أن يشدد عليه قائد فيلق القدس خلال زيارته الحالية إلى العراق.
من المنتظر أن يعقد قآاني لقاء بين وزيري خارجية إيران أمير حسين عبداللهيان، والسعودية الأمير فيصل بن فرحان آل سعود خلال شهر رمضان
وتعليقا على زيارته إلى العراق، شكك الباحث في الشأن السياسي العراقي فراس إلياس في مدى تأثير قاآني في الداخل العراقي، مشيرا إلى أن زيارته إلى بغداد ليست سوى محاولة لطمأنة الأجنحة المرتبطة بالحرس الثوري.
وقال إلياس في تغريدة على حسابه على تويتر إنّ “تأثير قاآني أصبح هامشياً في الداخل العراقي، وبدأ يمارس أدواراً ثانوية.. الجنرال علي شمخاني هو سليماني الجديد في العراق”.
وأضاف أنّ شمخاني “قدّم أوراق اعتماده للمرشد الأعلى بكل نجاح، أما زيارة قاآني إلى بغداد فجاءت لطمأنة الأجنحة المرتبطة بالحرس الثوري بأنه موجود، وجاء ليكمل ما بدأه شمخاني”، في إشارة إلى نجاح جولة شمخاني الأخيرة في العراق وعدد من دول المنطقة.
وتأتي زيارة قاآني بعد أقل من أسبوعين على زيارة أجراها أمين المجلس الأعلى للأمن القومي الإيراني شمخاني إلى بغداد على رأس وفد حكومي إيراني بحث فيها جملة من الملفات المشتركة بين البلدين، وتمخض عنها توقيع محضر تعاون وتنسيق أمني بين البلدين.
وكانت آخر زيارة لقاآني إلى بغداد جرت في السابع عشر من يناير الماضي، وقد عقد خلالها لقاءات مع قيادات سياسية في “الإطار التنسيقي”، ومع زعماء فصائل مسلحة، أعقبها وقف التصعيد من قبل الفصائل العراقية تجاه المصالح الأميركية في العراق.
العرب