كشف حديث الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي عن وجود 6 ملايين لاجئ أجنبي في بلاده، وهو أكبر رقم للاجئين في دولة بالمنطقة، أن مصر تحولت إلى بلد اللجوء الكبير بلا ضجيج، في حين استثمرت بلدان أخرى ملف المهاجرين للحصول على دعم دولي سخي.
وقال مراقبون إن مصر لم تلجأ إلى التربح من موضوع اللاجئين ولم تحوله إلى وسيلة لجلب التعاطف ولم تجعله مثل الشماعة في تبرير بعض أزماتها الداخلية مثلما فعلت دول أخرى من بينها تركيا والأردن، مشيرين خاصة إلى موقف الرئيس التركي رجب طيب أردوغان الذي لجأ في أكثر من مرة إلى التلويح بفتح الطريق إلى أوروبا أمام المهاجرين ما لم تتلق بلاده دعما دوليا كافيا للتعامل مع اللاجئين السوريين.
إكرام بدرالدين: القاهرة لا تسعى لتوظيف وجود المهاجرين من أجل الابتزاز السياسي
ولم يمنع هذا الصبر من أن يوجه الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي الثلاثاء انتقادات لتعامل أوروبا مع أزمة الهجرة ورفضها استقبال اللاجئين الذين يصلون إلى حدودها، قائلاً على هامش منتدى شباب العالم المنعقد في شرم الشيخ خلال الفترة الممتدة من 10 إلى 13 يناير الجاري إن بلاده استقبلت الملايين من الأشخاص الذين غادروا أوطانهم.
وأوضح أن مصر تستضيف ما لا يقل عن ستة ملايين شخص فروا من الصراع والفقر في بلادهم، وعلى عكس حكومات أخرى لا تحتجز مصر مهاجرين في مخيمات اللاجئين، وتسمح لهم بالعيش بحرية في المجتمع.
وقام الأشخاص الفارون من الحرب والفقر في الشرق الأوسط على مدى سنوات برحلات محفوفة بالمخاطر عبر البحر المتوسط وبحر إيجة، بحثًا عن الأمان وحياة أفضل في أوروبا الغربية.
وبعد وصول أكثر من مليون شخص عام 2015 أقامت دول الاتحاد الأوروبي حوائط خرسانية وأسلاكا شائكة ونصبت أنظمة مراقبة بطائرات دون طيار وعقدت صفقات مع تركيا وليبيا لإبعاد المهاجرين.
وقال السيسي “إنني أتحدث عن أعداد ضخمة، ليست حوالي خمسة أو عشرة آلاف، التي يرفض أصدقاؤنا في أوروبا استقبالها.. لقد وفرنا ما لدينا (لهم) دون إثارة ضجة”.
وذكر أستاذ العلوم السياسية في جامعة القاهرة إكرام بدرالدين أن “إشارات السيسي المتكررة بشأن اللاجئين هدفها حث المجتمع الدولي على إنهاء الصراعات المتسببة في هجرتهم من بلدانهم بشكل غير شرعي، وأن معاملتهم بالطريقة نفسها التي يعامَل بها المواطنون داخل المجتمع المصري دلالة على أن القاهرة لا تسعى لتوظيف وجودهم من أجل الابتزاز السياسي وتمارس دورها للتخفيف من معاناتهم دون تصدير أزماتهم إلى أحد”.
عبدالفتاح السيسي: مصر لا تنوي توظيف ورقة المهاجرين لابتزاز أوروبا
وأضاف في تصريح لـ”العرب” أن “القاهرة تستهدف تذكير العالم بالتعامل مع أوضاع اللاجئين من منظور إنساني وليس سياسيا”، مشيرا إلى أن “كلمات السيسي تتوافق مع رؤية ترى ضرورة الانطلاق نحو إعادة الإعمار والتنمية في الدول التي تشهد نزاعات، بما يفسح المجال أمام وقف الهجرة غير الشرعية وعودة اللاجئين إلى بلدانهم”.
وسبق للرئيس المصري أن قال في تصريحات سابقة إن بلاده لا تنوي توظيف ورقة المهاجرين لابتزاز أوروبا.
وقال السيسي في مقابلة مع صحيفة “دي فيلت” الألمانية في أبريل الماضي “نحن لا نطالب بأيّ شيء في المقابل من أوروبا. نحن لا نفكر حتى في استخدام ذلك في ابتزاز سياسي أو اقتصادي”.
وتوفر الحكومة المصرية التعليم والرعاية الصحية وغيرها من الخدمات لجميع المهاجرين واللاجئين، على الرغم من الموارد المحدودة والضغوط الاقتصادية.
وظلت مصر لعقود من الزمن ملاذًا للمهاجرين من أفريقيا جنوب الصحراء الذين يحاولون الهروب من الحرب أو الفقر، ويعتبرها هؤلاء وجهة وملاذا، وهي أقرب الدول ودخولها أسهل مقارنة بغيرها، ويراها آخرون نقطة عبور إلى أوروبا.
وتقول المنظمة الدولية للهجرة التابعة للأمم المتحدة إن مصر تستضيف أكثر من ستة ملايين مهاجر، أكثر من نصفهم من السودان وجنوب السودان، حيث تتسبب النزاعات المحتدمة في نزوح عشرات الآلاف من الأشخاص سنويًا.
وأنشأ العديد من المهاجرين أعمالهم التجارية الخاصة، وتعمل نسبة كبيرة منهم في الاقتصاد غير الرسمي الضخم، كباعة متجولين وعمال تنظيف في المنازل.
وشدد الجيش المصري الإجراءات الأمنية على الحدود خلال السنوات الماضية، وتمكنت قواته من منع تحول مصر إلى نقطة انطلاق للمهاجرين الفارين من الصراع والفقر في أفريقيا والشرق الأوسط، وهو ما لقي استحسانا أوروبيا.
وأشارت المنظمة الدولية للهجرة إلى أن عدد المهاجرين المغادرين من سواحل مصر انخفض بشكل كبير منذ عام 2016، وأن عدد المصريين الذين يعبرون إلى أوروبا كان أقل بسبع مرات عام 2020 مقارنة بعام 2016.
صحيفة العرب