يتسم المشهد السياسي العراقي بالعديد من الظواهر والوقائع التي تفرص نفسها على طبيعة التعامل الميداني على ضوء التسارع في الأحداث التي تعيشها الأحزاب والكتل السياسية وحالة الانقسام والاختلاف بينها وانعكاس ذلك على الواقع الاجتماعي والأمني الذي يعانيه أبناء الشعب العراقي والذي يتطلب وجود قيادات سياسية فعالة وأدوات ميدانية قادرة على معالجة حالة الافتراق بين الفرقاء السياسيين، وإيجاد قاسم مشترك يجمعها، من أجل الخروج من الأزمة السياسية التي تعصف بالمشهد العراقي بعد الانتخابات الأخيرة التي أجريت في العاشر من تشرين الاول عام ٢٠٢١ والنتائج التي خرجت بها وفاجأت العديد من الأحزاب والقوى المشاركة فيها.
من هنا اتخذ الجانب التوافقي حيزا كبيرا في عملية التحالفات التي ظهرت بعد الإعلان عن نتائج الانتخابات واعتمادها بشكل أصولي وقانوني، وظهرت عملية الانقسام السياسي بين أطراف عديدة، مما أضعف الجانب التعبوي في المضي باختيار الرئاسات الثلاث وتعميق حالة الافتراق التي ظهرت في الجلسة الافتتاحية الأولى لمجلس النواب العراقي التي أفرزت تحالف سياسي قوي متماسك أعطى صورة واضحة لطبيعة الأحداث القادمة في العراق .
أمام هذه التطورات السياسية كان لا بد للقيادات الحكيمة والتي تتمتع بمسؤولية عالية أن يكون لها دورها الوطني الكبير في احتواء الاختلافات وإيجاد رؤى ميدانية ومبادرات سياسية تنم عن فهم وإدراك للواقع العراقي، فكانت مبادرة الرئيس مسعود البارزاني التي عكست الروح الوطنية العالية التي يتمتع بها زعيم الأمة الكردية، وأعطت هذه الشخصية خبرتها التاريخية والميدانية في حلحلة جميع الأزمات السياسية التي تعصف بالمشهد السياسي العراقي، وأكدت حرصها الشديد على وحدة البلاد وسلامة الشعب والحفاظ على أمن واستقرار العراق، وأعطت منحنا كبيرا في استيعاب ظروف المرحلة الحالية وحسن التعامل معها ورسمت دلالات واضحة عن شخصية القائد البارزاني وانه يمثل وهج التفاني ونكران الذات والحرص على روح المسؤولية التاريخية التي تتطلب موقفا جادا وعطاءً وتضحية في سبيل تحقيق أهداف وتطلعات الشعب العراقي والمضي سوية في تشكيل الحكومة العراقية المقبلة ضمن الدائرة السياسية التي تحقق التوافق بين جميع الأطراف.
تمثل المبادرة السياسية التاريخية التي قدمها السيد مسعود البارزاني لسماحة السيد مقتدى الصدر العمق الإنساني والتصور الحضاري والرؤية الحقيقية لإمكانيات العراق وقدرته على تلافي الصعاب وتحقيق الغايات ونبذ الخلافات ومنح القيادات السياسية دورها الفعال وقدرتها على بناء المجتمع العراقي بكل شرائحه وانتماءاته، وتفعيل الدور الوطني وإعطاء الجانب التعبوي دوره الأساس في فهم وإدراك حقيقة المخاطر التي يعانيها العراق وأي تأخير في تشكيل الحكومة العراقية واستمرار الخلافات إنما سيكون الخاسر الوحيد هو الشعب العراقي، ولهذا كانت المبادرة الحكيمة تأكيدا واضحا الحرص والوفاء لتضحيات الشعب وقناعة السيد البارزاني بأن السيد مقتدى الصدر يمتلك رؤية دقيقة ونظرة إنسانية عميقة من روح التعاون والحرص على تقدم وازدهار العراق .
أعطت المبادرة التاريخية عمقا استراتيجيا أكد وحدة البلاد والشعور الوطني الذي مثله الدور الريادي للرئيس مسعود البارزاني وأكد حقيقة الحب العميق لأبناء الشعب العراقي.
وحدة الدراسات العراقية
مركز الروابط للبحوث والدراسات الاستراتيجية