ملخص:
تذهب تركيا ثانية في أقل من خمسة شهور إلى صناديق الاقتراع لإجراء انتخابات مصيرية في أول نوفمبر/تشرين الثاني. وتعتبر هذه الفترة الزمنية قصيرة جدًّا بالنسبة إلى توقع حدوث تغير كبير في نتيجة الانتخابات القادمة بالمقارنة بنتائج انتخابات 7 يونيو/حزيران 2015 . ومع ذلك، صار الهامش الذي يحتاجه حزب العدالة والتنمية الحاكم لتشكيل حكومة حزب واحد منخفضًا نسبيًّا، لا يتجاوز 3%. ولذلك حري بنا أن نطرح عدة أسئلة:
أولها: ما أسباب عجز الأحزاب السياسية التركية عن تشكيل حكومة بعد انتخابات 7 يونيو/حزيران؟
وثانيًا: ما الذي تغير منذ ذلك الوقت حتى يدفع الناس إلى تغيير سلوكهم الانتخابي؟
وثالثًا: ما البنود الجديدة على جدول أعمال أول نوفمبر/تشرين الثاني؟
ورابعًا: ما الكتلة التصويتية الجديدة التي تستهدفها الأحزاب السياسية في هذه الانتخابات لزيادة نصيبها الانتخابي؟
وبعد الدراسة المتأنية لكل هذه التساؤلات، سيحاول هذا التقرير أيضًا أن يحلِّل باختصار آفاق وتحديات المستقبل.
المقدمة
أنتجت الانتخابات التركية غير الحاسمة في 7 يونيو/حزيران 2015 برلمانًا غير مكتمل الملامح. ورغم أن هذه الانتخابات أنهت استمرار الحكم المتواصل لحزب العدالة والتنمية في تركيا لمدة 13 عامًا، إلا أن الحاجة لا تزال ماسَّة لتشكيل حكومة ائتلافية من جديد.
ونظرًا لمستوى الاستقطاب في تركيا، كان الجدل حول تشكيل الحكومة التالية ساخنًا وحادًّا. حيث كانت الأطراف المعارضة لحزب العدالة والتنمية تتطلع في البداية إلى إمكانية تشكيل حكومة تستبعد ذلك الحزب الحاكم. وكان المنطق يسير كما يلي: سيتم تشكيل حكومة تستبعد حزب العدالة والتنمية لتصفية الحسابات مع الحزب بشأن أخطائه، ومحاسبة المسؤولين على أفعالهم. ولم يكن هؤلاء الذين يتبنَّون هذا المنطق يفكرون في العوامل المشتركة في مثل هذا الائتلاف -ولا في الأسس التي يمكن أن تقوم عليها حكومة ائتلافية. وبغضِّ النظر عن معارضة استمرار ولاية حزب العدالة والتنمية، إلا أنها لم تقدِّم حُجَّة ملزمة أو صادقة لتشكيل تحالف مع مثل هذه الأحزاب المختلفة سياسيًّا. لقد تجاهل هذا المنطق بصورة طائشة الاختلافات السياسية الكبيرة بين هذه الأحزاب. ولم يأخذ في الحسبان المطالب والتطلعات المتعارضة لقواعدها الاجتماعية. وكان يُفترض أن معارضة حزب العدالة والتنمية ستتغلب على الاختلافات السياسية بين القوميين الأتراك والأكراد من أجل عدم ترك حزب العدالة والتنمية ليصبح الحزب الرئيس في أية حكومة. ويبدو أن ذلك لم يكن سوى توقع نخبوي ومعيب منذ البداية.
وباستثناء احتمال تشكيل حكومة ائتلافية من كل الأطراف المعارضة الثلاثة -“حزب الشعب الجمهوري” العلماني (CHP)، “حزب الحركة القومية” اليميني المتطرف (MHP)، “حزب الشعوب الديمقراطي” الموالي للأكراد (HDP)- فإن كل سيناريوهات الحكومات الائتلافية الأخرى تتطلب وجود حزب العدالة والتنمية كحزب رئيس. ونظرًا لاستمرار التوتر والصراع -قبل وبعد الانتخابات- بين “حزب العمال الكردستاني” (PKK) وتركيا، فإن ظهور ائتلاف بين حزب العدالة والتنمية وحزب العمال الكردستاني يعتبر أمرًا غير وارد. وهكذا تتمثل الخيارات الباقية في سيناريو حكومة ائتلافية بين حزب العدالة والتنمية وحزب الشعب الجمهوري العلماني، أو بين حزب العدالة والتنمية وحزب الحركة القومية. ولكن زعيم حزب الحركة القومية “دولت بهجلي” استبعد أية خيارات تحالف مع حزب العدالة والتنمية منذ البداية(1). وبالإضافة إلى هذا الرفض، فإن مطالبة حزب الحركة القومية بإنهاء عملية السلام الكردية تمامًا، ورفضه لمنح أية حقوق ثقافية ديمغرافية للأكراد، وإثارته للمشاكل بشأن موقع الرئيس رجب طيب أردوغان في النظام السياسي، ومطالبة أردوغان بإخلاء القصر الجديد الذي يشغله حاليًا للعودة إلى القصر الرئاسي السابق، جعل تشكيل حكومة ائتلافية بينه وبين حزب العدالة والتنمية أمرًا غير منتظر.
ومن ناحية أخرى، انهمك حزب العدالة والتنمية مع حزب الشعب الجمهوري في محادثات مغلقة مكثفة نسبيًّا حول تشكيل حكومة ائتلافية، ولكن بلا جدوى. فبينما أشار بيان حزب الشعب الجمهوري إلى أن معارضة الرئيس أردوغان هي السبب الرئيس في فشل محادثات الائتلاف، ركَّز بيان حزب العدالة والتنمية على اختلاف الآراء والمواقف حول القضايا الرئيسة كسبب رئيس للفشل. بل إن هذا البيان ركَّز على أن المحادثات أكدت على أن رؤى الحزبين حول السياسة الخارجية والتعليم لا يمكن التوفيق بينها(2). وكذلك أشار حزب العدالة والتنمية إلى المعارضة الواسعة من قاعدته الاجتماعية لتشكيل حكومة ائتلافية بينه وبين حزب الشعب الجمهوري(3).
وبغضِّ النظر عن كل هذا، ثمة عامل آخر -لم يُناقَش كثيرًا، ولكنه أكثر أهمية- أسهم في فشل تشكيل الائتلاف، ألا وهو عدم توافر الحالة النفسية اللازمة بين الأحزاب السياسية. فبينما ظهر حزب العدالة والتنمية على أنه غير قادر على استيعاب حقيقة أنه يجب أن يشارك السلطة مع أحزاب سياسية أخرى بعد 13 عامًا من الحكم المتصل، ظهر أن المعارضة ليست في وضع يشجع بقوة على تشكيل حكومة ائتلافية. وإجمالًا، فإنه سواء جاء الأمر طوعًا أم كرهًا، لم تستطع الأحزاب السياسية التوصل إلى توافق أو أرضية مشتركة تكفي لتشكيل أول حكومة ائتلافية تركية منذ أكثر من عشر سنوات.
ما الذي تغير منذ انتخابات 7 يونيو/حزيران؟
أفرزت الانتخابات التركية في 7 يونيو/حزيران صورة سياسية كانت الأحزاب الرئيسة فيها تفقد قوتها، بينما كانت الأحزاب المعارضة التي تركِّز على الهوية تكتسب من خلالها زخمًا؛ حيث وجد حزب العدالة والتنمية الحاكم، بتوجهه المحافظ، أن نصيبه من الأصوات انخفض بمقدار 9 نقاط مئوية مقارنة بنتائج أول انتخابات عامة جرت في 2011؛ حيث انخفض من حوالي 50% إلى 41% من الأصوات. وكذلك شهد حزب الشعب الجمهوري -الحزب العلماني المعارض الرئيس- انخفاضًا في أصواته، وإن كان انخفاضًا طفيفًا. وعلى العكس، زاد نصيب الأحزاب الممثلة للقوميتين التركية والكردية من الأصوات. وبالرغم من أن هذه الزيادة كانت متواضعة نسبيًّا لحزب الحركة القومية التركي، كانت الزيادة كبيرة بالنسبة إلى حزب الشعوب الديمقراطي الموالي للأكراد؛ حيث ضاعف هذا الحزب نصيبه من الأصوات. فعادة ما تدور الأحزاب الموالية للأكراد حول 6.5% من الأصوات، ولكن هذا الحزب حصل على أكثر من 13% من الأصوات في انتخابات 7 يونيو/حزيران.
ولكن الصورة السياسية منذ 7 يونيو/حزيران تشير إلى حدوث بعض التغير في هذا الصدد؛ إذ إن الأحزاب الرئيسة تستعيد قوتها ثانية. ولكن تشير نتائج استطلاعات كثيرة إلى بعض انخفاض في نصيب حزب الحركة القومية. وعلى العكس، توضح نفس الاستطلاعات وجود اتجاه تصاعدي بالنسبة إلى حزب العدالة والتنمية وحزب الشعب الجمهوري. وبينما كان الاستياء من الأحزاب الرئيسة يمثل أحد الأسباب الرئيسة لتحول الناخبين إلى الأحزاب التي تركز على الهوية، أدى عدم التأكد السياسي وتوقع عدم الاستقرار الاقتصادي الذي ظهر على السطح بصورة متزايدة منذ انتخابات 7 يونيو/حزيران إلى تحول الاتجاه ثانية إلى الأحزاب السياسية الرئيسة؛ حيث يُعتقد أنها تقدم صياغة أفضل لهذه الاهتمامات، مقارنة بشعبوية الأحزاب المدفوعة بالهوية.
البنود الجديدة على جدول الأعمال
1- عودة المسألة الكردية في شكل الصراع(4)
انخرطت تركيا وحزب العمال الكردستاني في القتال منذ 1984 عندما اندلع الصراع المسلح بين حزب العمال الكردستاني وتركيا لأول مرة. وبالرغم من مرور بعض فترات الهدوء، إلا أن هذا الصراع لم يخمد قط. ومع ذلك، بدا أن هناك بعض التغير والانفراج السياسي في النصف الأول من 2013، وذلك مع الإعلان عن عملية سلام بين تركيا وحزب العمال الكردستاني على أعلى المستويات(5). وفي الواقع، حافظ الطرفان على عملية السلام لمدة سنتين ونصف تقريبًا؛ حيث دخلت تركيا انتخابات 7 يونيو/حزيران في ظل عملية السلام، بالرغم من ضعفها وتوقفها. ورغم ما سبق، تبدد هدوء السنتين ونصف من وقف إطلاق النار، وذلك بعد قيام حزب العمال الكردستاني بقتل ضابطي شرطة في 22 يوليو/تموز 2015، حيث كانا قد اتُّهما بعلاقتهما بتفجيرات سروج التي نتجت عن تفجيرات انتحارية ضد مركز ثقافي كان مليئًا بنشطاء شباب من اليساريين والأكراد في 20 يوليو/تموز في مدينة سروج الكردية(6).
وجاء رد فعل تركيا على عملية قتل الضابطين سريعًا بقصف جوي على قواعد ومخابئ حزب العمال الكردستاني في شمال العراق. وتحولت هذه العملية سريعًا إلى صراع مفتوح بين حزب العمال الكردستاني وتركيا. ووصل عدد القتلى في هذا الصراع الأخير إلى الآلاف من الجانبين؛ وفي الواقع تدعي تركيا أن الخسائر التي تكبَّدها حزب العمال الكردستاني تصل إلى عشرات الآلاف. وعاد البُعد الأمني -أو مرحلة الصراع في القضية الكردية- ثانية ليسيطر على المشهد السياسي. واستخدم حزب العمال الكردستاني أساليبه القديمة وأضاف إليها أساليب جديدة. وكذلك لجأت الحكومة إلى الأساليب القديمة لتسوية القضية الكردية؛ حيث استخدمت آلاف الحراس القرويين أو الميليشيات الكردية لمواجهة حزب العمال الكردستاني، وأعلنت تطبيق قوانين حالة الطوارئ المؤقتة في بعض أجزاء الأقاليم الكردية في تركيا، ونقلت بعض سلطات المحافظين الذين عيَّنتهم الحكومة المدنية إلى الجيش، وكثَّفت حملتها العسكرية ضد حزب العمال الكردستاني، واستخدمت لغة تهدد بإعادة المعالجة الأمنية للقضية الكردية، ومن ثم تبديد أحد أهم الإنجازات جزئيًّا(7).
وعلى العكس، شنَّ حزب العمال الكردستاني حملة دموية ضد الضباط العاملين وضد الضباط المتقاعدين أيضًا؛ حيث كان يحاول تقليد استراتيجية المنظمة الشبيهة بهافي سوريا- “حزب الاتحاد الديمقراطي” (PYD) الساعي لتأسيس منطقة حكم ذاتي في الجزء الكردي من سوريا- وذلك بالسعي بالمثل إلى إقامة منطقة مماثلة في الجزء الكردي من تركيا. وفي الواقع حاول حزب العمال الكردستاني بقوة أن يؤسس مناطق حكم ذاتي في مناطق الأغلبية الكردية في تركيا منذ تجدد الصراع، ولكن بلا جدوى. وكان أوضح مثال على ذلك يتمثل في رغبة الحزب في تأسيس منطقة حكم ذاتي في مدينة جزيرة ابن عمر، وهي مدينة كردية على الحدود السورية. ولكن الحكومة استجابت لذلك بفرض حظر تجوال في المدينة. وحصدت الصدامات المستمرة أرواح العديد من المقاتلين والمدنيين، وكان كل طرف يدعي مسؤولية الطرف الآخر عن قتل المدنيين(8).
ونتيجة للعمليات العسكرية لحزب العمال الكردستاني، اندلعت موجات من الاحتجاجات ضد هذا الحزب في أرجاء البلاد. وسرعان ما تحولت هذه الاحتجاجات إلى هجمات غوغائية ضد الأكراد؛ حيث طالت الهجمات الأكراد المسالمين، والمحلات التي يملكها الأكراد، واندلعت فيها النيران، كما طالت الهجمات فروع حزب الشعوب الديمقراطي في أنحاء البلاد، باستثناء مناطق الأغلبية الكردية في تركيا(9). وأدى تحول الأحداث على هذا النحو إلى تزايد الإحساس بالتضامن المجتمعي بين الأكراد وزيادة تضامن الناخبين الأكراد، بمن في ذلك الأكراد المتدينون الذين صوَّتوا سابقًا لصالح حزب العدالة والتنمية، والذين غيَّروا اتجاه أصواتهم لسبب أو آخر لصالح حزب الشعوب الديمقراطي في انتخابات 7 يونيو/حزيران. ومن المستبعد أن يستعيد حزب العدالة والتنمية أصوات الأكراد التي فقدها لصالح حزب الشعوب الديمقراطي في انتخابات 7 يونيو/حزيران.
2- تصاعد الإرهاب السياسي والجدل حول “القصور الأمني” في تركيا
لا يُعتبر العنف السياسي غريبًا على تركيا؛ ففي الواقع، كانت تركيا تعاني منه لعقود. وبغضِّ النظر عن الحرب بين حزب العمال الكردستاني وتركيا، في 1960-1970، كان العنف السياسي الذي يثيره الجناحان اليساري واليميني يسيطر على المشهد السياسي التركي. وفي الوقت الحاضر تعاني تركيا من شكل جديد من العنف السياسي والإرهاب؛ حيث تفرض هذه الأنشطة الإرهابية -التي تمثل نتيجة مباشرة للأزمة السورية -تحديات أمنية فريدة على تركيا، وتطرح مجموعة من القضايا الجديدة التي تحتاج إلى إجابة؛ إذ إن توقيت هذه الأعمال الإرهابية، وأغراضها وأهدافها غير المعلنة، ونطاقها، يلقي الضوء على طبيعة التهديدات والتحديات التي تواجهها تركيا.
وكانت تركيا هدفًا لثلاثة أنشطة “إرهابية” كبرى في أقل من ستة أشهر، والتي يعتقد أنها من أعمال تنظيم الدولة؛ حيث استهدف العمل الأول تجمعًا انتخابيًّا للحزب الديمقراطي الشعبي الموالي للأكراد، والذي جرى في أكبر مدينة كردية، ديار بكر، في 5 يونيو/حزيران، أي قبل الانتخابات العامة في 7 يونيو/حزيران 2015 مباشرة. حيث أدى هذا الهجوم إلى مقتل شخصين وإصابة المئات(10). واستهدف الهجوم الثاني مركزًا ثقافيًّا كان يستضيف لقاء لنشطاء أكراد ويساريين كانوا يناقشون إعادة بناء مدينة كوباني الكردية في شمال سوريا، والتي عانت حصار تنظيم الدولة لأكثر من خمسة أشهر وعانت الكثير من الدمار نتيجة لذلك -وذلك في مدينة سروج ذات الأغلبية الكردية في 20 يوليو/تموز 2015(11). حيث أدى هذا الهجوم إلى مقتل ثلاثين شخصًا على الأقل، وجرح أكثر من مائة شخص. ووقع الهجوم الثالث في وسط أنقرة في 10 أكتوبر/تشرين الأول 2015؛ حيث استهدف مسيرة سلمية نظَّمتها جماعات كردية ويسارية، حيث قتل الانفجار 102 وجرح حوالي 300 شخص، طبقًا لبيان رسمي(12). وكان هذا أسوأ هجوم مسلح في التاريخ السياسي التركي. وهناك بعض الملامح المشتركة بين هذه الهجمات الثلاثة:
أولًا: وكما ذكرنا سلفًا، يُعتقد أن كل هذه الهجمات “الإرهابية” نفذها تنظيم الدولة. وكذلك فإن المعارك الشرسة بين الأكراد وتنظيم الدولة في العراق وسوريا، والعلاقات الأيديولوجية/التنظيمية بين الجماعات الكردية الرئيسة في سوريا، وحزب الاتحاد الديمقراطي في تركيا، وحزب العمال الكردستاني، وانضمام تركيا إلى التحالف ضد تنظيم الدولة، وإبرام اتفاق مع الولايات المتحدة يسمح لها باستخدام القواعد العسكرية التركية لشنِّ عمليات ضد داعش في سوريا، يبدو أنها تمثل العوامل الدافعة لقيام تنظيم الدولة بشن موجة من الهجمات ضد الأكراد في تركيا.
وثانيًا: كان كل هذه الهجمات يستهدف الحركة الكردية، وكان الهجومان الأخيران يشملان الجماعات اليسارية.
وثالثًا: كان كل هذه الهجمات يعتبر نتيجة للحرب الأهلية السورية، باعتبار أن تنظيم الدولة هو الذي اقترفها. وفي الواقع، أسرع منتقدو الحكومة بتصوير هذه الهجمات على أنها نتيجة موقف الحكومة من “سياسة سوريا غير المدروسة”(13) ومساندتها السابقة المزعومة للإسلاميين، بما فيهم تنظيم الدولة. وفي هذا الصدد، يمكن القول: إن تطويع سياسة تركيا تجاه سوريا بصفة خاصة، وتجاه الشرق الأوسط بصفة عامة، كان يمثِّل هدفًا آخر لهذه الهجمات.
ورابعًا: كان لهذه الهجمات توقيت حساس بالنسبة إلى مواعيد الانتخابات، ومن ثم فإنها كانت تهدف إلى التأثير على نتائج الانتخابات.
وخامسًا: ونتيجة للنقطة السابقة، فبعد كل هذه الهجمات كان هناك جدل كبير يدور حول “القصور الأمني” في تركيا؛ حيث تدَّعي المعارضة أن الحكومة التي يقودها حزب العدالة والتنمية كانت عاجزة عن حماية الشعب من سلسلة من الهجمات “الإرهابية” الكبيرة، ومن ثم فقد كان واضحًا أن هناك “قصورًا أمنيًّا” في تركيا. ومن خلال تفصيل هذه الحُجَّة بقدر أكبر، تقول المعارضة: إن هذه الهجمات أظهرت أن حزب العدالة والتنمية لم يعد قادرًا على الحكم كما كان من قبل. بل إن حزب الشعوب الديمقراطي الموالي للأكراد استرسل أكثر وادَّعى أن حقيقة أن تنظيم الدولة يستطيع شنَّ سلسلة من الهجمات بهذا الحجم في مثل هذه الفترة القصيرة بدون قدرة الخدمات الأمنية على مواجهتها يشهد على حقيقة أن لدى تنظيم الدولة بعض صلات إمَّا مع الحكومة التركية أو مع الجهات الأمنية.
وتحاول المعارضة تحقيق عدة أهداف باستغلال هذه الهجمات:
أولًا: ومن خلال التركيز على حُجَّة “القصور الأمني”، تهدف المعارضة إلى إضعاف مصداقية قوة حكم العدالة والتنمية التي كانت من العوامل الرئيسة لاستمرار نجاحه الانتخابي لمدة 13 سنة.
وثانيًا: كانت إحدى الأفكار الخطيرة التي استُخدمت في أعقاب الهجمات تتمثل في اتهام الدولة، بطريقة أو بأخرى، بأنها مسؤولة عن هذه الهجمات على “الشعب”. حيث يساوي هذا الخطاب بين الدولة والحزب، ومن ثم فإنه يتهم الحزب “الحاكم للدولة” بصورة غير مباشرة بأنه يفتعل هذه الهجمات الدموية ضد “الشعب” ليزيد من نصيبه الانتخابي. وما لم يتم الرد بقوة العقل والحجة، فإن هذا القول يمكن أن يؤثر على الحالة النفسية للمجتمع التركي المنقسم أصلًا. وثالثًا: عندما يقوم الحزب الموالي للأكراد باتهام الحكومة ضمنًا إمَّا بالمساعدة أو التغاضي عن هذه الهجمات، فإنه يحاول أن يتجنَّب حدوث أي تغير في عقلية الأكراد المتدينين (من المصوِّتين سابقًا لحزب الحرية والعدالة) ليصب الأمر في الانتخابات القادمة لصالح حزب العدالة والتنمية. وإجمالًا، فإن هذه الهجمات الإرهابية أضافت مدخلات جديدة في الجدل السياسي حول الانتخابات القادمة.
3- النظام المالي في مواجهة اقتصاديات الانتخابات
عند تحليل نتائج انتخابات 7 يونيو/حزيران، أشارت قيادة حزب العدالة والتنمية إلى حصافتها الاقتصادية وضبطها لبرنامج النظام المالي، الذي لم تقدم فيه أية عروض اقتصادية مجتمعية لمختلف أقسام المجتمع؛ مما يُعتبر أحد العوامل التي أسهمت في تراجع نتيجة الحزب في الانتخابات. فقبل هذه الانتخابات -وبينما كانت أحزاب المعارضة تعرض على الناخبين عروضًا اقتصادية سخية، وربما تكون غير قابلة للاستمرار، تتراوح من زيادة رواتب أصحاب المعاشات إلى زيادة الحد الأدنى للأجور- التزم حزب العدالة والتنمية بسياسته المالية ولم يقدِّم أيًّا من هذه العروض. وهذا لم يُعجب جزءًا من الناخبين. وإن كان حزب العدالة والتنمية قد تبنَّى اقتصاديات الانتخابات في هذه التجربة أيضًا(14)؛ فقد تعهد بزيادة في رواتب مجموعات معينة من الموظفين وأصحاب المعاشات. وزيادة الحد الأدنى للأجر الشهري إلى 1300 ليرة تركية شهريًّا. وبإضافة 1200 ليرة تركية سنويًّا إلى دخول كل أصحاب المعاشات(15). ويتمثل أهم هذه التعهدات في تشغيل المزيد من الأفراد في بعض الوظائف العامة. ومع ذلك، يتبقى لنا أن نرى ما إذا كانت اقتصاديات الانتخابات هذه -على عكس النظام المالي الذي كان قائمًا قبل انتخابات 7 يونيو/حزيران- ستنقذ الموقف الانتخابي لحزب العدالة والتنمية أم لا. فإذا كانت الانتخابات السابقة تمثِّل علامة فارقة، فإنها يجب أن تساعد حزب العدالة والتنمية على استعادة بعض الأصوات التي فقدها، بالرغم من أن مستوى هذه الاستعادة يمكن أن يكون هامشيًّا.
4- عامل الشباب
كلما تزايد اعتبار أن حزب العدالة والتنمية هو حزب الدولة، وكلما زاد اعتبار أن قادته يستخدمون لغة متعالية، انخفضت جاذبيته للشباب. وفي الواقع، تراجعت شعبية حزب العدالة والتنمية بين الشباب كثيرًا. وقد اعترف قادة الحزب بهذا، بل إن رئيس الوزراء، أحمد داود أوغلو، اعتبر هذا الاتجاه سببًا للقلق الشديد من جانبه. ففي الانتخابات الأخيرة، حصل حزب العدالة والتنمية على أقل قدر من أصوات الناخبين الجدد طبقًا لمؤسسات استطلاع الرأي، من بين الأحزاب الأربعة الرئيسة الممثلة في البرلمان. ومع وضع هذا في الاعتبار، كان حزب العدالة والتنمية يجاهد من أجل تغيير هذا الاتجاه؛ ففي البيان الانتخابي، وفي خطابات رئيس الحزب داود أوغلو، كان حزب العدالة والتنمية يخصص جزءًا كبيرًا من جهده للتودد للشباب؛ فكان يقدم وعودًا اجتماعية اقتصادية عديدة للشباب. فمثلًا، كان يتعهد بتقديم إعانة زواج (مالية)، وتوفير المدن الجامعية لكل الطلاب الذين يحتاجونها، والوصول إلى الإنترنت مجانًا، والحصول على الرعاية الصحية مجانًا، وتقديم معونات تصل إلى 50 ألف ليرة تركية كدفعة أولى لمن يريد بداية مشروعه الخاص، وغير ذلك(16).
وكان الحزب -وخاصة رئيس الوزراء وفرع شباب الحزب- يحاول أن يستخدم وسائل التواصل الاجتماعي بصورة أكبر للوصول إلى الناس؛ فمثلًا، وبالإضافة إلى التجمعات الانتخابية والظهور في التليفزيون، كان داود أوغلو يستغل جلسة “فيسبوك” يحاول أن يتفاعل من خلالها مع الشباب، ويتشارك معهم في رؤية حزب العدالة والتنمية للشباب، والاستجابة لتساؤلاتهم واهتماماتهم.
5- الغياب الواضح للجدل حول النظام الرئاسي
قبل انتخابات 7 يونيو/حزيران، كان هناك جدل كبير يدور في تركيا حول ما إذا كان يجب الحفاظ على النظام السياسي البرلماني، أو تغييره إلى نظام الرئاسة التنفيذية (الرئيس المنتخب)، وذلك كما يرى حزب العدالة والتنمية وخاصة الرئيس أردوغان؛ حيث تشكِّل الرئاسة الموضوع الأهم لدى كل الأحزاب السياسية تقريبًا، فبينما يدَّعي حزب العدالة والتنمية الحاكم أن تركيا تحتاج إلى تغيير نظامها السياسي من النظام البرلماني إلى نظام الرئاسة التنفيذية، يرفض كل أحزاب المعارضة الأخرى هذا التغيير. حيث تدعي أن هذا التغيير يهدف إلى تمهيد الطريق لحكم الرجل الواحد للبلاد، أي حكم أردوغان، وهو ما سيجعل الحكم استبداديًّا حتمًا. وفي هذا الصدد، يمكن تصوير انتخابات 7 يونيو/حزيران على أنها اقتراع على النظام السياسي، أي النظام الرئاسي. حيث كانت خسارة حزب العدالة والتنمية لحكومة الحزب الواحد تعتبر إلى حدٍّ ما بمثابة رفض شعبي لتغيير النظام السياسي. ومع وجود هذه الصورة في الخلفية، أسقط حزب العدالة والتنمية فكرة الرئاسة كفكرة رئيسة لانتخابات الإعادة في أول نوفمبر/تشرين الثاني. وبدلًا من ذلك، أصبح الحزب يركِّز على الاستقرار السياسي وانعدام اليقين الاقتصادي الذي سيبدأ بمجرد عودة حقبة الحكومة الائتلافية غير المستقرة إلى تركيا. ومن ثم أصبح حزب العدالة والتنمية يركز على فكرة “الاستقرار”، و”الازدهار الاقتصادي”، و”الاستقرار السياسي” في هذه الانتخابات.
وفي هذا الصدد، لا تعتبر هذه الانتخابات استفتاء على النظام الرئاسي وأردوغان، بل تتمثل القضية الرئيسة في هذه الانتخابات فيما إذا كانت تركيا يجب أن تستمر في حكم الحزب الواحد، حزب العدالة والتنمية، أو تشكل حكومة ائتلافية بقيادة حزب العدالة والتنمية.
6- ما الكتل التصويتية الجديدة التي تستهدفها الأحزاب؟
نظرًا لأن الأحزاب، وخاصة حزب العدالة والتنمية الحاكم، اختارت إعادة الانتخابات بدلًا من تشكيل حكومة ائتلافية، يجب أن نتساءل عن النتيجة المختلفة التي تتوقعها هذه الأحزاب. وثانيًا: ما الكتل التصويتية الجديدة التي تتطلع إليها لتدعيم أوضاعها الانتخابية؟ حيث يبدو أن حزب العدالة والتنمية يأمل في أنه سيزيد أصواته بالتطلع أساسًا إلى ثلاث فئات من الناخبين: الناخبين الذين لم يذهبوا للتصويت في انتخابات 7 يونيو/حزيران لسبب أو لآخر (حيث يرى الحزب أن نسبة أكبر من أنصاره لم يصوِّتوا في هذه الانتخابات)؛ الناخبين الذين يخشون من مستقبل الحكومات الائتلافية غير المستقرة وعدم الاستقرار السياسي وانعدام اليقين الاقتصادي؛ والناخبين أنصار حزب العدالة والتنمية الذين صوَّتوا سابقًا لصالح حزب الشعوب الديمقراطي في انتخابات 7 يونيو/حزيران، والذين انخدعوا في ذلك الحزب وأداء قائده منذ ذلك الوقت. وبالرغم من أن حزب العدالة والتنمية فقد أكبر جزء من أصواته لصالح ذلك الحزب الموالي للأكراد، إلا أن حظوظ الحزب قليلة في استعادة هذه الأصوات بسبب توقف عملية السلام وتكثيف الصراع بين حزب العمال الكردستاني وتركيا.
ويبدو أن أكبر حزب علماني معارض (حزب الشعب الديمقراطي) يستهدف مجموعتين رئيستين لدعم نتيجته الانتخابية في أول نوفمبر/تشرين الثاني:
أولًا: سيحاول استعادة بعض الأتراك الليبراليين واليساريين الذين صوَّتوا لصالح حزب الشعوب الديمقراطي لقتل الأمل في رئاسة أردوغان التنفيذية؛ حيث يعتقد أن هذه المجموعة تشكِّل من 1-2% من أصوات حزب الشعوب الديمقراطي، من بين نسبة الـ 13% التي حصل عليها الحزب.
وثانيًا: يهدف الحزب إلى التركيز على الأداء الضعيف لحزب الحركة القومية التركي، باللجوء إلى قاعدته الاجتماعية التي تميل إلى العلمانية. ولكن فرصته في اختراق جمهور حزب العدالة والتنمية كانت محدودة. وعلى العكس، كان كل من حزب الحركة القومية وحزب الشعوب الديمقراطي يجاهد للحفاظ على مستوى الدعم الذي حققاه في انتخابات 7 يونيو/حزيران، 16% و13% على التوالي. ولكي يتحقق ذلك، يحتاج الحزبان إلى التركيز على عملية السلام المتوقفة. فبينما يريد حزب الحركة القومية إثارة المشاعر القومية بإبراز كثافة العنف الناتج عن الصراع بين حزب العمال الكردستاني وتركيا، ويصوِّر العملية كلها على أنها خيانة، فإن حزب الشعوب الديمقراطي يلوم حزب العدالة والتنمية، وخاصة أردوغان، على توقف عملية السلام. بل ويصوِّر تركيا بقيادة حزب العدالة والتنمية على أنها عازمة على عدم السماح لأكراد سوريا بتأسيس منطقة حكم ذاتي لهم والقيام بدور أكبر في مستقبل سوريا. حيث يحاول هذا الحزب من خلال تبني هذه الاستراتيجية أن يضمن أن حزب العدالة والتنمية لن يستطيع استعادة بعض الأصوات الكردية التي فقدها لصالح حزب الشعوب الديمقراطي في انتخابات 7 يونيو/حزيران. وبينما كانت فكرة “إننا القوة الوحيدة القادرة على منع أردوغان من أن يصبح رئيسًا تنفيذيًّا لتركيا” إحدى الأفكار التي استخدمها حزب الشعوب الديمقراطي بقوة لجذب الليبراليين واليساريين قبل انتخابات 7 يونيو/حزيران، انخفضت قيمة واستخدام هذه الفكرة كثيرًا في هذه الانتخابات نظرًا لأن الجدل حول الرئاسة التنفيذية لم يعد في صدارة اهتمامات الانتخابات القادمة.
الخاتمة
تستعد تركيا في غضون أقل من خمسة أشهر للذهاب ثانية إلى صناديق الاقتراع في انتخابات مصيرية. وتعتبر الفترة الزمنية المتبقية قصيرة جدًّا بالنسبة إلى توقع حدوث تغير كبير في نتائج الانتخابات القادمة، بالمقارنة بنتائج انتخابات 7 يونيو/حزيران. ومع ذلك، فإن الهامش الذي يحتاجه حزب العدالة والتنمية الحاكم لتشكيل حكومة حزب واحد يعتبر صغيرًا نسبيًّا، حوالي 3%. وتسجِّل استطلاعات الرأي حدوث بعض الزيادة في أصوات حزب العدالة والتنمية. ولكن هذه الزيادة لم تصل بعد إلى المستوى المطلوب لحزب العدالة والتنمية لتحقيق الأغلبية البسيطة لتشكيل حكومة حزب واحد. وبغضِّ النظر عمَّا إذا كان حزب العدالة والتنمية سيحقق الأغلبية البسيطة، سيكون لدى تركيا حكومة، سواء كانت حكومة حزب واحد أم حكومة ائتلافية، في أعقاب انتخابات أول نوفمبر/تشرين الثاني. فلا يحتمل أن تلجأ تركيا إلى انتخابات أخرى قريبًا؛ ومن ثم فإن مسألة الحكومة يجب أن تُحسم. غير أن حسم مسألة الحكومة قد لا يعني حسم مسألة الحكم؛ وهذا هو التحدي الحقيقي الذي تحتاج تركيا إلى مواجهته في المستقبل.
______________________________
* غالب دالاي – باحث بمركز الجزيرة للدراسات
الهوامش
1- “Turkish PM’s coalition talks collapse as deadline approaches”, the Guardian, 18 August 2015, http://www.theguardian.com/world/2015/aug/18/turkish-pm-ahmet-davutoglu-coalition-talks-collapse (Accessed: 24 October 2015)
2- Position paper: Turkish government crisis makes early elections a reality, Al Jazeera Center for Studies, 20 August 2015.
3- “Turkey polls looms as coalition talks collapse”, BBC, 13 August 2015, http://www.bbc.com/news/world-europe-33905183 (Accessed: 24 October 2015)
4- Günter Seufert, “The Return of the Kurdish Question”, SWP Comments 38, August 2015
5- For a review of Kurdish peace process, see Mesut Yegen, “The Kurdish peace process: Genesis, Evolution and Prospects,” IstitutoAffarisInternazionali, May 2015, and Yilmaz Ensaroglu, “Turkey’s Kurdish Question and the Peace Process,” Insight Turkey, Vol. 15, No. 2 (Spring 2013), p. 7-17.
6- “Ankaraexplosions leave almost 100 dead – officials”, BBC, 10 October 2015, http://www.bbc.com/news/world-europe-34495161 (Accessed: 25 October 2015)
7- “?cisleriBakan?: 5 bin korucual?nacak”,IMCTV, 19 September 2015, http://www.imctv.com.tr/icisleri-bakani-5-bin-korucu-alinacak/ (Accessed: 25 October 2015)
8- MatthieuDelmas, “Devastation, unease in Cizre as Turkish officials renew curfew”, Middle East Eye, 13 September 2015, http://www.middleeasteye.net/news/siege-cizre-has-ended-1855976391#sthash.ViMpnaAl.dpuf (Accessed: 25 October 2015)
9- GalipDalay, “Militant nationalism threatens Turkey’s social fabric”, Al Jazeera, 14 September 2015, http://www.aljazeera.com/indepth/opinion/2015/09/militant-nationalism-threatens-turkey-social-fabric-150913110525084.html (Accessed: 25 October 2015)
10- “Explosions at Turkish political rally kills at least 2, injure 100”, CNN, 7 June 2015, http://edition.cnn.com/2015/06/05/asia/turkey-explosion/ (Accessed: 23 October 2015)
11- “Suruc massacre: At least 30 killed in Turkey border blast”, BBC, 20 July 2015, http://www.bbc.com/news/world-europe-33593615 (Accessed: 23 October 2015)
12- “Ankaraexplosions leave almost 100 dead – officials”, BBC, 10 October 2015, http://www.bbc.com/news/world-europe-34495161 (Accessed: 25 October 2015)
13- BehlulOzkan, “Turkey’s unwillingness to take on ISIS has come back to haunt it”, Huffington Post, 14 October 2015, http://www.huffingtonpost.com/behlal-azkan/turkeys-isis-haunt-it_b_8288444.html (Accessed: 24 October 2015)
14- “iste AK Parti’ninsecimvaatleri”, Milliyet, 05 October 2015 http://www.milliyet.com.tr/iste-ak-parti-nin-secim-vaatleri/siyaset/detay/2127105/default.htm (Accessed: 24 October 2015).
15- Ibid.
16- “iste AK Parti’ninsecimvaatleri”, Milliyet, 05 October 2015 http://www.milliyet.com.tr/iste-ak-parti-nin-secim-vaatleri/siyaset/detay
/2127105/default.htm (Accessed: 24 October 2015
مركز الجزيرة للدراسات