مع أول أيام الحرب الروسية على أوكرانيا في 24 فبراير/شباط الماضي، بدت في الأفق ملامح أزمة وقود، سببها الإقبال الكبير على المحطات قبل النزوح، وتراجع -أو حتى توقف- عمليات الإمداد إليها.
ونتيجة لهذا الواقع الجديد، قفزت أسعار الوقود سريعا، بنسبة وصلت إلى نحو 30-35%، قبل أن تتدخل الحكومة بقرار إلغاء بعض الرسوم، وخفض ضرائب القيمة المضافة، لتتراجع نسبة الارتفاع إلى نحو 10%.
ومع ذلك، حافظت بعض أنواع الوقود في المحطات على ارتفاع أسعارها، لندرتها حاليا، مثل الغاز الذي كانت وارداته تعتمد -بشكل رئيس- على المصادر البيلاروسية، قبل إغلاق الحدود.
بعض أنواع الوقود ستختفي
ولأن الإمدادات من روسيا وبيلاروسيا وعبر البحر الأسود توقفت تماما، أغلقت نحو نصف محطات الوقود في أوكرانيا، وبات على الأوكرانيين تقبل واقع جديد في هذا المجال.
يقول سيرغي كويون، الخبير في مجموعة “إيه-95” (A-95) الاستشارية المتخصصة في شؤون إمدادات وأسعار الوقود، “لن يكون لدينا بعد اليوم مصادر للحصول على البنزين من نوع ’إيه-92‘ (A-92)، فسيختفي تماما”.
وتابع “تدريجيا سيختفي أيضا الغاز من محطات الوقود، وبالتالي، عملية تحويل السيارات من البنزين الغالي إلى الغاز الرخيص أصبحت من الماضي”.
وأضاف موضحا “نستورد الآن البنزين والديزل من أوروبا، وليس لديهم بنزين من نوع إيه-92 استنادا إلى معاييرهم، كما أن كميات الغاز المستخدم للسيارات لديهم لا تكفي لتغطي حاجة السوق الأوكراني بالكامل”.
ومع ذلك، يرى كويون أن سوق الوقود مستقر في أوكرانيا، لأن وقود الديزل متوفر، وإغلاق نصف المحطات أفضل من انعدام الإمدادات.
قفزت أسعار الوقود سريعا في أوكرانيا بنسبة وصلت إلى نحو 30-35%، قبل أن تتدخل الحكومة (رويترز)
ضربات تنذر بالأسوأ
لكن آخرين لا يشاطرون كويون هذا الرأي، ويرون أن القادم -بدءا من أبريل/نيسان الجاري- سيكون أسواء، وسيشمل نقصا في الديزل أيضا.
يقول دميترو لوشكين رئيس شبكة محطات “برايم غروب” (Prime Group) “الحاجة إلى وقود الديزل ستتضاعف بدءا من أواسط أبريل/نيسان الجاري، مع بدء موسم الغراس، وإقبال الشركات الزراعية والفلاحين على هذا الوقود”.
وأشار في هذا السياق إلى أن تركيز الضربات الصاروخية الروسية مؤخرا على مستودعات تخزين الوقود في شتى أرجاء البلاد هدفه -إلى جانب قطع الإمدادات عن الجيش الأوكراني- تسريع عملية نفاد الوقود في السوق الأوكراني، وتنامي الحاجة إليه.
ولفت -في السياق ذاته- إلى أنه “شيئا فشيئا يحدث ذلك، فكثير من المحطات تقنن عمليات البيع، وهذا يعقد حياة السكان، ويخلق أزمات اقتصادية واجتماعية موازية”.
ما رأي السكان والسائقين؟
وتتفاوت آراء الناس العاديين في أوكرانيا إزاء أزمة الوقود الراهنة أو القادمة، بين من يخشون تداعياتها على جيوبهم والأسعار، وآخرين يعدونها امتحانا يجب تجاوزه.
في مدينة لفيف غربي أوكرانيا، التي تعد وضعها أفضل بكثير من غيرها في هذا الشأن، تقول السيدة لودميلا للجزيرة نت “ارتفاع أسعار الوقود يعني ارتفاع أسعار الخضار والفواكه والمواصلات والكهرباء والخدمات والتدفئة وكل شيء. الملايين فقدوا أعمالهم. وهذا مخيف”.
وللجزيرة نت، يقول سائق التاكسي أنتون “في بعض الأحيان، تكون مضطرا لقضاء وقت طويل أمام محطات الوقود عدة مرات في اليوم، فما بالك بمن يريد السفر مسافات طويلة”.
وفي ما يتعلق بغياب بعض أنواع الوقود، يقول أنتون “الاعتماد على بنزين إيه-92 يشمل مالكي السيارات القديمة أو الرخيصة، وهم كثر، لكن المشكلة الأكبر تكمن في تراجع إمدادات الغاز للسيارات، الذي تعتمد عليه نسبة تصل إلى 70% من السيارات الخاصة وحافلات النقل”.
وتابع “هذا صعب جدا بالنسبة لنا، لكنه اختبار مهم يجب أن نتجاوزه. نطالب العالم بوقف إمدادات النفط والغاز الروسي لوقف الحرب، ويجب أن نقول للمستجيبين إن إجبار الروس على وقف الحرب سيعيد الأمور إلى طبيعتها تدريجيا”.
المصدر : الجزيرة