منذ الإعلان عن رفض إسرائيل التعديلات اللبنانية لم تظهر أي إشارة جدية عن إمكان تعويم اتفاق ترسيم الحدود البحرية مع لبنان قبل موعد الانتخابات الإسرائيلية مطلع تشرين الثاني/نوفمبر المقبل، لا بل انتقلت الامور إلى تصعيد آخر وهو اجازة القيادة الأمنية الإسرائيلية لشركة “إنيرجي” بدء فحص إمكانية تشغيل حقل “كاريش” تمهيداً لبدء استخراج الغاز، وهذا أمر يتعارض مع المعادلة التي سبق ورفعها أمين عام حزب الله السيد حسن نصر الله حول “كاريش” من خلال قوله “إن المفاوضات إذا وصلت إلى خواتيم سلبية فـلن يستطيع أحد أن يستخرج ويبيع الغاز والنفط”، والتي قد يستحضرها في اطلالته الاعلامية مساء الثلاثاء.
واللافت في هذا السياق، ما أوردته صحيفة “يديعوت أحرنوت” من أن مجموعات “هاكر” مؤيدة لإيران تمكنت من تعطيل مواقع شركة “إنيرجي” ومسارات الغاز الإسرائيلية وبالتالي توقف عملية الضخ.
وكان لبنان استناداً إلى معلومات مواكبين لمفاوضات الترسيم قد تبلّغ مسبقاً من الجانب الأمريكي انه خلال الأيام المقبلة سيحصل ضخ عكسي للغاز من البر إلى البحر في إطار الاعمال التجريبية في حقل “كاريش” تجنباً لحصول أي رد فعل باعتبار ان إنتاج الغاز لم يبدأ بعد. واستكمل الوسيط الأمريكي آموس هوكشتاين اتصالاته مع الجانب اللبناني لمناقشة الرد الإسرائيلي على الملاحظات اللبنانية. ولفت دخول فرنسي على الخط التي اعلنت وزارة خارجيتها أنها “تساهم بنشاط في الوساطة الأمريكية الهادفة للتوصل إلى اتفاق بشأن الحدود البحرية بين لبنان وإسرائيل”. واعتبرت “أن الاتفاق سيعود بالنفع على البلدين وشعبيهما، كما من شأنه أن يسهم في استقرار وازدهار المنطقة”.
في هذا الاطار، نُقل عن وزير الدفاع الإسرائيلي بيني غانتس قوله “إن الكرة في ملعب الجانب اللبناني، وهناك احتمال للتوقيع على الاتفاق مع لبنان قريباً”، وفيما أعلن عن بدء الاختبار في “كاريش”، هدّد بأن “أي عمل تخريبي يقدم عليه حزب الله سيعود بالضرر على لبنان كله وأن الجيش الإسرائيلي مستعد لأي تصعيد”.
في الملف الرئاسي، لا شيء يوحي أيضاً بانتخاب رئيس جديد في جلسة 13 تشرين الأول/أكتوبر في حال توافر النصاب. وبعدما طالب البطريرك الماروني مار بشارة بطرس الراعي برئيس سيادي ووطني، بدا أن خطابه بدأ يتضح أكثر لناحية رفضه رئيس تسوية أو رئيساً غب الطلب، مؤكداً في عظته الاحد أنه “آن الأوان لكي ينكشف المرشح لرئاسة الجمهورية الفارض نفسه بشخصيته وخبرته وصلابته ووضوح رؤيته الإنقاذية وقدرته على تنفيذها”. وقال: “إذا انتخب مثل هذا الرئيس نال للحال ثقة الشعب والأسرة الدولية والعربية”.
وأضاف “الشعب ونحن لا نريد رئيس تسويات. البطريركية المارونية من جهتها لا توزع تأييدها للمرشحين، خلافاً لما يروّج البعض، إنما تدعم الرئيس الناجح بعد انتخابه، وبعد تبنيه الجدي والفعلي بنود الحل اللبناني برعاية دولية. نحن لم نشعر بأي إحراج مع جميع الذين أمّوا الصرح ويؤمونه مستطلعين رأينا. كما لم نشعر بأي إحراج في إجراء مناقشة صريحة مع هؤلاء جميعا. ما نصارحهم به هو سلوك الخط المستقيم حتى البلوغ إلى الإجماع على شخص الرئيس المميز بكل أبعاده. نعني الرئيس الذي يعبّر عن إرادة المجتمع اللبناني لا رئيساً يستأنس بالولاء للخارج. لم يعد لبنان يتحمل أنصاف الحلول وأنصاف الصداقات وأنصاف الرؤساء وأنصاف الحكومات ولا أنصاف الولاءات”. وختم الراعي: “هلموا، أيها النواب، وانتخبوا رئيساً نتمناه في جلسة 13 تشرين الأول المقبل، وليكن هذا التاريخ حداً فاصلاً بين مرحلة تعطيل الدولة ومرحلة بنائها. ثم وشكّلوا حكومة جامعة لا فئوية. حكومة الشعب لا حكومة حزب أو تحالف أو فئة تريد أن تهيمن على البلاد بالواسطة. فالشعب يرفض حكومة على قياس البعض كما يرفض رئيساً غب الطلب”.
تزامناً، واصل السفير السعودي وليد البخاري تحرّكه في محاولة للم شمل النواب السنّة، وزار النائب السابق عبد الرحيم مراد بعد جولة قادته إلى طرابلس والتقى في خلالها نوابها وفي طليعتهم النائب أشرف ريفي ورئيس “تيار الكرامة” فيصل كرامي والنواب كريم كبارة وطه ناجي ورامي فنج حيث اشار إلى “أن لبنان مقبل هذه المرحلة على استحقاق رئاسي ونؤكّد أهمية احترام المهل الدستورية، وحرصنا على استقرار لبنان يحتم علينا أن نحمل هذه المسؤولية المشتركة باتجاه لبنان”.
القدس العربي