برزت في الآونة الأخيرة تحركات لافتة للعميد طارق صالح عضو مجلس القيادة الرئاسي وقائد قوات المقاومة الوطنية في اليمن، الذي أجرى سلسلة من الزيارات الميدانية إلى عدد من المحافظات ركزت على ضرورة حشد الطاقات والتعاون مع قواته من أجل التصدي للتهديدات الحوثية.
عدن – تثير تحركات عضو مجلس القيادة الرئاسي اليمني العميد طارق صالح، وحشده للقبائل في المحافظات قلق المتمردين الحوثيين، لاسيما وأنهم سبق وتعرضوا لانتكاسات ميدانية قاسية على أيدي قوات المقاومة الوطنية التي يقودها ابن شقيق الرئيس الراحل علي عبدالله صالح.
ويرى متابعون للشأن اليمني أن تحركات العميد طارق صالح الأخيرة تندرج في سياق الاستعداد لمرحلة تصعيد منتظرة، في حال فشلت الجهود الدولية ولاسيما الأميركية المستمرة حتى اليوم من أجل تجديد الهدنة الإنسانية التي انقضت في أكتوبر الماضي، بعد تمديد في مناسبتين.
وأجرى العميد صالح خلال الأيام الأخيرة سلسلة من الزيارات الميدانية شملت محافظات الحديدة وتعز والضالع وعقد لقاءات مع مشايخ مناطق ومديريات تلك المحافظات، حيث ركزت تلك اللقاءات على وجوب التعاون مع قوات المقاومة المشتركة من أجل التصدي لتهديدات جماعة الحوثي.
المبعوث الأميركي الخاص تيم ليندركينغ سيتوجه إلى عمان والسعودية هذا الأسبوع لدعم جهود السلام في اليمن
وأكد عضو مجلس القيادة الرئاسي خلال زيارة إلى مديرية ذو باب المندب بمحافظة تعز أن المشايخ والوجهاء تقع على عاتقهم مسؤولية التعاون مع القوات المشتركة وقوات خفر السواحل لمواجهة كل الأخطار المحدقة بالمنطقة، خاصة وأن المخطط الإيراني “يريد أن يسخّر المنطقة، ويجعل باب المندب شبيهًا بمضيق هرمز، عبر ذراعه (ميليشيا الحوثي) التي تحاول الإضرار بأمن وسلامة الملاحة الدولية في باب المندب”.
وشدد صالح على ضرورة ردع كل من يتورط في عمليات التهريب لصالح ميليشيا الحوثي، مؤكدًا أن قوات خفر السواحل ومعها القوات المشتركة ستضرب بيد من حديد كل من تسول له نفسه العمل لصالح ميليشيا الحوثي والتعاون معها في تهريب الأسلحة والممنوعات أو تهديد أمن التجارة العالمية في باب المندب.
ودعا مشايخ وأعيان المديرية إلى التواصل مع أبناء المنطقة ممن لا يزالون في صفوف جماعة الحوثي، ليعودوا إلى قراهم مواطنين صالحين.
وأثارت تحركات العميد صالح حالة من القلق لدى المتمردين الحوثيين الذين راهنوا على انشغال المجلس الرئاسي في الخلافات التي عصفت بين أجنحته في الفترة الأخيرة، ولاسيما بين المجلس الانتقالي الجنوبي وحزب التجمع الوطني للإصلاح، الذراع السياسية لجماعة الإخوان في اليمن، لترتيب صفوفهم وشن هجمات استهدفت أساسا موانئ النفط.
ويرى المراقبون أن هناك توجها لدى التحالف العربي بقيادة المملكة العربية السعودية نحو المزيد من التمكين للعميد طارق صالح وقواته، لعدة اعتبارات أهمها أنه لم ينجذب إلى التجاذبات الحاصلة داخل المجلس، وحرص خلال الفترة الماضية على النأي بنفسه عن الصراعات الدائرة بين المجلس الانتقالي وحزب الإصلاح، فضلا عن كونه عنصر طمأنة للشماليين.
ويشير المراقبون إلى أن قوات العميد صالح أثبتت أيضا قدرات كبيرة في مواجهة الحوثيين في العديد من الجبهات، وهناك توجه نحو تعزيز هذه القوات، استعدادا لمرحلة قتال جديدة في حال فشلت جهود تجديد الهدنة.
ويلفت المراقبون إلى أنه من الواضح أن هناك تمشيا لتعزيز حضور قوات صالح لاسيما في المنافذ البحرية وفي المناطق الساحلية التي تخضع لسيطرة السلطة الشرعية، في ظل تهديدات الحوثيين باستهداف الملاحة الدولية.
ودشن العميد صالح قبل أيام المرحلة الثانية من تشغيل مطار المخا في المدينة الساحلية التي تقع غربي محافظة تعز (جنوب غرب اليمن).
واعتبر عضو مجلس الرئاسة اليمني أن مطار المخا الدولي سيفتح منفذا جديدا للجمهورية اليمنية مع العالم والإقليم. وقال صالح خلال حفل التدشين “نحن نفتتح بدعم من الإمارات العربية المتحدة بابا ومنفذا جديدا للجمهورية اليمنية التي فرض عليها الحوثي عزلة إقليمية ودولية بسبب انقلابه على الشرعية”.
ووفق ما نقلت وكالة “سبأ” الحكومية، تشمل المرحلة الثانية من مشروع مطار المخا إنشاء صالة للمسافرين وإقامة برج للمراقبة، وذلك لتنشيط حركة الملاحة الجوية عبر المطار، ليبدأ في استقبال المسافرين عبر الرحلات الجوية التجارية.
وتقع مدينة المخا على البحر الأحمر، وتتبع إداريا مدينة تعز التي تبعد عنها نحو مئة كيلومتر غربا. كما تبعد عن مضيق باب المندب 75 كيلومترا شمالا، والذي يعد أهم الممرات المائية في العالم، وتقع بالقرب من مدينة الحديدة التي يسيطر عليها المتمردون وتبعد عن مركزها 170 كيلومترا جنوبا.
وتخضع المدينة الساحلية لسيطرة قوات المقاومة الوطنية بمشاركة عدد من التشكيلات العسكرية الأخرى المنضوية تحت اسم القوات المشتركة.
وشكلت مدينة المخا أهمية خاصة بالنسبة إلى القوى الدولية التي تركز على حماية الملاحة الدولية وطرق الشحن من التهديدات المحتملة التي قد تطالها بسبب الحرب المستمرة في البلاد.
قوات العميد صالح أثبتت قدرات كبيرة في مواجهة الحوثيين في العديد من الجبهات، وهناك توجه نحو تعزيز هذه القوات، استعدادا لمرحلة قتال جديدة
وتعرضت مؤخرا موانئ في جنوب اليمن لهجمات من الحوثيين الذين هددوا بتوسيع نطاقها، الأمر الذي أثار قلقا دوليا ودفع الولايات المتحدة على ما يبدو إلى التحرك مجددا من أجل إقناع المتمردين بتجديد الهدنة.
وقالت وزارة الخارجية الأميركية في بيان الاثنين إن المبعوث الأميركي الخاص تيم ليندركينغ سيتوجه مجددا إلى سلطنة عمان والسعودية هذا الأسبوع لدعم جهود السلام في اليمن.
وأوضح بيان الخارجية الأميركية “في هذه اللحظة الحرجة، نذكر الحوثيين بأن اليمنيين يطالبون بالسلام وليس بالعودة إلى الحرب. وتحقيقا لهذه الغاية، ندعو الحوثيين إلى الوقف الفوري لهجماتهم على الموانئ اليمنية التي تعطل تدفق الإمدادات التي تشتد الحاجة إليها، وتعمق المعاناة في جميع أنحاء اليمن”.
وكان ليندركينغ زار الإمارات هذا الشهر فيما له صلة بالهدنة التي تدعمها الأمم المتحدة.
ويقول المراقبون إن الولايات المتحدة تبدو من خلال جولة مبعوثها الجديدة تراهن على أن تنزل عمان بثقلها لناحية إقناع الحوثيين بالعدول عن موقفهم المتشدد والجنوح للتهدئة.
ويعتقد المراقبون أن ليندركينغ سيحرص خلال زيارته لمسقط على إيصال رسالة إلى الحوثيين بأنهم يلعبون بالنار وأنهم سيحترقون بها في حال استمروا في تصعيدهم، حيث لن يكون هناك أي تساهل معهم في المستقبل.
وتبدو تحركات المبعوث الأميركي بمثابة الفرصة الأخيرة قبل تصعيد لن يكون كسابق الجولات الماضية، ويرجح أن يكون لقوات المقاومة الوطنية دور رئيسي فيه.
العرب