لندن- يستعد الإسرائيليون للرد على استهداف الحوثيين لتل أبيب بطائرة مسيرة الجمعة، وسط توقعات بأن يكون الرد انتقاميا وليس فقط رادعا لتجنب تكرار الهجوم كما تفعل بريطانيا والولايات المتحدة.
ويرجح محللون أن يكون الرد باستهداف قيادات حوثية، تماما كما تقوم إسرائيل منذ فترة باستهداف قيادات من حزب الله ردا على الضربات التي يوجهها الحزب إلى مواقع إسرائيلية على الحدود.
وتعهد وزير الدفاع الإسرائيلي يوآف غالانت بجعل الحوثيين “يدفعون ثمن” الهجوم بطائرة مسيّرة على تل أبيب الجمعة والذي أدى إلى مقتل شخص وإصابة آخرين.
وقال غالانت إنه أمر “بتعزيز أنظمة الدفاع الجوي” في اجتماع لقادة الجيش، مضيفا عبر حسابه في منصة إكس أن “النظام الأمني سيجعل كل من يحاول إيذاء دولة إسرائيل، أو يرسل الإرهاب ضدها، يدفع الثمن بطريقة حاسمة ومفاجئة”.
وذكرت وسائل إعلام إسرائيلية أن إسرائيل سترد على الهجوم الذي نفذه الحوثيون، دون استبعادها توجيه ضربة إلى الأراضي اليمنية. وأضاف مسؤول كبير (لم تتم تسميته) لموقع “واينت” الإخباري أن “إسرائيل سترد على الهجوم الذي نفذه الحوثيون بطائرة مسيرة”. وتابع “خيار الهجوم على الأراضي اليمنية مطروح على الطاولة”.
وعقد رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو مشاورات أمنية عبر الهاتف حول الهجوم. وقال مكتب نتنياهو في بيان “أنهى رئيس الوزراء تقييما هاتفيا للوضع الأمني بمشاركة رؤساء الأجهزة الأمنية”. ولم يفصح البيان عن حيثيات المشاورات ونتائجها.
وفجر الجمعة نفذت جماعة الحوثي اليمنية هجوما مفاجئا هو الأول من نوعه بمسيّرة مفخخة استهدفت تل أبيب. وأعلنت الجماعة على لسان متحدثها العسكري يحيى سريع أن تل أبيب “منطقة غير آمنة” وأنها ستكون “هدفا أساسيا لأسلحتها”.
واعتبر القيادي في الجماعة محمد الحوثي الهجوم بمثابة “نقلة نوعية” في الهجمات ضد إسرائيل، وأشاد على منصة إكس بـ”أبطال المسيرات اليمنية”.
وبحسب هيئة البث قُتل إسرائيلي وأصيب 10 آخرون في هجوم المسيرة التي سقطت على بعد مئات الأمتار من سفارة الولايات المتحدة في تل أبيب.
بدوره قال متحدث الجيش الإسرائيلي دانييل هاغاري إن المسيّرة إيرانية الصنع من طراز “صمد 3″، ويُعتقد أنها أطلقت من اليمن، فيما لم يصدر تعقيب فوري من الجانب الإيراني بشأن ادّعاء هاغاري.
ومنذ نوفمبر الماضي يشنّ الحوثيون المدعومون من إيران عشرات الهجمات بالصواريخ والمسيّرات على سفن تجارية في البحر الأحمر وبحر العرب يعتبرون أنها مرتبطة بإسرائيل أو متّجهة إلى موانئها، ويقولون إن ذلك يأتي دعما للفلسطينيين بقطاع غزة في ظل الحرب الدائرة فيه.
وخلال الأشهر الماضية أعلن الحوثيون عدة مرات استهداف مدينة إيلات ومينائها في إسرائيل، ضمن عمليات منفردة أو بالاشتراك مع فصائل عراقية، لكن هذه هي المرة الأولى التي يستهدفون فيها تل أبيب.
ويعمل الحوثيون على تطوير قدراتهم في مجال الطائرات المسيّرة منذ عام 2014، حين سيطروا على العاصمة اليمنية صنعاء.
وتشمل ترسانتهم، المصنوعة من معدات أو مكونات إيرانية، طائرات الاستطلاع والقتال والطائرات المسيّرة، وبعضها له قدرات بعيدة المدى، وفقًا لخبراء الدفاع.
ويقول الحوثيون إنهم يصنعون طائراتهم المسيّرة محليا، على الرغم من أن المحللين يقولون إنها تحتوي على مكونات إيرانية مهربة.
ورأى أندرياس كريج، المحلل العسكري والمحاضر البارز في الدراسات الأمنية بجامعة كينغز كوليدج في لندن، أنّ “الحوثيين لا يصنعون طائراتهم المسيّرة ولا يصنعون صواريخهم الخاصة. ولا شيء منها محلي الصنع”.
إدعاء الحوثيين أنهم طوروا طائرات مسيّرة يمكنها تفادي الدفاعات الصاروخية الإسرائيلية من المرجح أن يكون مجرد دعاية
وأفاد بأنّ الطائرات الحوثية المسيّرة “تم تجميعها كلها في اليمن لكنها تعتمد بالكامل على البنية التحتية الإيرانية والمخططات الإيرانية والتكنولوجيا الإيرانية”.
وقال توربيورن سولتفيت من شركة استخبارات المخاطر فيريسك مابلكروفت “ليس هناك شك في أن قدرات التنظيم آخذة في التحسن”.
وأضاف الخبير “لكن ادعاء الحوثيين أنهم طوروا طائرات مسيّرة يمكنها تفادي الدفاعات الصاروخية الإسرائيلية من المرجح أن يكون مجرد دعاية”.
ووفقا لفابيان هينز، خبير الصواريخ ومحلل الدفاع في المعهد الدولي للدراسات الإستراتيجية، لا تشكل هجمات الحوثيين بطائرات مسيّرة “تهديدا إستراتيجيا” لإسرائيل.
وقال هينز إن “الجغرافيا مهمة حقا هنا، والمسافة بين اليمن وإسرائيل طويلة جدا”. وأوضح أنه لكي يشكل الحوثيون تهديدا فعالا، سيتعين عليهم نشر طائرات مسيّرة كبيرة جدا وهو ما سيجعلها سهلة الاكتشاف بشكل أكبر وسيكون من الصعب عليهم أيضًا التغلب على الدفاعات بسرب من الطائرات المسيّرة من هذا المدى البعيد.
وذكر أنّ الحوثيين من المحتمل أن يكونوا قد حققوا “ضربة حظ، لكنني لست متأكدا من أنهم يستطيعون استخدام الطائرات المسيّرة لتشكيل تهديد إستراتيجي ضد إسرائيل”.
العرب