ما حدث، مؤخراً، من تصعيد عسكري خارج حدود الحرب الأوكرانية، تَمثل في هجوم إسرائيلي على منشآت عسكرية إيرانية، في مدينة أصفهان، يؤكد أن هناك إصراراً لا رجعة فيه على استهداف المنشآت العسكرية الإيرانية وتدميرها.
ثمة علامات على الطريق لا تخطئها العيون، خصوصاً بعد عودة بنيامين نتنياهو العازم على تدمير كل القدرات الإيرانية القتالية. فوصول نتنياهو إلى السلطة في تل أبيب، في الأسبوع الأخير من العام الماضي، على رأس ائتلاف حكومي يضم غلاة المتطرفين، يدلّ على أن مسألة الأمن القومي الإسرائيلي ستحظى بأولوية قصوى، وأن عدم تراجع إيران عن مواصلة برنامجها النووي من ناحية، رغم كل التحذيرات، يجعل، من ناحية أخرى، حرصها على مواصلة أهدافها التوسعية في المنطقة وما سبَّبته من اضطرابات في كثير من البلدان، هدفاً مشروعاً ليس فقط لإسرائيل، بل لعواصم غربية أخرى. وازداد الأمر سوءاً بتزويدها الجيش الروسي بمسيّرات تُستخدم في الهجمات على أوكرانيا.
العلامة الأخرى، أن الجهاز السرّي الإسرائيلي، المشهور باسم موساد، على ما يبدو واضحاً قد تغلغل في إيران، وتمكن من تأسيس قواعد سرّية، بكوادر مدرّبة، قادرة على الوصول إلى أهداف حيوية عدّة. وقد تمكنت عناصره، خلال السنوات الماضية، من سرقة الأرشيف النووي، واغتيال رئيس البرنامج النووي. وجاءت الضربة الأخيرة، في أصفهان، لتؤكد لقادة إيران أن عليهم التريث وإعادة مراجعة سياساتهم العدوانية في المنطقة وتحالفاتهم، قبل فوات الأوان.
بعض المحللين العرب والغربيين يميلون إلى أن الضربة العسكرية الإسرائيلية في أصفهان جاءت رداً على الهجوم الانتحاري خلال الأيام الماضية في مدينة القدس. صحة الاعتقاد من عدمها لا تنفي حقيقة أن الحرب في أوكرانيا دخلت مرحلة التصعيد، وأن نيرانها لم تعد محصورة بين الحدود الجغرافية الأوكرانية المتعارف عليها، خصوصاً أن إيران متورطة في هذه الحرب بما تقدمه من مسيّرات. وربما حدث هذا نتيجة تلك الزيارة المفاجئة التي قام بها الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، بعد انفجار فتيل الحرب، للعاصمة الإيرانية طهران. وبدا، وقتذاك، للمعلقين، في مختلف وسائل الإعلام الغربية، أن التحالف المفاجئ بين موسكو وطهران، ربما يشبه إلى حدٍّ كبير التحالف، غير المقدَّس، بين العدوّين التاريخيين النازية والشيوعية، بقيادة أدولف هتلر وجوزيف ستالين، خلال الحرب العالمية الثانية.
إيران تورِّط نفسها بنفسها، وتنظر إلى نفسها على أنها قوة ضاربة، وهذا سيجرُّ عليها الويلات.
الشرق الاوسط