المعركة ضد الاحتكار في تونس تطال رئيس غرفة المخابز

المعركة ضد الاحتكار في تونس تطال رئيس غرفة المخابز

تونس – اعتقلت الشرطة التونسية رئيس الغرفة الوطنية لأصحاب المخابز بعدما طلب الرئيس قيس سعيّد من السلطات المعنية تطبيق القانون على المتسبّبين في أزمة نقص الخبز في البلاد.

وتثير أزمة الخبز قلقا لدى التونسيين وتهدد أمنهم الغذائي، مع تواصل مشاهد الصفوف أمام المخابز، واستمرار فقدان عدد من المواد الاستهلاكية الأساسية على غرار السميد والدقيق والزيت النباتي المدعوم.

وأفادت وسائل إعلام محلية الخميس أنه تمّ توقيف محمد بوعنان “من أجل شبهات الاحتكار والمضاربة في السوق بمواد غذائية مدعمة وشبهات تبييض الأموال”، كما تقرّر الاحتفاظ بصاحب مخبزة وصاحب مطحنة.

وتشهد تونس منذ أسابيع أزمة خبز تفاقمت إثر احتجاجات نفّذها أصحاب المخابز بعد قرار سعيّد منع تزويدهم بالدقيق المدعوم. ويقف التونسيون في طوابير طويلة أمام المخابز للحصول على الرغيف.

والثلاثاء دعا الرئيس التونسي إلى “ضرورة تطبيق القانون على هؤلاء الذين يختلقون الأزمات كل يوم بغاية تأجيج الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية”. وكان سعيّد أقال قبل ذلك رئيس المؤسسة الحكومية المكلفة بإدارة عمليات جمع الحبوب وشرائها وتوزيعها في البلاد.

وأعلنت الرئاسة أنّ عمليات تفتيش نفّذت الأربعاء أسفرت عن حجز أكثر من 6500 طن من الحبوب ومشتقّاتها مخزّنة بشكل غير قانوني. وقال عمار ضية رئيس منظمة الدفاع عن المستهلك “نحن دائما نبحث عن مصلحة المستهلك ونحاول أن نتصدى لكل ما يهدد قوته، وأزمة الخبز أصبحت مخجلة ويكتنفها الكثير من الغموض”.

وأضاف لـ”العرب”، “اليوم نلاحظ أن هناك توجها من هذه الحكومة نحو محاصرة المحتكرين في مجال الحبوب ومشتقاتها، وهذا أمر محمود ونأمل أن تتواصل هذه الحملات وتكون هناك حرب حقيقية ضد الاحتكار والمضاربة وخاصة المواد المدعّمة”.

وتابع ضيّة “لا بد من وقفة حازمة ضد ممارسات التلاعب والاحتكار وخصوصا محاولات الإثراء على حساب الغير”. ويؤكد خبراء الاقتصاد أنّ تونس تواجه مشكلة في سداد قيمة المواد الاستهلاكية التي تستوردها من الخارج بسبب الأزمة المالية التي تعاني منها الموازنة العامة.

وأفادت صحيفة “الشعب نيوز” التابعة للاتحاد العام التونسي للشغل أنّ 8 بواخر محملة بالحبوب تنتظر منذ نحو أسبوعين في ميناء محافظة صفاقس (جنوب) الحصول على ثمن الشحنات لتفريغها.

وكانت وزارة الفلاحة أعلنت في وقت سابق أن محصول البلاد من القمح تراجع هذا العام بـ60 في المئة إلى 250 ألف طن بسبب الجفاف. وقال المحلل السياسي نبيل الرابحي “هذه خطوة متأخرة نوعا ما ولكن أفضل من عدمها، والرئيس قيس سعيد أعلن حربا على الكرتلات”.

وصرّح لـ”العرب”، “هناك مضاربة في السوق وقيمة الاستهلاك السنوي من القمح الصلب والليّن في تونس تقدر بـ42 مليون قنطار، واليوم نلاحظ أن كميات الحبوب المستوردة هي نفسها لكن هناك نقص في الإنتاج في المخابز، فضلا عن تحويل وجهة الدقيق المدعم”.

وأردف الرابحي “من غير المعقول التلاعب بقوت التونسيين، وأعتقد أن الإجراء الأخير بمنع المخابز غير المصنفة من استعمال الدقيق المدعم إجراء فعّال”. وتتفاوض تونس مع صندوق النقد الدولي من أجل الحصول على تمويل جديد لسدّ عجز الموازنة العامة.

وكان الصندوق أعطى ضوءاً أخضر أول لتونس في أكتوبر الماضي بإعلان موافقة مبدئية على منحها هذا القرض. لكن منذ ذلك الحين تعثرت المفاوضات حول هذا القرض البالغة قيمته 1.9 مليار دولار وتوقفت المشاورات بين الطرفين منذ نهاية العام 2022.

ويرفض سعيّد ما يعتبره “إملاءات” الصندوق، خصوصا في ما يتعلق برفع الدعم عن بعض المواد الاستهلاكية الأساسية، ويرى فيها “تهديداً للسلم الاجتماعي” في البلاد.

ومادة الخبز تستهلك على نطاق واسع في تونس، لكن معدلات تبذيرها كبيرة، حيث تشير تقارير المعهد التونسي للاستهلاك إلى أن نحو 900 ألف قطعة خبز تلقى في سلة المهملات، وتصل كلفة الهدر باستهلاك الخبز إلى 100 مليون دينار (33 مليون دولار) في العام.

العرب